● عندما ألغى البعثُ والأسدُ الشعبَ ……………منذ انقلاب البعث في آذار 1963م ، وإقرار اللجنة العسكرية التي قادت البلاد عبر التعاميم و البلاغات ، و عطلت الدستور وأقرت الأحكام العرفية ، والتي استمرت إلى ما بعد 2011م ، عند اندلاع الثورة السورية ، و كلمات ( شعب ، انتخابات ، صندوق انتخابي ، قانون انتخاب ) مفردات ليست في قاموس البعث ، سيما بعد انقلاب حافظ الأسد ، وتكريس حكم الفرد ، بل وتأليهه وتأبيده ، حيث قرر حافظ أسد أن الشعب السوري لم يصل إلى سنِّ الرشد للاختيار ، فحصر الاختيار بحزب البعث ، وحزبُ البعثِ حَصَرَ الترشيحَ بالقائدِ الى الأبد ، إلى أن فاجئ الأبدُ حافظَ الأسدِ بالموت ، و أنهى حلمه بأن يكون رئيساً إلهاً دائماً مستديماً واحداً ابداً فرداً لا يقارعه أحد ، بل ولا يجرؤ على ذلك .
ففي مشهد سريالي تم تعديل دستور البلاد بخمس دقائق ؛ ليواكب عمر الوريث القاصر الذي ورث ا السلطة ، ويبدو أن الشعب لم يكن على أجندته أيضاً ، ففي ظل الرئيس الشاب المفعم بالتطوير والتحديث ، تكررت مشاهد البيعة الانتخابية لولاية أولى ، ثم البيعة الثانية ، وظلت مفردات الشعب والانتخابات غائبة عن قاموس الرئيس ” الشاب” ؛ لأنه افترض أن الشعب غير موجود سوى في كتب التاريخ .
● شرعية الأسد لم تكن شعبية أصلا بل من الخارج …………… فعلياً إن شرعية الأسد من دولتين هما الويلات المتحدة وإسرائيل، التي صدع رؤوسنا في مقاومتها وممانعتها ، ولكن الثورة كشفت ما كان يدور خلف الجدران والغرف المغلقة ، سيما وأن تصريحاً صادماً جاء على لسان “رامي مخلوف” بعد اندلاع الثورة بثلاثة أشهر يقول فيه : ( أمن إسرائيل من أمن سوريا )…. في إشارةٍ واضحةٍ وتهديدٍ واضحٍ بأن نظام الأسد سيغير الاتفاق المبرم سراً بينهما ، وهو : شرعنة انقلاب الأسد حينها، مقابل أمن إسرائيل ، والدولة الثانية أمريكا ، والتي تريثت جداً في نزع الشرعية عنه ، وتبين لاحقاً أن “أوباما” لم يكن جاداً في ذلك .
إذاً في ظل هذه المعادلة لا يوجد للشعب مكان في حسابات النظام ، بل هو يستمد وجوده وشرعيته من دول يخدمها ويخدم أمنها مقابل تشريع حكمه ، وقد قام الأسد بناء على رؤيته لتصرفات إسرائيل والويلات المتحدة – واللتان لم تكونا جادتين في عملية نزع الشرعية عنه – بإقرار الدستور ، و إصلاحات أقل ما يقال عنها أنها تجميلية ، وشرع في عملية الانتخابات ، التي جرت للمرة الأولى بين مرشحين ظاهرياً ، ولكن ضمنياً – وعلى أرض الواقع – هي نفس عمليات التشويه و الشطب لإرادة الشعب ، و بطريقة البيعة و المصادقة على اختيار حزب البعث “انتُخِبَ” الأسد للولاية الدستورية الأولى بحسب الدستور الجديد ، فلماذا لجأ النظام إلى هذه المسرحية ؟قفز النظام إلى قارب أكله الغبار ، و مَرَّ عليه قُرَاْبَةُ / 50 / عاماً ، و تذكَّر أن هناك شعباً يمكن أن يستخدمه هذه المرة في عمليةِ إنعاشِ نظامِهِ الذي سقط مع الصيحات الأولى في الشارع ، من حناجر شباب الثورة و شاباتها، و بعد أن انقطع الحبل السري عن نظامه الذي كان يمده بالشرعية ، تذكر الشعب الذي حاول أن يقول – بمسرحية انتخاباته – : إني أمثل شعب ، وأي شعب !! إنه شعب كسر جدران الخوف و قالها في وَضَحِ النهار : ( سوريا لينا وماهي لبيت الأسد …. عاشت سوريا ويسقط بشار الأسد )
