-أدلة موضوعیة (فیدیوهات) تکشف أن مجزرتین حدثتا الباغوز لا واحدة.
-الأدلة تؤکد أن الجناة أعدموا عائلات کاملة، بینهم رضع، بطلقة الرأس.
-مدیر المرصد السوري لحقوق الانسان: “ عدد ضحایا المجزرة ٢٣٦ قتیلاً، بینهم ١٦٢ من الأطفال والنساء“.
-”ریفاس“ و ”أوزان“ و“باشور“، ”آغري“، قادة میدانیون أکراد، بعضهم من قندیل، شارکوا المجزرة.
-لم یشارك من قبیلة الشعیطات العملیة سوى ١٢ مقاتلاً استخدموا لتمشیط مخیم الباغوز بعد اقتحامه .
–مختطفو ”داعش“ ربما کانوا بین ضحایا المجزرة.
-قیادة قوات سوریا الدیمقراطیة، ممثلة بقائدها معلوم الهویة، المسؤول عن الجریمة أو کشف ملابساتها.
فریق التحقیقات الاستقصائیة في صحیفة جسر:
طالب المرصد السوري لحقوق الانسان بفتح تحقیق مستقل في مجزرة ارتکبت مخیم الباغوز، آخر معاقل تنظیم داعش، في شهر آذار الماضي، زذهب ضحیتها أکثر من مئتي شخص، تم قتلهم دون محاکمة.
وذکر المرصد أن ”أحد المتورطین“ هم أبناء قبیلة الشعیطات، ”الذین قاموا بعمل ذلك انتقاماً لمجازر سابقة ارتکبها التنظیم بحقهم“، وهو ما أثار موجة غضب أوساط قبیلة الشعیطات، واتهامات للمرصد بممارسة الانحیاز السافر لطرف سیاسي هو المکون الکردي ”قسد“، الذي لم یأت المرصد ذکره، مع أنه هو من یتولی بشکل رسمي وعلني القیادتین العامة والمیدانیة.
ومع أن المرصد عاد لإصدار ”توضیح“ قال فیه إنه: ”لم یقصد من ذلك تحمیل المسؤولیة لعشیرة الشعیطات المعروفة بتاریخها النضالي القدیم والحاضر“، وإن “ الإشارة إلی عناصر أو أفراد من هذه العشیرة أو تلك، لا یعني بتاتاً مسؤولیة هذه العشیرة أو تلك، بقدر ماهي مسؤولیة تقع تداعیات التحقیق فیها قیادة قوات سوریا الدیمقراطیة بشكل عام، ومن الأفراد التي ارتکبوها بشکل خاص کمقاتلین داخلها“.
”جسر“ من جهتها، أجرت تحقیقاً استقصائیاً موسعاً، ضوء معطیات ووثائق خاصة حصلت علیها، وحاورت شهود عیان و“ضحایا“ وجهات أخرى ذات صلة ومراقبین مستقلین بحثاً عن الحقیقيقة.
هل حدثت مجزرة ”الباغوز“ فعلاً؟
تأکد فریق التحقیقات في صحیفة جسر، بأدلة موضوعیة قاطعة، بأن مجزرتین قد حدثتا الباغوز، ولیس مجزرة واحدة، الأولی ارتکبت بسلاح المدفعیة الثقیلة، وبقصف من طیران التحالف، وثمّة عشرات الصور والفیدیوهات التي بثتها وکالات إعلام عالمیة ذات مصداقیة تؤکد ذلك.
وإذا کان بالإمکان القول إن هذه الجریمة غیر متعمدة، مع أن نقاشاً تفصیلیاً یمکن فتحه حولها، قد یقود إلی اثبات أنها مقصودة وذهب ضحیتها أبریاء، خاصة الأطفال الصغار، وبینهم حدیثي ولادة ورضع.
وحصلت ”جسر“ أربع شهادات بهذا الخصوص، تحدد المسؤولین المیدانیین عن ذلك، وسیتم التطرق إلیهم جزء لاحق من هذا
التحقیق.
لکن ما قاد إلیه استقصاؤنا بشکل خاص، هو الجریمة المروعة التي ارتکبت بالسلاح الفردي، والتي أعدم خلالها الجناة عائلات کاملة، بطلقة الرأس، أي بطریقة متعمدة ومخطط لها، إذا لا تظهر أي أثار عشوائیة أو عملیات حربیة أو حتی مظاهر دفاع عن النفس من قبل الضحایا، الذین کان معظمهم من الأطفال، بعضهم رضع مع أمهاتهم.
