هرباً من قصف مكثف تشنه قوات نظام بشار الأسد والميليشيات الإيرانية، يستمر نزوح مئات العائلات عن ريف درعا الشمالي والشرقي إلى السهول المحيطة والمناطق الأقل خطراً.
من هؤلاء المدنيين من وصلت به رحلة النزوح إلى الحدود مع هضبة الجولان السورية المحتلة.
ومنذ حرب يونيو/ حزيران 1967، تحتل إسرائيل حوالي 1200 كيلومتر مربع من الجولان، وأعلنت، في 1981، ضمها إليها، بينما ما تزال حوالي 510 كيلومترات مربعة تحت السيادة السورية.
قبل أيام بدأت عشرات العائلات بالتوافد إلى المنطقة الحدودية، هرباً من قصف مكثف يمهد لهجوم عسكري مرتقب.
أوضاع مأسوية
تحت أشعة الشمس الحارقة، تفترش عشرات العائلات التراب، لضعف إمكانياتهم، وعدم توافر خيام.
هؤلاء اضطروا إلى النزوح في ظروف صعبة، حاملين معهم ما خفّ وزنه من أمتعتهم الشخصية وبعض المواد الغذائية.
أبو محمد عقربا، نازح من ريف درعا الشمالي، قال لوكالة “الأناضول” إن “أكثر من 70 ألف مدني نزحوا عن مدن وبلدات ريف درعا الشمالي والشرقي، خلال الأيام القليلة الماضية”.
وتابع أن هؤلاء نزحوا “بعد تعرض مناطقهم لحملة قصف هي الأعنف منذ عام من جانب الطيران الحربي وراجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة”.
وأوضح “عقربا”، أب لثلاثة أطفال، أن “أعداد كبيرة من النازحين توجهوا إلى المناطق الحدودية مع الأردن والجولان المحتل، هربا من القصف، وطلباً للأمان بجانب الحدود”.
وناشد جميع المنظمات الإنسانية والهيئات المحلية ضرورة تقديم مساعدات عاجلة للنازحين، خاصة من لجأوا إلى الحدود، لعدم توافر خيام ولا مياه، واصفاً أوضاعهم بـ “المأساوية”.
وتوقع “ازدياد أعداد النازحين خلال الساعات والأيام القليلة القادمة”.
وأرجع ذلك إلى استمرار التصعيد العسكري، وتهديد قوات النظام والميليشيات، عبر منشورات ألقتها طائرات، بأنهم يستعدون للسيطرة على المنطقة، مطالبين السكان بـ”المصالحة” وتسوية أوضاعهم الأمنية عند النظام.
هجوم وذعر
كاميرا وكالة “الأناضول” رصدت الأوضاع الإنسانية التي يعيشها السكان على الحدود مع الجولان المحتلة، قرب بلدة بريقة في ريف القنيطرة، والبدء ببناء مخيم جديد للنازحين بأبسط الوسائل.
وقال الحاج خالد الخطيب، من بلدة كفر شمس بريف درعا الشمالي، إن “قصف النظام على مناطق الريف الشمالي بدأ فجأة، ما أدى إلى وقوع ضحايا من المدنيين، وأثار الذعر بين السكان واضطرهم إلى النزوح بشكل مستعجل دون أن يتمكن معظمهم من إخراج أمتعتهم وممتلكاتهم”.
وأضاف: “خرجت مع عائلتي ليلاً بسيارة لأحد أقاربي، أثناء القصف على بلدة كفر شمس، وكنا معرضين للموت في أي لحظة”.
وتابع الخطيب: “لم نستطع إخراج ممتلكاتنا سوى بعض الأشياء البسيطة، ونحن الآن نتواجد على الحدود مع الجولان المحتل، لا نملك حتى خيمة لتقينا من حرّ الشمس”.
تحذير أردني
وقالت مصادر مطلعة لـ”الأناضول” إن الأردن أبلغت فصائل المعارضة المنتشرة قواتها في المناطق القريبة من الحدود مع المملكة بريف درعا، بأن أي تجمع قرب الحدود سيتم التعامل معه كتهديد لأمن الحدود، وطلبوا منهم إبلاغ السكان والمجالس المحلية بذلك.
وأوضحت المصادر، طلبت عدم نشر أسمائها، أن السلطات الأردنية طلبت الحفاظ على مسافة 6 كيلو مترات عن الحدود كمنطقة عسكرية ممنوع الاقتراب منها، وذلك يُطبق أيضاً على النازحين السوريين.
والأردن هو أحد أكثر المتضررين من الحرب في جارته سوريا، إذ تستضيف المملكة نحو 1.3 مليون لاجىء سوريي، ما يشكل ضغطًا على مواردها المحدودة.
وتخشى المملكة أن يؤدي الهجوم على درعا إلى تدفق مزيد من اللاجئين.
وهذا هو أشرس هجوم تتعرض له مناطق من ريف درعا منذ أن توصلت الأردن والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، في يوليو/ تموز 2017، إلى اتفاقية لخفض التصعيد بمنطقة جنوب غربي سوريا.
المصدر: الاناضول