• الإثنين , 25 نوفمبر 2024

شاهدة على مجزرة الجورة والقصور ضربوا والدي واطلقوا الرصاص داخل المنزل

ديرالزورالشرق نيوز محمد الحماديشهادة مارية الصالح حول مجزرة الجورة والقصور بعد تنقل مرير ضمن أحياء مدينة ديرالزور، جراء عمليات القصف الممنهجة من قبل نظام الأسد، بتاريخ 16/06/2012،

بعد استشهاد أخي معاذ بأربعة أيام وضعنا رحالنا في بيت خالي في حي القصور بمدينة ديرالزور، كان الخوف يتملك جميع من في المنزل، كون أخي معاذ الشهيد كان عسكرياً منشقاً عن مليشيا نظام الأسد ، وأننا قد قمنا بوضع صورة له في الزي العسكري، وكتب أسفلها الشهيد معاذ مهيدي، وكون المنطقة لا زالت تحت نفوذ قوات الأسد.إلتزمنا الصمت كون اخوتي كانوا يتواجدون في مناطق سيطرة الثوار في حي الجبيلة، فالحديث في الثورة هنا هو موت مفاجئ، قد يأتي في أي لحظة.كان موبايل والدتي يحتوي على صور وفيديوهات لمظاهرات ديرالزور، ومنها فيديو تشييع أخي معاذ وصديقه الشهيد أبو درويش.

كان يوم الخميس 27/09/2012 هو يوم وصول مليشيات نظام الأسد وقواته إلينا في حي القصور، وهو اليوم الأخير لنا في هذا الحي، كنا في المنزل أنا وأبي وأمي وأخي الصغير وبنات خالتي وأطفالهن.كون الكهرباء والاتصالات كانت مقطوعة في تلك الفترة، وكان الطعام والزاد قليلاً، كنا نقضي تلك الأيام صائمين، يومها وصلنا الخبر أن الحي قد تعرض لمجزرة شنيعة، تأخر الخبر كوننا كنا نلتزم البيت ولا نخرج منه، وما زاد الخوف علينا هو خبر أن الشبيحة اغتصبوا شابة ومن ثم قاموا بحرق جثتها، بعد التمثيل بها هي وعائلتها.بالقرب من جامع الفتح في الحي، وصلت قوات من الحرس الجمهوري وقطعان الشبيحة، انقسموا قسمين ذهب كل قسم نحو جهة، كان القسم الذي في الجهة المقابلة لنا، أخف وطأة على الناس، ولم يفعل ما فعله الشبيحة بالقسم الذي نحن فيه.