کشف لنا عن ذلك مقطعا فیدیو، قدمهما لنا مقاتل قوات سوریا الدیمقراطیة، دخل مع القوات التي مشطت المخیم بعد اقتحامه من أفواج تتبع لتلك القوات الیوم السابق. ویکشف الفیدیوهان المرفقان (١ و ٢ )قیام مجهولین بقتل أکثر من عشرة أشخاص بدم بارد مکانین مختلفین.
(هنا الفیدیوهان، وننوه إلی أنهما یتضمنا مشاهد غایة القسوة، وقمنا بتمویه وجوه الضحایا وتغییر صوت المتحدث، لأسباب أمنیة،
ونحتفظ بالتسجیلات الأصلیة التي تم تسلیمها بالفعل لجهة أممیة مخولة بالتحقیق في جرائم الحرب في سوريا).
(الفیدیو رقم ١) ویبدو فیه عدد من الأطفال والنساء وقد تم اعدامهم داخل أحد المساکن/الملاجيء في الباغوز بطلقة واحد الرأس وبینت الخبرة الطبیة الأولیة أن القتل قد حدث قبل 24 -72 ساعة.
وقد تم حذفه من اليوتيوب
(الفیدیو رقم ٢) وتبدو فیه إمراة شابة مع طفلها الرضیع وقد إعدما بطلقة الرأس، داخل أحد المساکن/الملاجيء في الباغوز وقد بینت الخبرة الطبیة الأولیة أن الوفاة قد حدثت قبل ٢٤-٧٢ ساعة.
https://www.youtube.com/watch?v=FkPPW48rOz8
وقد قمنا بالتأکد من أن الموقع الذي تم التصویر فیه الباغوز، من مصدر ثان، حیث حصلنا على فیدیوهات من مقاتل آخر، یصور فیه
مساکن عائلات داعش في ”المخیم“ بعد اقتحامها، ویظهر فیها الأثاث المشابهة، وبنیة المسکن، الذي هو عبارة عن خندق محفور الأراضي الزراعیة، ومغطی بأقمشة مختلفة، ویبدو أن عناصر داعش قد لجأوا إلی هذا الأسلوب لحمایة عائلاتهم من القصف العنیف.
الفیدیو (٣ )مسکن/ملجأ لأسر داعش في الباغوز.
https://www.youtube.com/watch?v=jGqK0-3z6lQ
کما تأکدنا من وجود أسر وعائلات وأطفال بین سکان مخیم الباغوز، تتشابه هیئاتهم وحالتهم البدنیة مع التي شاهدناها في الفیدیوهین (١ و٢ (من خلال مقارنتها مع مقاطع قام مقاتل داعش بتصویرها في أحد المساکن/الملاجئ، وعُثر أحد مصادرنا هاتفه میدان القتال في الباغوز، بعد انتهاء المعرکة، وتمکنت جسر من الحصول على بیاناته التي تخص موضوع هذا التحقیق.
الفیدیو ٤ )أسرة مقاتل من تنظیم داعش في الباغوز
https://www.youtube.com/watch?v=ZUi5SV5W6jc
روایة المرصد السوري لحقوق الانسان
لاحقا لدعوته لفتح تحقیق في المجزرة، واتهامه عناصر من قبیلة الشعیطات في الجریمة، اتصلت جسر بمدیر المرصد السوري لحقوق الانسان، السید رامي عبد الرحمن، واستطلعت معلوماته والمعطیات التي استند علیها ومصادرها.
السید عبد الرحمن قال لـ“جسر“ إنه استقی معلوماته من ثلاثة قادة میدانین في قوات سوریا الدیمقراطیة، رفض تسمیتهم، لکنه أوضح أن اثنین منهم من العرب، والثالث کردي. عبد الرحمن کرر ما ذکره المرصد سابقاً من أنه لم یتهم قبیلة الشعیطات عامة بارتکاب الجریمة، بل اتهم مقاتلین منها، ولم یتهم هؤلاء بارتکاب کامل المجزرة، بل جانب منها، لکنه لم یفصح عن بقیة الأطراف، وحجم مسؤولیتها في المجزرة، قائلاً إن المعلومات التي توفرت لدیه تخص فقط الجزء الخاص بالشعیطات.
