لقد كانت منطقة الجنوب السوري ضمن اتفاقيات خفض التصعيد باتفاق أمريكي حيث أسفرت مباحثات واسعة بدأت في أيار 2017 في العاصمة الأردنية عمان بين كل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الروسي والأردن عن التوصل لاتفاق حول خفض التصعيد في الجنوب السوري، والتي أعلن عنها الرئيسان الأمريكي والروسي على هامش قمة الدول العشرين لكبرى الاقتصاديات في العالم والتي عقدت في مدينة هامبورغ الألمانية بالتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب السوري يشمل محافظات درعا – القنيطرة والسويداء على ان يدخل حيّز التنفيذ في الساعة 12:00 من يوم الأحد في 9 تموز 2017 وقد نص اتفاق الجنوب السوري على وقف إطلاق النار بين الأطراف المتنازعة النظام السوري وحلفائه من جهة والمعارضة المسلحة من جهة اخرى والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى هذه المناطق على ان يقع أمن هذه المناطق على القوات الروسية بالتعاون والتنسيق مع امريكا والأردن.
اذن: ما الذي جرى حتى شن النظام السوري الحرب على محافظة درعا؟ هل قرر بنفسه إلغاء منطقة خفض التصعيد التي هي اتفاقية دول عظمى ؟ وهل يتجرأ النظام على ذلك؟ اذا لم يحصل على ضوء اخضر من الدول الراعية او الضامنة لخفض التصعيد في الجنوب.
لقد جاء الجواب واضحا من امريكا التي أعلنت ان على فصائل الجنوب ان تقرر بنفسها ما ستفعله، ولا تتوقع استعمال المساندة العسكرية من قبل امريكا. وفِي المقابل شاركت روسيا الراعي الثاني بقوة في الغارات الجوية على محافظة حوران مهد الثورة السورية مستهدفة الفصائل المسلحة التي وافقت على خفض التصعيد
اذن: لماذا قرر راعيا اتفاقية خفض التصعيد في الجنوب إنهاءها ؟
وماهي الدلالات السياسية لها؟
١-بعد زيارة رئيس النظام السوري الى روسيا(والاصح استدعائه من قبل الروس ) ومطالبة السيد بوتين له بضرورة اخراج القوات الايرانية، وكان رد رئيس النظام في تصريح خاص فيما بعد انه لا يوجد في سوريا قوات ايرانية وانما هناك ضباط ايرانيون للاستشارة، وبالتالي أنكر النظام السوري وجود قوات ايرانية أصلا حتى يعمل على اخراجها.
٢- بالنسبة لروسيا فان التواجد الايراني بات يشكل عبئا سياسيا عليها بعد الان ومنافسا لها في المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام حيث تتضارب مصالح الدولتين في العديد من القضايا سواء لجهة النفوذ على النظام السوري وقراراته او المصالح الاقتصادية خاصة بعد ضمان روسيا مصالحها بضوء اخضر أمريكي، والتي قد تكون تقسيم مناطق النفوذ او المصالح على اجندة رئيسي الدولتين في لقاءهما المقبل.
٣- تبدل الاولويات لدى الولايات المتحدة الامريكية في سوريا وباتت الاولوية هي هزيمة داعش والارهاب اولا، ومن ثم تحجيم النفوذ الايراني في المنطقة بدءا من سوريا والسعي لإخراج القوات الايرانية من سوريا، وبالتالي تتقاطع المصالح الامريكية الروسية في هذه النقطة تحديدا (تحجيم النفوذ الايراني واخراجها من سوريا)
ولكن ثمة اسئلة تطرح نفسها:
كيف السبيل لتحجيم النفوذ الايراني واخراجها من سوريا؟
هل باستعمال القوة العسكرية ام الاقناع السياسي؟ ام الضغط على النظام للمطالبة بإخراج القوات الايرانية؟
نعتقد جازمين ان النظام السوري لن يتجرأ على مطالبة ايران بإخراج قواتها من سوريا لان ذلك قد تكلفه نظامه وحياته، فالنظام الايراني لم يعد مجرد تواجد عسكري في مناطق محددة في سوريا وانما تغلغل بقوة في كافة المؤسسات التابعة للنظام، ولم يعد ممكنا إخراجه منها
ولن يكون هناك حل عسكري أمريكي او أمريكي روسي مشترك ضد القوات الايرانية بشكل يجبرها على الخروج من سوريا.
ان أقصى ما يمكن حدوثه هي الضربات العسكرية الإسرائيلية لابعاد القوات الايرانية عن حدودها عدا ذلك فان القوات الايرانية قد تلجأ لمئة حيلة للبقاء في سوريا منها الانخراط بين قوات النظام وارتداء زيه العسكري، وبالتالي تعظيم نفوذه وسيطرته حتى على مقاليد الجيش السوري بصورة مباشرة
الامر الذي يؤكد ان الحيلة قد انطلت على الادارة الامريكية التي تنازلت عن حماية الجنوب مقابل اخراج القوات الايرانية
ولكن النتيجة تعزيز الدور الايراني على حساب الشعب السوري وثورته، وبالتالي تعزيز دور النظام وسلطته وخسارة امريكا في هذه الاتفاقية وفقدانها للكثير من مصداقيتها
2-7-2018