ينفرد موقع “اقتصاد” بنشر موجز دراسة قد تكون فريدة من نوعها، تقترح استراتيجية شاملة على الصعد الثلاثة، الاقتصادية والسياسية والإدارية، لشمال غرب سوريا.
أعدّ الدراسة، الباحث، د. مأمون سيد عيسى، نائب رئيس الهيئة السياسية في محافظة إدلب، وتقدم الدراسة رؤية تقوم على بناء استراتيجية تنمية اقتصادية لشمال غرب سوريا.
والهيئة السياسية في إدلب، هي تشكيل سياسي، نشأ في خريف العام 2016، أعلنته فعاليات مدنية وناشطون في محافظة إدلب، بحضور ممثلين لبعض الفصائل العسكرية، بهدف إيجاد “واجهة سياسية حقيقية للثورة في إدلب”، وفق مؤسسيي الهيئة.
عنوان الدراسة “الاستراتيجية الاقتصادية والسياسية والإدارية لمناطق شمال غرب سوريا – في مرحلة ما قبل الحل السياسي”. وقد تم الانتهاء من إعدادها في 27 أيلول/سبتمبر الفائت، ثم خضعت لبعض التعديلات والتطوير في تاريخ لاحق.
وكان “اقتصاد” قد نشر الجزء الأول من الدراسة، على أن ينشر لاحقاً الجزئين الثاني والثالث، لكن بعد التشاور مع إدارة التحرير، تم الاتفاق على نشر موجز للدراسة، نظراً لأن نص الدراسة الأصلي، طويل جداً، ويتضمن الكثير من التفاصيل التقنية، التي قد تجعل من الصعب على المتابع غير المتخصص، التمتع بالصبر الكفيل بدفعه للإطلاع على كامل نص الدراسة.وفيما يلي موجز للدراسة، بقلم معدّ الدراسة د. مأمون سيد عيسى.
مقدمةستحاول الدراسة في إيجاز وضع خارطة الطريق لتنمية منطقة شمال غرب سوريا في الوقت الحالي والتي عادة لا يتم التركيز عليها من قبل المهتمين الذين يهتمون عادة بعملية التنمية في مرحلة ما بعد الحل السياسي بسوريا. وسيركز موجز الدراسة هذا على وضع ركائز في خطط التنمية للمرحلة الحالية والمستقبلية مع وضع خارطة طريق لبيان كيفية تحويل الرؤية الفكرية لبناء عملية التنمية إلى حقيقة ملموسة قابلة للتطبيق بدل أن تبقى فكرة على ورق.من المؤكد أن عملية التنمية الحالية إن حصلت فإنها سوف تشكل حجر الأساس لأي تنمية مستقبلية للمنطقة.
1-المرحلة الأولى: بناء النواة الصلبة -الفريق المؤسس المخطط لعملية التنمية – يبدو العمل على تشكيل فريق النواة الصلبة خطوة مهمة وبداية لابد منها. ففريق النواة الصلبة هو مجموعة من السوريين الوطنيين الذين يضعون نصب أعينهم دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مناطق شمال غرب سوريا إلى الأمام وإلى تحقيق الانفراج الاقتصادي في المنطقة بهدف تحسين حياة مواطنيهم في منطقة سحقتها ظروف الحرب والنزوح والفقر.- تتكون مجموعة فريق النواة الصلبة من عدة اختصاصيين في الاقتصاد والسياسة والصناعة وعلوم مختلفة.-سيعمل فريق النواة الصلبة على التواصل مع ما أمكن مع الخبراء الاقتصاديين السوريين في مختلف دول العالم ويطلب منهم تقديم رؤيتهم في تنمية المنطقة في الوقت الحالي وفي المستقبل ومن ثم يعمل الفريق على صياغة تلك الرؤى في سيناريوهات واقعية وقابلة للتطبيق وتأخذ بعين الاعتبار الظروف الذاتية والموضوعية للمنطقة وتعقيداتها وتعمل على مراعاة مصالح حليفنا الجار دولة تركيا
.2-المرحلة الثانية: إقامة ورشات العمل التشاورية للتنمية-سيعمل فريق النواة الصلبة على عقد ورشات العمل التشاورية المخصصة لمناقشة موضوع التنمية في شمال غرب سوريا إما باجتماعات فيزيائية ضمن الأراضي التركية أو الريف الشمالي لحلب أو باجتماعات تتم عبر تقنيات التواصل.
حيث يقوم الفريق بدعوة الخبراء الاقتصاديين الأكاديميين من أبناء سوريا إلى تلك الورشات كي يتم مناقشة الواقع السياسي والاقتصادي والإداري لمنطقة شمال غرب سوريا ومناقشة السيناريوهات التي تم التوصل إليها في المرحلة السابقة واختيار أفضلها وأكثرها واقعية وإجراء تعديلات عليها إن لزم الأمر، على أن تكون الرؤية التي يصل إليها الفريق ليست بالطوباوية، بل تناسب الواقع الحالي بتعقيداته وقابلة للتطبيق بغية تحسين الوضع الاقتصادي للمنطقة والذي اقترب من الوضع الكارثي بعد وصول وباء كوفيد 19 إليها. ومن ثم وضع تلك الرؤى أمام المجلس الاستشاري الاقتصادي كي يعمل على تنفيذها.
