• الأحد , 24 نوفمبر 2024

كيف أمنت فصائل المعارضة الحماية لاحتفالات عيد النوروز في منطقة عفرين وريفها؟

جانب من احتفالات عيد النوروز في ريف عفرين (ناشطون)

حلب – خالد الخطيب /موقع تلفزيون سوريا

شهدت منطقة عفرين شمالي حلب احتفالات واسعة بعيد النوروز يوم 21 من آذار، وتوزعت الاحتفالات على مدينة عفرين وهي مركز المنطقة بالإضافة إلى 10 نقاط أخرى في ريفها، ورفعت الفصائل المعارضة وقوات الشرطة والأمن العام حالة التأهب الأمني لحماية الفعاليات الاحتفالية غير المسبوقة، والأوسع على الإطلاق منذ سيطرة فصائل المعارضة على المنطقة عام 2018، كما هنّأ الائتلاف الوطني الكرد السوريين بعيد النوروز والذي حضر رئيسه سالم المسلط واحدة من فعالياته في ناحية راجو بريف عفرين.

وبحسب الصحفي زانا خليل، فإن الاحتفالات بعيد النوروز في منطقة عفرين بدأت منذ ليلة 21 من آذار حيث أشعل الأهالي المحتفلون بالعيد النيران ليلاً على أسطح المنازل وفي ساحات القرى وعلى التلال المرتفعة، ومع بداية النهار خرج الأهالي وهم يلبسون الأزياء التراثية الخاصة بالمناسبة إلى أطراف بلداتهم نحو الغابات وسط الطبيعة للاحتفال.

وأضاف خليل خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا أن “الاحتفالات تضمنت العديد من الفعاليات، مثل الرقصات التراثية وعزف الموسيقا والأغاني الفلكلورية، وزادت عن 10 نقاط أماكن الاحتفال، أهمها في قرية كفر دلا التابعة لناحية جنديرس وقرية بعدنلي التابعة لناحية راجو وفي ناحية شيخ الحديد وبلدة الباسوطة وميدانكي وغيرها، وكان لافتاً مشاركة العرب المقيمين في المنطقة بالعيد، وبعضهم أشعل النيران احتفاء بالمناسبة.

ويحتفل الكرد في سوريا كما الكرد في كل أنحاء العالم بعيد النوروز من كل عام، ففي الفترة ما قبل العام 2014 عندما كان نظام الأسد مسيطراً على عفرين كانت الاحتفالات بالعيد محدودة وفي أماكن محددة وبترخيص من النظام، وبعد سيطرة “قسد” على المنطقة قام بتسخير احتفالية العيد لصالح الترويج لمشروعه ومنع قيام أي فعاليات احتفالية من دون ترخيص صادر عنه، وغالباً ما استهدفت قرارات المنع القوى والأحزاب المعارضة لسياسات الحزب، أو تلك القوى المقربة من المعارضة والقوى الثورية.

وفي الفترة ما بعد العام 2018 وسيطرة الفصائل المعارضة على المنطقة توقفت الاحتفالات بالعيد لأسباب كثيرة، بعضها يتعلق بالجانب الأمني، وأسباب أخرى كتخوف الأهالي من ردة فعل القوى التي سيطرت حديثاً على المنطقة والتي غالباً ما منعت أي مظهر احتفالي مع بداية سيطرتها.

لذا كان لافتاً تعاون الفصائل المستجد، وإفساحها المجال للأهالي للاحتفال هذا العام، وبدا أن القوى والأحزاب الكردية التي تعتبر جزءا من الائتلاف المعارض قد خططت بشكل مسبق عبر قوى وجماعات محلية كردية ناشئة لتنظيم الفعاليات على هذا النحو من الكثافة والتنظيم غير المسبوق والذي استفز إلى حد بعيد قسد في مناطق تل رفعت والشهباء المجاورتين شمالي حلب.

وبطبيعة الحال لا يمكن القول بأن احتفالات النوروز في عفرين لهذا العام لم يتخللها أي مضايقات وتصرفات غير مسؤولة صادرة عن بعض المجموعات العسكرية والأمنية، إن كان على الحواجز في أثناء مرور المحتفلين، أو في المواقع التي خصصت للاحتفالات، وقالت مصادر متطابقة لموقع تلفزيون سوريا إن “الانتهاكات والمضايقات في احتفالية النوروز كانت محدودة جداً، ولا يمكن مقارنة العيد هذا العام بالأعوام السابقة من جميع النواحي التنظيمية والأمنية ومستوى المشاركة، وسجلنا بعض المضايقات في قرى كفر زيت التي ينتشر فيها مقاتلو هيئة ثائرون للتحرير، وفي قرى قزل باش وبيلان التي ينتشر فيها مقاتلو فصيل صقور الشمال وفي شران التي ينتشر فيها مقاتلو فصيل ملك شاه

وشارك رئيس الائتلاف سالم المسلط، إلى جانب عدد من أعضاء الائتلاف وقادة الفصائل في احتفالية كبيرة بمناسبة عيد النوروز التي أقامتها رابطة المستقلين الكُرد السوريين في ناحية راجو بمنطقة عفرين في ريف حلب، وسجلت مشاركة أعضاء الائتلاف، بدر جاموس، عبد الإله الفهد، محمد قداح، بهجت الأتاسي وأحمد الشحادي.

قال عثمان ملو عضو الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا لموقع تلفزيون سوريا إن “خروج الناس في عفرين للاحتفال بعيد النوروز بحرية كاملة، وبمشاركة واسعة من العرب والفصائل بدا لافتاً للنظر، وهي بادرة وطنية مشجعة تبعث على التفاؤل وتزيل الاحتقان وتشجع على التلاحم الوطني وكما تشجع على عودة أهالي عفرين إلى ديارهم”.