وذکر أن المرصد السوري بصدد المطالبة بتحقیق یکشف کافة المتورطین.
أما عن عدد ضحایا المجزرة فقد ذکر مدیر المرصد السوري أنهم بلغوا:“ ٢٣٦ قتیلاً، بینهم ١٦٢ من النساء والأطفال، والبقیة من الرجال“.
المقاتل ”أبو مجحم“ الشعیطي“ الذي واکب المجزرة میدانیاً یروي..
یقول أبو مجحم(اسم مستعار من قبلنا) ، الذي زودنا بأشرطة فیدیو تثبت أنه دخل مخیم الباغوز عقب سقوطه ید قسد مباشرة
(الفیدیو رقم ٥ (والذي صوره بنفسه، وعلیه صوته، الذي تم تغییره لأسباب أمنیة، قال لجسر: “ یوم السبت ١٦ آذار من العام الجاري، کان ما یسمی بمخیم الباغوز مطوقاً، وثمّة هدنة مع مقاتلي داعش بهدف التفاوض، و هذه الاثناء تم ابعاد کافة الفصائل العربیة عن خط القتال الأول وتولت أفواج کردیة عملیة التطویق، تأهباً لما قیل أنه عملیة استسلام محتملة لعناصر التنظیم، لکن هؤلاء باغتوا المقاتلین الأکراد بهجوم عند فجر یوم الأحد، وقتلوا نحو أربعین عنصراً، وجرحوا عشرات آخرین، وتقدموا الطوق المفروض علیهم واستعادوا مساحات شاسعة، الأمر الذي اضطر طیران التحالف الدولي للتدخل، وتم استدعاء تعزیزات إضافیة لاحتواء الموقف، ثم اتخذ القرار العسکري النهائي، وهو تدمیر المخیم وقتل من فيه.
یتابع أبو مجحم:“ اتخذ القرار، وکان انتقامیاً بشکل دموي، خاصة من طرف قائد یدعی ریفاس، وهو الذي فقد الفوج الذي یقوده العدد الأکبر من المقاتلین هجوم داعش الغادر، حیث طلب ضربات جویة بأشد أنواع القنابل تدمیراً، وبلغ عددها ٤٤ غارة، کما طلب تمهیداً مدفعیاً عنیفاً المنطقة، نفذه فوج المدفعیة الذي یقوده شخص یدعی (هافال أوزان)، وهو قیادي من جبال قندیل، واستهدف المخیم بأکثر من 150 قذیفة هاون و 200 قذیفة مدفعیة بالإضافة إلی قصف المخیم بالرشاشات الثقیلة المضادات للطیران بشکل عشوائي، وظلت بالقذائف تتساقط کالمطر لنحو ٤٨ ساعة، کما شارك العملیة القائد باشور، وهو رئیس غرفة العملیات، الذي یقدم الاحداثیات لطیران التحالف وللمدفعیة، وبعد أن تأکد للجمیع أنه لم یبق أحیاء في المخیم، شنوا هجوماً مساء الإثنین ١٨ آذار واقتحم المخیم کل من (فوج لاهینك) و(قوات قامشلو) و(قوات الشدادي)، وجمیعها تشکیلات کردیّة. فیما اقتحم المکان من جهة تلة ”الجهفة“ قوات (جیش الثوار) بقیادة أبو علي برد، وهي القوات العربیة الوحیدة، وقد جيء بها من ریف حلب الشمالي. ولیسوا من أبناء المنطقة، أما نحن (الشعیطات) فکنا الخط الثاني، ولم یسمح لنا بالاقتراب سوى الفجر، حیث طلب منا القیام بعملیة تمشیط ثانیة للتأکد من خلو المنطقة من الدواعش، مع منع الاقتراب من أي أغراض أو أشیاء المکان، بل ومنعنا من تفحص الجثث.
https://www.youtube.com/watch?v=gJzhYnaSqTA
یقول أبو مجحم واصفا مشهد مخیم الباغوز بعد سویعات من سقوطه ”بأن الجثث المتفحمة والأوصال البشریة کانت تملأ المکان، ومن الواضح أن قذائف الطائرات والمدفعیة قد مزقتهم .. لم نصادف عملیة التمشیط أي داعشي، ولم نواجه أي مقاومة، کان المنظر مأسویاً بالفعل، و الرغم من فظاعة ما ارتکبه داعش من جرائم إلا أننا جمیعاً صدمنا لهول المنظر“.