● انتخابات الــــــ / 2021م / عندما يحلم إبليس بالجنة ……………تُقَدَّرُ أعدادُ المهجَّرين قسرياً خارج سورية بحدود الــــ : / 5 إلى 6 / مليون مواطن سوري ، ويُقَدَّرُ أعدادُ الذين يعيشون في مناطق خارجة عن سيطرة النظام بحدود الـــــ : / 9 / مليون ، أي : لدينا أكثر سكان سورية الـــــ : / 23 / مليون هو خارج سطلة الأسد ، و يضاف إليه أكثر من مليون شهيد مع بلدٍ دَمَّرَهُ “الأسد و بوتين و خامنئي” بكل وسائل الحرب القذرة ، مع اقتصاد مفلس تماماً ، و ثروات تم بيعها للروسي و الإيراني ، و عقوبات قاسية تخنق النظام و تضعه في حالة الموت السريري ، و الغوما السياسية . في ظل هذه اللوحة التي تعكس حالة الانهيار التام الذي وصل إليه النظام ، و الذي بقي على شكل شبح لحكومة منقسمة الولاء بين إيران و روسيا ، وأجهزة أمنية أصبحت إمارات مستقلة بذاتها – تعمل وفق مصلحتها و تحافظ على مكاسبها المادية – تأتي ما يسمى انتخابات رئاسية لسورية ، فوفق المنطق الذي شرحناه في البداية النظام لا يسعى – نهائياً – إلى اكتساب شرعية ولو كانت جزئية ولو كانت منقوصة ولو كانت من نصف الشعب السوري ، فقد تواترت المعلومات عن عرض روسي ، جاء على صيغة شرط لقبول روسيا تحدي الدول ، و القبول بإجراء انتخابات الـــــ / 2021م / وسط رفض دولي كامل لهذا العرض ، تمثل بتعديلات على الدستور بحيث يُلغى شرطُ ( الإقامة للمرشح لـــــ / 10 / سنوات متصلة في سوريا ، و موافقة / 35 / عضواً من أعضاء مجلس الشعب على المرشح ، و أن تكون النسبة المفترضة للفوز ليست من فئة الـــــ 99% بالمئة ، بل أن تكون قابلة للتسويق 65% ، وقبول تعدد المرشحين بشكل لا يتدخل النظام فيه ومن يكون ، كما حدث في انتخابات الـــــ / 2014م / هذا العرض الروسي جاء لتتمكن موسكو من تسويق النظام لدى المجتمع الدولي ، باكتسابه بعض رتوش الشرعية المبسترة والمعلبة ، و لكن النظام رفض هذا العرض مصراً على إلغاء الشعب كما في عقيدته وسلوكه وفرض نفسه مرة أخرى كأمر واقع على الشعب والمجتمع الدولي ، ولكن حسابات النظام هذه المرة هي حسابات إبليس الذي طالما خطط لدخول الجنة متمنياً شطب جرائمه و مخازيه ، و عار ذنوبه ، و العودة مرة أخرى لكي يكون في الجنة …
● الثورة واستحقاق الانتخابات القادمة ……………هناك الكثير لتفعله قوى الثورة والشعب الذي صمد صموداً أُسطورياً في وجه أعتى أنظمة الحكم في العالم ، فقد مرت الـــــ / 10/ سنوات بمرها وحلوها وانتصاراتها وانكساراتها ؛ لتصلب عزيمة الشعب السوري أكثر ، وتجعله أقرب إلى سن الرشد الذي منع حدوثه نظام الأسد لمدة 60 عاماً ، ففي أثناء الترويج لهذه الانتخابات – التي شرحنا كنهها وخلفياتها – يجب أن يُثْبِتَ الشعبُ السوريُ فعلياً أنه قادرٌ على ممارسة الانتخاب الحر الديموقراطي في البلدات والمدن التي يسيطر عليها ، وإنتاج سلطات شرعية فعلاً في هذه المناطق ؛ ليصل الأمر إلى مؤسسات الثورة ؛ لتقديم حالة ديموقراطية تثبت – و بما لا يدع مجلا للشك والتشكيك – أن الشعب السوري قادر على صناعة تجربته الديموقراطية وتطويرها ، و هو مُؤَهَّلٌ لكي يشطب النظام و الأسد مرة واحدة و نهائية من حياة السوريين ، و هذا يتطلب وضع رؤيةٍ في مواجهة هذه الانتخابات ، و وضع خططٍ قابلة للتطبيق ؛ لإنتاج سلطة شرعية . ويعتبر امتحاناً حقيقياً لإرادة الشعب و لكل ما نادت به الثورة منذ اندلاعها .
#مقاربات_للتنمية_السياسية
#هشام_اسكيف
#انتخابات_الأسد