يضيف ملو “نحن نرى أن المعارضة بشقيها العسكري والسياسي تخطو خطوات شجاعة ومسؤولة في إدارة المنطقة، ونطمح إلى مزيد من التعاون والتفاعل في هذا الاتجاه”.

ويرى المتحدث باسم تيار المستقبل الكردي وعضو المجلس الوطني الكردي علي تمي، أن إفساح المجال لأهالي عفرين للاحتفال بعيد النوروز بحرية يعتبر سابقة مبشرة بالخير، وهذا التطور في الأداء من ناحية المعارضة في التعامل سيسهم في عودة بقية الأهالي من المخيمات إلى ديارهم ومنازلهم.

أضاف تمي خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا: “المعارضة بشقيها العسكري والسياسي تبذل جهوداً لتحسين صورتها، وننتظر مزيدا من الإصلاحات، مثل إنهاء المظاهر المسلحة في عفرين والمناطق المأهولة، وتشكيل إدارة مدنية جديدة منتخبة من الأهالي وهذه الخطوات ستزرع الأمل في نفوس الناس” يضيف تمي “هناك انخفاض واضح في معدل الانتهاكات والمضايقات، وهذا يحسب لقوى المعارضة، وندرك جيداً أنه كلما تحسن الأداء وزاد معدل الاستقرار في عفرين أزعجنا النظام وقسد التي تستغل معاناة الناس في مخيمات الشهباء وتجند أبناءهم”.

يشكك طيف واسع من القوى الكردية السورية بمظاهر الانفتاح والاستقرار في عفرين، وفي فرضية تحسن أداء المعارضة بإدارة المنطقة ومنع الانتهاكات، ويلمحون إلى أن الحديث عن المشاركة الواسعة في احتفالات النوروز وإعطاء هامش كبير من الحرية للأهالي ما هي إلا مظاهر دعائية، هذا ما يقوله أيضا أنصار قسد وقسم من أهالي عفرين الذين يقيمون في مناطق سيطرتها شمالي حلب والذين يتخوفون من العودة ومترددون بأخذ مثل هكذا قرار، يقول زانا خليل إن ما يزيد عن 1000 عائلة كردية عادت إلى منطقة عفرين خلال العام 2021، وهذا خير دليل على صدق نوايا المعارضة ومحاولاتها لتحسين صورتها فعلاً وقولاً بعكس الاتهامات الموجهة ضدها.

قال مسؤول الدائرة السياسية لاتحاد ثوار حلب هشام سكيف إن “الكرد مكون سوري أصيل ولهم نضال مشهود له في الثورة وحتى قبلها، وشارك اتحاد ثوار حلب شركاءنا في رابطة المستقلين الكرد في كثير من الفعاليات، وهناك جهود حثيثة خاصة لجهة تصحيح التشويه الدعائي المفتعل من قبل أجهزة إعلام الـ PKK وأيضا الممارسات الخاطئة من بعض منتسبي الجيش الوطني لذلك نرى هذه الخطوات في الاتجاه الصحيح وعلى طريق تعميق وحدة سوريا وتصدير الصورة السورية الأصيلة بكل مكوناتها التي نفخر بها”.

يعتقد الباحث في الشأن السوري محمد السكري أن تحسين سمعة المعارضة العسكرية وتغيير الصورة السابقة عنها يحتاج ما عدا إلى الجهود الكبيرة والعمل الإداري المضبوط، إلى الوقت أيضاَ، وربما سنوات وجيزة غير كافية للقول إنّ الجهود المبذولة في عفرين بالتحديد كافية لا سيما مع بقاء ترسبات نقل الحواضن الاجتماعية التي جرت بفعل ملفات مختلفة ربما أبرزها الخيارات المحدودة التي فرضها النظام على المدنيين.

يضيف السكري لموقع تلفزيون سوريا: “أعتقد أن عودة الثقة بين الحاضنة في عفرين والمعارضة تبدأ بتعزيز دور القضاء، والحد من الانتهاكات، وشغل الحكومة المؤقتة مكانها المطلوب، وتقديم خدمات بجودة أعلى، وإعادة الحقوق لأصحابها من بينها حق الاستفادة من الثروات الزراعية دون تبعات أمنية مرهقة ومعطلة، وهذا قد يساعد على استقطاب شرائح كانت قد فرّت من المدينة، وأرى أن الاحتفالات التي جرت بعيد النيروز هي خطوة جيدة ولكن يحتاج القائمون عليها أن يتعاملوا معها من منطلقات عامة تلامس حياة المواطن في عفرين”.

وفي مناطق سيطرة قسد بالشيخ مقصود بحلب والريف الشمالي (مقاطعة الشهباء) تم تنظيم احتفاليتين مركزيتين بمناسبة عيد النوروز، الأولى في حقل الرمي التابع لقسد في المنطقة الواقعة بين الشقيف والشيخ مقصود شمالي المدينة حلب، وحضر الاحتفالية أعضاء في الحزب القومي السوري، والاحتفالية الثانية تم تنظيمها قرب فافين شمالي حلب وحضرتها إلهام أحمد الرئيسة المشتركة لمسد. وأشعل عناصر “قسد” النيران في مناطق انتشارهم قرب خطوط القتال مع المعارضة شمالي حلب، وفي خطوة استفزازية أشعلوا في بعض القرى التي حولوها لثكنات عسكرية النيران على مآذن الجوامع.

مقالات ذات صلة

USA