وقد زودنا أبو مجحم بفیدیو لللحظات الأولی لدخوله مخیم الباغوز مع رفاقه، سیارة بیك آب، ولا یبدو بالفعل أن ثمّة وجود لأحیاء
المکان، کما یبدو واضحاً أن ثمة قوات سبقتهم إلی المکان وتمرکزت فیه. (الفیدیو رقم 6)
https://www.youtube.com/watch?v=gJzhYnaSqTA
سعدون الشعیطي: ”الدواعش“ من قاموا بالمجزرة
سعدون (اسم مستعار من قبلنا) وهو من عشیرة الشعیطات، کان مقاتلاً في صفوف قسد خلال معرکة الباغوز، وهو من زودنا بمقطعي الفیدیو ١ و٢ ،جاءت شهادته مطابقة لشهادة أبومجحم، فیما یخص مجزرة المدفعیة والطیران والمسؤولین عنها، لکنه ذهب إلی الاعتقاد بأن المجزرة التي ارتکبت بالسلاح الفردي یقف وراءها الدواعش ذاتهم، وأنها تدخل ضمن تصفیات متبادلة بین اجنحة داخل التنظیم، قبیل سقوط آخر معاقله .
جسر استطلعت على رأي الدکتور عبد الرحمن الحاج، المتخصص الجماعات الإسلامیة، والذي قال بعد مشاهدة الفیدیوهات: “ من المستبعد أن یقوم الدواعش بهذه الجریمة، فالجماعات الجهادیّة تحرّم قتل الأطفال، وهم – وفقا لهم – کل من لم یصل الی سن البلوغ، ولا تطبق علیهم أي من الحدود، فما بالك بالأبریاء وبینهم رضع کما یبدو الفیدیوهات“.
بدوره أکد سعدون، أنه لم یدخل أي ”شعیطي“ إلی منطقة العملیات قبل الأکراد أیضاً، وهذا ما یجعلهم ( التشکیلات الکردیة) دائرة الاتهام، بعد مقاتلي داعش، وهو یحصر شبهاته بهذین الطرفین، وأضاف محدداً بشکل دقیق:“ دخل من الشعیطات عملیة التمشیط ١٢ شعیطیاً فقط، ثلاثة من فوج أبو خالد هجین، وثلاثة من فوج أبو العبد الشعیطي، وستة من فوج خابات الشعیطي“. أما في الاقتحام فلم یکن هناك أي مقاتل من هذه القبيلة.
القیادي ”ریفاس“ أعدم ٣٤ شخصاً میدانیاً!
أما أبو حمد (اسم مستعار من قبلنا) وهو مقاتل أیضاً صفوف قسد، ومن أبناء عشیرة الشعیطات، کان شاهداً على عملیة اقتحام الباغوز فقال لنا:“ بعد ثلاثة أیام من القصف الجوي والمدفعي المکثف جداً، جاء أمر باقتحام المخیم من ثلاثة محاور، من الشرق فوج الشدادي ومن الشمال جیش الثوار، ومن الغرب قوات من الحسکة“.
وأضاف أبو حمد إنه علم من آخرین بأن فوج ”ریفاس“: ”إعدام 34 شخصاً بینهم نساء، إعداماً میدانیاً رمیاً بالرصاص، ثأراً لعناصر فوجه الذین قتلهم التنظیم هجومه المباغت، کما سلم سبعون شخصاً أنفسهم معظمهم من النساء والأطفال لهذا الفوج، وتم نقلهم بواسطة شاحنات إلی مکان مجهول“.
امرأة من ”داعش“ شهدت الحصار: قتلوا ألف شخص ودفنوا المصابین وهم أحیاء!