كان بعض الرجال قد تجمعوا على باب البناء الذي نقطن فيه انا وعائلتي، حيث أنهم هربوا ودخلوا نحو بنائنا عند رؤيتهم للشبيحة قادمين باتجاههم، ما جعل الشبيحة يظنون أن هؤلاء هم “إرهابيون” ثوار، لا ألقي اللوم عليهم، فشبيحة الأسد كالطاعون اذا تفشى في بلدة، ولكن ربما هم من كانوا سبباً في إبتداء الشبيحة ببنائنا.كان منزلنا يخلو من الرجال سوى والدي، والذي ذهب ليتوضأ في منزل جدي الذي يفصله عن منزلنا الذي نحن فيه حائط واحد، على حين غرة طرق الشبيحة الباب بقوة، فوضعنا غطاء على رؤوسنا، وذهبت أمي لفتح الباب، والتي ما كادت تفتحه، حتى باغتها أحد الشبيحة بأن دفعها للأرض، ودخلوا كقطعان الثيران، أخذوا يصرخون ويحطمون أثاث المنزل، مع اطلاقهم لعبارات الكفر والشتم وغيرها.صرخ فينا أحدهم قائلاً، تجمعوا في هذه الغرفة، مشيراً إلى إحدى الغرف التي تحوي 3 أبواب، كان جل تفكيرنا أننا سنكون أعداداً يكملون بها مجزرتهم الشنيعة، أخذوا يسألوننا، أين رجال المنزل مع عبارات الشتيمة والسباب، تقدمت أمي وقالت: الحجي ذهب ليتوضأ في المنزل المجاور، ربما كانت مخطئة بقولها هذا، أو ربما خرجت كلماتها عفوية، فالشبيحة يكرهون كل ما يمت للدين بصلة، صرخ قائد المجموعة، أحضروا هذا “الحجي”، أريده في الحال، ذهب العناصر وأحضروا والدي، وعند دخوله كان والدي قد تعرض للضرب الشديد، لا أنسى اللون الازرق والدماء حول عينه جراء الضرب.جلس والدي على الأريكة، وأخذ يسأله قائد المجموعة، هل كنت تتوضأ؟؟أجاب والدي: لا كنت أغتسل، فقال له انت كاذب، زوجتك أخبرتنا أنك كنت تتوضأ، قال له والدي أن كلمة وضوء تعني الاغتسال بلهجتنا، أخذ يسألنا جميعاً: بلهجة أهل الساحل الخشنة (مين ربكن) مع الكثير من الشتائم، تزامنت مع عمليات التفتيش من قبل العناصر، حينها وجدوا صورة أخي الشهيد معاذ،سألنا قائدهم، من هذا الذي في الصورة، فرد عليه أحد عناصره الذي يبدو من ريف ديرالزور: “سيدي هذا من عندنا”، فقلنا له هذا ولدنا قد استشهد أثناء خدمته العسكرية معكم، لقد قتله الإرهابيين /نوع من الهروب /، أخذ الصورة من يد العنصر ورماها أرضاً وتحطم الزجاج الذي يغطيها وتمزقت، وداسها بحذائه العسكري.قام أحد العناصر واسمه “حسن جديد”، عرفنا اسمه كون قائده ينادي عليه كل دقيقة، لازلت لا أنسى وجهه، صاحب الجثة الضخمة والعبوس الملازم لوجهه، قام بتلقيم سلاحه “بارودة كلاشنكوف” وأطلق الرصاص في البيت، غير آبهاً بوجودنا، أخذنا نصرخ خوفاً وظناً منا أننا ملاقون لحتفنا، حاولوا أخذ والدي وأخي الصغير، لكن إلى الآن لا أدري ماالذي دفعهم لتركهم وعدم سحبهم خارج المنزل، ربما كانوا سيلقون حتفهم، حالهم كحال من سبقهم من أهالي الحيعادوا وجمعونا مع والدي في غرفة واحدة فتشوا والدي باحثين عن المال لسرقته، ولم يجدوا شيئاً، فمزقوا جيب ثوبه “گلابية”، وأغلقوا الباب علينا، وقالوا إننا عائدون لكم انتظرونا وقاموا بتحطيم زجاج الباب، كان الخوف يتملكني؛ اذا ما عثروا على الذواكر “فلاش ميموري” التي كانت مليئة بأناشيد وهتافات الثورة ومقاطع فيديو المظاهرات، وصور اخوتي فيها، والتي كنا نخبئها على أحد رفوف المطبخ، وأحمد الله أنهم لم يجدوها عندما دخلوا للمطبخ، وأخذوا يأكلون ما يجدون من الطعام في البراد، وقسم آخر أخذ يضرب والدي، ويدفع أمي ويشتمها لأنها قالت له :أنا مثل أمك يا ابني”، أخذوا موبايل والدتي وقالوا إننا عائدون ومن ثم خرجوا من منزلنا ومن الحي، خوفاً من عودتهم اذا ما عثروا على الفيديوهات والصور في موبايل والدتي، جمعنا أغراضنا وخرجنا من المنزل نحو منطقة التبني بريف المدينة، تاركين ورائنا جثث الشهداء وصرخات الثكالى، لتبقى مجزرة الجورة والقصور ندبة فى القلب ومحطة في الذاكرة لن ننساها ما حيينا.المجرم علي خزام قائد الحملة التي قامت بالمجزرة بتاريخ 25 /9 /. 2012

مقالات ذات صلة

USA