حمص – أحمد عليان
موقع تلفزيون سوريا:29/11/2020
لم يشهد ريف حمص الشمالي الذي دخلته قوات النظام في أيّار من العام 2018 بموجب تسوية رعتها موسكو، أحداثاً خارج إطار التوترات الأمنية وتبعاتها، إلى أن سجّلت المنطقة المسيطر عليها من قبل النظام قصفاً جوياً، ذكّر بما قبل التسوية، وببنودها “المخترقة”، وأعاد للأذهان مجازر ارتكبت في المنطقة إبان حصارها من قبل النظام على مدار سنوات سابقة.
ويعد القصف المفاجئ الذي وقع مؤخّرا في أراضٍ زراعية تابعة لمدينة تلبيسة شمالي حمص، هو الأول منذ توقيع التسوية التي هُجّر بموجبها بعض مقاتلي الفصائل والمدنيين ممن رفضوا مصالحة النظام إلى الشمال السوري، أمّا من تبقّى منهم فقد انخرطوا ضمن قوات الأخير، أو عادوا إلى حياة المدنية.زيتون مغمّس بالدماءشنّت مروحية عسكرية كانت ضمن سرب من 4 مروحيات تابعة لقوات النظام، غارة بـ 4 صواريخ، استهدفت عمالاً مدنيين أثناء عملهم ضمن ورشات قطاف الزيتون في مزارع السعن شرقي تلبيسة.
وأسفر القصف الذي وقع يوم الأربعاء في 18 تشرين الثاني، عن وقوع عدد من الإصابات بعضها خطيرة، بالإضافة إلى احتراق عدد من أشجار زيتون.وأفاد مصدر خاص لموقع تلفزيون سوريا، بأن 5 عمال أصيبوا بالقصف، بينهم حالة بتر لذراع امرأة، وحالة حرق من الدرجة المتوسّطة لطفل، فيما تنوّعت باقي الحالات بين الخفيفة والمتوسّطة.وفي حين ساد الغضب الشعبي في المنطقة الخاضعة للتسوية أصلاً، بدأت محاولات النظام تبرير ما جرى عبر ذرائع لم تقنع بعض الأهالي.”بلاغ كاذب”ونشر النظام في المنطقة ـ عبر قادة التسويات ومقرّبين من الفروع الأمنية ـ أخبارا لتهدئة نفوس الأهالي، وامتصاص الغضب السائد.
وبحسب رواية صادرة عن الفروع الأمنية فإنّ القصف سببه “بلاغ كاذب”، أفاد بوجود مجموعات مسلّحة مناهضة لقوات النظام في المنطقة، قبل أن يتبيّن أنّهم عمال ومزارعون.وانتشرت أنباء في الريف الشمالي لحمص تفيد بمحاسبة رئيس قسم الدراسات في الأمن العسكري المسمى “نوفل”، بسبب البلاغ الذي ادّعى وجود “مجموعة إرهابية” في المنطقة، إلّا أنّه لم يتسنَ لتلفزيون سوريا التأكد من صحّة هذه الأنباء الرائجة محليا.”سرايا 2011″.. تنظيم ثوري أم صراع أمني؟
وتعيش تلبيسة توتراً أمنياً متقطّعاً، ارتفعت وتيرته مؤخراً عقب توزيع منشورات ورقية موقعة باسم “سرايا 2011” يوم الـ 23 من تشرن الأول الفائت، تلاه هجوم مسلّح يوم الـ 17 من الشهر الجاري، استهدف مقراً لفرع أمن الدولة في المدينة.وحملت المنشورات الورقية المعنونة بـ “بدنا المعتقلين” حينها تهديدا صريحا باستهداف ميليشيات الدفاع الوطني والمفارز الأمنية في تلبيسة.
الهجوم الذي سجّل ضدّ مجهول بادئ الأمر، تبنّته “سرايا 2011″، لكنّ مصادر شكّكت في هوية المجموعة التي رفعت اسماً يرمز إلى تجدد الثورة التي كانت قد انطلقت عام 2011.
وقالت المجموعة عبر قناتها في التلغرام، إنّها استهدفت المقر بعبوات متفجرة، ما أسفر عن سقوط جرحى، لتؤكد في البيان أنّ العملية جاءت لمنع قيام مهرجان بعثي احتفالي كان النظام سيقيمه في المنطقة.وفي أعقاب الهجوم جاء رئيس فرع أمن الدولة في حمص، العميد مدين ندّة، إلى تلبيسة، حيث اجتمع بوجهاء المنطقة، داعيا إلى التهدئة، وعدم استهداف عناصره وتحويل المنطقة إلى “بؤرة توتر”.
مصادر خاصّة لموقع تلفزيون سوريا من ريف حمص الشمالي، شكّكت بهوية المجموعة التي كان وجودها المزعوم في مزارع السعن سبباً للقصف الجوي، مشيرة إلى وجود نزاع بين الفروع الأمنية للتفرّد بإدارة المنطقة.ووفقا لمصادر طلبت عدم الكشف عن هويتها لأسباب أمنية، فإنّ المنطقة تخضع لهيمنة الأمن العسكري، فيما يحاول أمن الدولة سحب النفوذ لصالحه، وهو ما يقاومه الأول، مشيرة إلى حالة الاستياء الشعبي من ممارسات الأمن العسكري خاصة بملف المعتقلين.
وفي حين شكّك البعض بهوية “السرايا”، واعتبار أنّها حلقة من سلسلة عنوانها “الصراع بين الفروع الأمنية”، على غرار ما يدور في درعا على حد وصفهم؛ أعرب مواطنون رصد موقع تلفزيون سوريا آرائهم، عن آمالهم بأن تكون المجموعة المجهولة “يداً ثورية تجبر النظام على الانصياع لمطالب الأهالي، وتكبح انتهاكات فروعه الأمنية في المنطقة المغيّبة إعلاميا”.
ومنذ إبرام اتفاق التسوية، اعتقل النظام أكثر من 300 شخص من مدنيين وعسكريين سابقين أجروا تسويات، وبالإضافة لذلك، لم يفِ النظام ببنود التسوية التي تنص على إطلاق سراح المعتقلين لديه والبالغ عددهم أكثر من 1000 شخص، وفقا لتقديرات محلية.وشهدت تلبيسة وبلدات الريف الشمالي لحمص قصفا جويا وبريا أدى إلى مقتل وإصابة المئات، وإلى دمار واسع في البنية التحتية للمنطقة، قبل أن تدخلها قوات النظام بموجب التسوية.