جسر تمکنت من التواصل ”عبر وسیط“ مع إحدى نساء عناصر تنظیم داعش الناجیات من مجزرة الباغوز، وهي مقیمة حالیاً مخیم الهول، وقد قالت شهادتها التي أرسلت لجسر عبر تطبیق واتس آب (الصورة المرفقة وقد تم التصرف جزئیا بالرسالة لتصحیح الأخطاء الاملائیة): ”وقع صاروخ على الخیمة المقابلة، کان فیها نساء وأطفال، و أثر هذا احترقت الخیم التي بجانبها، وراحوا یقصفون أماکن تخزین الأسلحة، والذخائر راحت تنفجر، ویقتل الناس، یومها قتل أکثر من ألف بسبب النار والرصاص الذي ینزل علیهم مثل المطر. لم یرحموا لا صغیراً ولا کبیراً، وأکثر من احترق هم من (العجم) .. أي الاوربیین، و(الاخوة) انحازوا إلی
طرف الجبل، وبقي (أخوة مصابون)“.. لکن الجزء الخطیر تلك الرسالة هو التالي:“ الأکراد منعوا أي صحفي
من الدخول إلی الباغوز، وفي البدایة ادخلوا ترکسات (جرافات) وطمروا كل الجثث ومن ضمنهم نساء ورجال مصابون, وبعضهم اصابته خفيفة ولكن لا يستطيعون المشي.
”أسرى داعش“ الذین کانت یحتفظ بهم التنظیم ربما کانوا بین ضحایا المجزرة
یقول أبو مجحم إن الأکراد أبعدونا عن الخط الأول في هذه المنطقة، و ”منعنا جهاز أمني من الاستخبارات یقوده شخص یدعی (هافال آغري)، من الوصول إلی داخل المخیم، الذي کانوا یتوقعون احتواءه على ما هو ثمین ویریدون الاستئثار به لأنفسهم“.
وعندما سألناه عما یقصده بـ“الثمین“ قال: ”إن الهدف الأهم بالنسبة لقسد کان الأسرى الذین بحوزة داعش ومنهم جنود أکراد، لکن الأهم کان الأب باولو، کما جرى الحدیث عن ممرضة أوربیّة، وأشخاص آخرین کان التنظیم یفاوض إطلاق سراحهم مقابل إخراج عناصره من الباغوز إلی الصحراء“. وعندما سألناه عن مصیر هؤلاء، قال أبو مجحم: “ إذا کانوا في مخیم الباغوز فقد قتلوا في مرحلة القصف بکل تأکید، فمیدان المعرکة کان محروثا بشظایا القنابل شبراً شبراً، والرهائن بالتأکید تم استخدامهم کدروع بشریة لمقاتلي داعش وعائلاتهم، وکانوا أول الضحایا“.
القیادة الکردیّة قسد رفضت التحدث إلی ”جسر“ رغم الإلحاح
جسر حاولت أن تضع هذه المعطیات أمام القادة العسکریین ”قسد“ وقوات التحالف الدولي التي تعمل ضمنه، واتصلنا وفق الأصول المتبعة بمصطفی بالي، رئیس الدائرة الإعلامیة ”قسد“ مدى یومین متتالیین، وترکنا له رسائل مکتوبة وصوتیة، عبر تطبیق واتس آب، تشرح الغایة من الاتصال، واستمع إلیها، لکنه تجاهلها ولم یردّ الاتصالات المباشرة أیضاً.
”الشعیطات“ یردّون: تهمة استباقیة من الأکراد للتنصل من الجریمة في حال انکشافها
أبو علاوي، أحد أبناء قبیلة الشعیطات ، وناشط اعلامي، عبر عن غضبه من الاتهامات الموجهة لشبان من قبیلته، وقال لجسر: ”بعد أکثر من خمس سنوات من قتال عشیرتنا لتنظیم داعش، وخسارة خیرة شباننا، تشن علینا حملة لا تقل ظلماً واجحافاً عن حملة داعش علینا، ففي حین اتهمنا داعش بالارتداد عن الدین واباح قتلنا، یأتي الیوم من یصفنا بالقتلة المجرمین، ویبیح قتلنا أیضاً“.
وقال أبو علاوي لجسر:“ کان مقاتلونا في الباغوز قلّة، ولم یکونوا خطوط التماس، ولم یکن لدیهم صلة بالتحالف وطائراته، ولیس لدیهم مدفعیة ثقیلة لیقصفوا العائلات المخیم، من ارتکب الجریمة الاولی، وهي القتل بالسلاح الثقیل، یستطیع أن یعدم الأطفال بالسلاح الفردي“.
