«أنطاكيا – «القدس العربي»: 2/12/2020
تضع روسيا كامل ثقلها العسكري إلى جانب قوات النظام السوري في العمليات العسكرية التي تخوضها الأخيرة ضد خلايا تنظيم الدولة في مناطق البادية السورية، وما يدلل على ذلك مساندة الطائرات الحربية الروسية للعمليات لحظة بلحظة، إلى جانب مشاركة مليشيا «فاغنر» الروسية.
وانطلاقاً من مواقعها المحصنة في تدمر ومحيطها، بدأ عناصر مرتزقة من مليشيا «فاغنر» بتنفيذ عملية إعادة انتشار بالتنسيق مع قوات «الفرقة 25 مهام خاصة» التي يقودها العميد سهيل الحسن المعروف بـ»النمر».
وذكرت مصادر ميدانية لـ»القدس العربي» أن عناصر «فاغنر» يقودون العمليات العسكرية الليلية ضد خلايا التنظيم، نظراً لدرايتهم القتالية في أساليب القتال الليلي، وحيازتهم لمعدات مجهزة لهذا الغرض. ودخلت شركة «فاغنر» شبه العسكرية سوريا منذ العام 2013، وتنشط حالياً في الجنوب السوري، وكذلك في وسط البلاد (حمص، حماة) وتتولى حراسة آبار الغاز في محيط تدمر، وتُتهم بالمتاجرة بالآثار السورية.
وقال الخبير العسكري، العقيد أديب عليوي، إن تركيز روسيا على البادية السورية جاء بعد أن زادت خلايا التنظيم ضرباتها العسكرية مؤخراً، إذ يوحي المشهد من هناك، أن التنظيم قد انتقل منذ مدة تقارب الثلاثة شهور من موقع الدفاع إلى الهجوم، الهجوم على أكثر من محور، من دير الزور ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وقوات النظام، والمليشيات الإيرانية، إلى الرقة، وصولاً إلى بادية حمص، مروراً ببادية حماة.
وأوضح في حديثه لـ»القدس العربي» أن التنظيم الذي انتقل إلى تكتيك المبادرة الهجومية، بدأ يهدد المصالح الروسية المشتركة مع النظام السوري، وتحديداً بعد ضرب خطوط إمداد النظام بالنفط الخام من مناطق سيطرة «قسد» وبعد وصول التهديد إلى تدمر المنطقة التي تعتبر منطقة نفوذ روسية خالصة. وحسب عليوي، فإن التنظيم ألحق بقوات النظام خسائر كبيرة خلال الأيام الأخيرة، لافتاً إلى مقتل العشرات من قوات النظام السوري في بادية تدمر الجنوبية، التي شهدت مواجهات ضد خلايا التنظيم.
من جانبه، وصف الكاتب الصحافي، عمر البنية، وهو من البادية السورية، تركيز روسيا على عمليات تمشيط البادية من خلايا التنظيم، بالأمر الطبيعي، نظراً للتهديدات التي يمثلها تزايد نشاط التنظيم على المصالح الروسية الاقتصادية في بادية تدمر، المصالح المرتبطة بالغاز والفوسفات والآثار. وقال لـ»القدس العربي»: معلوم بأن البادية السورية تحوي ثروات ومواقع أثرية غير مكتشفة، ولذلك تمركزت مليشيا «فاغنر» في تدمر حيث تقوم هذه المليشيات بالمتاجرة بالآثار السورية، من خلال تهريبها وبيعها في الأسواق الدولية.
وفي هذا السياق، أشار إلى توقيع روسيا اتفاقية تعاون مع المديرية العامة للآثار التابعة للنظام السوري، مؤكداً وصول خبراء روس إلى تدمر، وقيامهم بعمليات تنقيب عن الآثار، بشكل سري. وأضاف البنية، أنه إلى جانب الآثار في تدمر ومحيطها، تسيطر روسيا على مناجم الفوسفات وآبار الغاز، وهذا ما يدفعها إلى التركيز على حماية هذه المنطقة.وثمة سبب آخر، يُفسر اهتمام روسيا وتركيزها على محاربة التنظيم، من وجهة نظر الكاتب الصحافي، قائلاً: «الحرب على التنظيم يخدم أهداف روسيا سياسياً، بمعنى أن روسيا تريد القول بأنها لا زالت تحارب إرهاب الدولة، وأن جهودها تتقاطع مع الجهود الدولية». وقال البنية، الكل يستثمر في موضوع قتال التنظيم، وحجة كل الأطراف الدولية جاهزة للتدخل في سوريا. من جانب آخر، بدأت روسيا بمهمة تجهيز قاعدة عسكرية جوية في مطار الطبقة العسكري، غرب الرقة، وذلك بهدف قيادة العمليات القتالية ضد خلايا التنظيم في البادية السورية، إلى جانب مطار تدمر العسكري. وحسب موقع «الخابور» قامت قوات روسية، الأسبوع الماضي، بجولة ميدانية على المطار، تمهيداً لوضعه تحت الخدمة، بعد إجراء عمليات الصيانة اللازمة.
وفي تعليقه على ذلك، أشار الخبير العسكري، العقيد أحمد حمادة، في حديث خاص لـ»القدس العربي» إلى أهمية موقع المطار، القريب من سد الفرات ومنطقة شرق الفرات، حيث تتمركز قوات «قسد» وقوات التحالف ومن البادية السورية حيث تنتشر خلايا تنظيم الدولة.
وقال: إن «تأهيل المطار يكتسب أهميته من الموقع الهام، وكذلك من خلال التنافس الإيراني الروسي للسيطرة على المواقع العسكرية وخاصة القواعد الجوية».