الشعیطي نوّه أیضا إلی أن مجازر أخرى تتهم بها ”قسد“ لم یتحدث عنها أحد، وتساءل:“ لماذا لا یفتح تحقیق مجزرة الرقة التي قالت منظمة العفو الدولیة أن ١٦٠٠ مدني قتلوا فیها ید قسد وحلفائها؟ لم یکن الشعیطات حینها مشارکون العملیات، فمن
ارتکبها؟ الجمیع یعرف، إنهم الأکراد المنضوون في قوات سوريا الدیمقراطیة، لکن نحن العرب السنّة یجب أن نظهر قتلة ومجرمین، إن لم یکن ممکناً اتهامنا بالإرهاب والدعشنة“. وأضاف: ”إن الغایة من اتهامنا هي سیاسیّة بحتة، لتبخیس دور المکون العربي الحرب ضد الإرهاب، وحجب أي تعاطف دولي وعالمي مع قضیتهم. أبو علاوي أستدرك: ”وربما کانت خشیة الأکراد من محاکمات لاحقة، خاصة فیما یتعلق بالمختطفین من جنسیات أوربیة، ما دفعهم لإلصاق التهمة نحو استباقي بالشعیطات العرب“.
خلاصة:
ما زال ثمة حلقات مفقودة هذه القضیة، ففي مکان الجریمة حضر أربعة أطراف، هم مقاتلو الشعیطات، ومقاتلون أکراد قسد، ومقاتلو التحالف الدولي، ومقاتلو داعش، لکن الحلقة الوسطی، التي یمکنها أن تضئ دور کافة الأطراف، هي الطرف الکردي، الذي کان له الحضور الأکبر العملیات، واحتفل بشکل رسمي بتحقیق النصر الباغوز، ممثلاً بقائد قوات سوریا الدیمقراطیة، مظلوم عبدي.
ومع أن هذا الطرف رفض الادلاء بمعلوماته، إلا أن خبراء حقوقیین، بینهم المحامي الأستاذ محمد صبرا قالوا لصحیفة جسر: ”وفقا لاتفاقیة جنیف الرابعة بشأن حمایة المدنیین وقت الحرب، والتي تمنع منعا باتا التعرض لحیاة المدنیین أو لکرامتهم وممتلکاتهم الشخصیة فإن الانتهاکات التي ارتکبتها قوات سوریة الدیمقراطیة أثناء معارکها منطقة دیر الزور والباغوز تحدیدا ترقی إلی جرائم حرب لأنها تشکل انتهاکا خطیرا للموجبات القانونیة اتفاقیات جنیف الأربعة ولا سیما الاتفاقیة الرابعة“.
وأضاف:“في النظام الأساسي لمحکمة الجنایات الدولیة فإن المادة 8 قد أوضحت بشکل صریح أن القتل العمد النزاعات یعتبر جریمة حرب مؤثمة قانونا ویلاحق مرتکبها وفق الاختصاص النوعي لمحکمة الجنایات الدولیة“ .
إن المعلومات المتوفرة، تنطوي ادانة واضحة لهذه القوات وقائدها، فسواء کان من ارتکب هذه المجزرة عرب من الشعیطات أو أكراد فإنهم في المحصلة عناصر في سلطة أمر واقع سيطرت على منطقة العمليات , ویتحمل (مظلوم عبدي) بوصفه ”قائد“ قوات سوریا الدیمقراطیة، المسؤولیة عن أفعال مرؤوسیه وجنوده، مجهولي الهویة الحقیقیة حتی الآن، کما أن هذه القوة مسؤولة عن تقدیم الأدلة وفتح تحقیق الجریمة، وفیما لو ثبت أنها قامت بإخفاء الأدلة أو العبث بها، مثل طمر الجثث بالجرافات ومنع الصحفیین من الوصول إلی مکان المجزرة، فإن ذلك جریمة إضافیة، تثبت تورطهم الجریمة الأولی.
کما تتحمل کافة الأطراف الدولیة المشترکة العملیات جانباً من المسؤولیة، ویتوجب على قوات التحالف الدولي فتح تحقیق من طرفها في الحادثة، وإلا اعتبر سکوتها تواطأ یدینه القانون. إضافة إلی ذلك فإن ذوي مختطفي داعش الذین یحتمل أنهم قتلوا في القصف، أو سواه من العملیات، یستطیعون مقاضاة القوى المشترکة في العملیة، وکون المسؤول المعلن عن القوات المیدانیة ”قسد“ هو مظلوم عبدي، فإنه المتهم بالمسؤولیة عن هذه الجریمة، ویجب أن ترفع بحقه الدعاوي القانونية المناسبة لاستجلاء الحقائق وانصاف الضحايا.
المصدر: صحيفة جسر