3- المرحلة الثالثة: تأسيس المجلس الاستشاري الاقتصادي لمنطقة شمال غرب سوريا
-لابد للتوصيات والرؤى التي تم وضعها عبر المرحلتين السابقتين من هيئة تعمل على تطبيقها وإلا سوف تبقى حبيسة الأدراج.-لذلك يتم الترتيب بأن تقوم غرفة تجار سوريا الحرة بتبني المشروع وتعمل بالتعاون مع فريق النواة الصلبة على تأسيس المجلس الاستشاري الاقتصادي لمنطقة شمال غرب سوريا الذي يتكون من (مندوبين من غرفة التجارة الحرة والحكومة المؤقتة والمجالس المحلية للمدن الرئيسية في شمال غرب سوريا والجامعة مع إضافة عدد من الخبراء الاقتصاديين الموجودين في تركيا وشمال سوريا وكذلك يمكن إضافة مندوبين عن غرف تجارة المدن الحدودية التركية).سوف يترتب على المجلس الاستشاري بعد تكوينه مسؤولية مهمة وهي تأسيس مركز تنمية مناطق شمال غرب سوريا.
4-المرحلة الرابعة: تأسيس مركز تنمية مناطق شمال غرب سوريا -يقوم المجلس الاستشاري الاقتصادي بتأسيس مركز تنمية مناطق شمال غرب سوريا ومقره في إحدى المدن الحدودية بجنوب تركيا أو ضمن إحدى مدن ريف حلب الشمالي. وسوف يكون أعضاء مركز التنمية متفرغين ويتقاضون رواتب عن عملهم كي يحصل الالتزام والجدية المطلوبة.
-سيكون المركز بمثابة غرفة العمليات التي تقود خطط التنمية في مناطق شمال غرب سوريا حاضراً ومستقبلاً حيث من المفترض أن يقوم بالمهام التالية:
1-بناء استراتيجيات التنمية أو اعتماد استراتيجيات تم الوصول إليها عبر المراحل السابقة وفق أقانيم ثلاثة قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل، وتتضمن تلك الاستراتيجيات رؤية المركز في موضوع إعادة الإعمار.
2-بناء قاعدة المعلومات المطلوبة وتقوم على بناء ملفات تشتمل على المعلومات والإحصاءات والدراسات التي تخص المنطقة في نواحي الصناعة والزراعة والتركيبة الديمغرافية للمنطقة.
3-بناء الخريطة الاقتصادية لمنطقة شمال غرب سوريا والتي تعمل على تحليل كيفية توزيع الإنتاج الاقتصادي للمنطقة وتصميم سياسات بناء التنمية.
4-القيام بإجراءات المناصرة Advocacy وتشمل مخاطبة الشركات في دول العالم لدفعها للاستثمار في مشروع المنطقة الحرة الصناعية ومخاطبة النخبة السورية الثرية وتذكيرها بمسؤولياتها في تنمية بلدها.
5- العمل على إقامة بنك للأفكار المبدعة ودراسة تجارب الدول التي خرجت من الحرب واستطاعت تحقيق قفزات مهمة في التنمية.
6-تقديم رؤى في كيفية تغير استراتيجية المنظمات العاملة من الإغاثة إلى التنمية.
7-دراسة تشغيل ما تبقى من مؤسسات ومصانع القطاع العام في شمال غرب سوريا والتي لم تطلها يد الانتهاكات.
8- إقامة مشروع بناء مناطق حرة خدمية صناعية في المناطق الحدودية مع تركيا بعد الاتفاق مع مع تركيا.
5-المرحلة الخامسة: تأسيس المنطقة الحرة الخدمية الصناعية لشمال غرب سوريا
-تعريفها: هي المنطقة التي تقع ضمن المعابر الحدودية مع تركيا أو بالقرب منها وتحاط المنطقة الحرة بالأسوار ويتم عزلها عن جوارها إدارياً وجغرافياً ويتم إخضاعها لقواعد إدارية محددة مما يسمح لها بإقامة النشاطات الخدمية واللوجستية والصناعات بمعزل عن القيود التنظيمية والإدارية الموجودة في المناطق التي تجاورها.
-يعمل مشروع المنطقة الحرة الخدمية الصناعية ضمن معطيات الظروف الحالية وضمن الإمكانات المتاحة ويأخذ بعين الاعتبار المخاوف المحقة للمستثمرين والصناعيين الذين يودون إقامة مشاريع صناعية في شمال غرب سوريا والذين تمنعهم مخاوفهم من الاستثمار حالياً في المنطقة وذلك بالبحث عن أجوبة لتلك المخاوف تعمل على تبديدها وليس تجاهلها.
فوائد مشروع المنطقة الحرة الخدمية الصناعية لشمال غرب سوريا-سيعمل المشروع على دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق الانفراج الاقتصادي في منطقة شمال غرب سوريا.
-سيعمل على الحد من البطالة المنتشرة بشكل كبير في شمال غرب سوريا.-سيعمل على تنشيط الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني وفتح أسواق لمنتجات المنطقة في العديد من دول العالم.
-سيعمل على تزويد المنظمات الإغاثية العاملة في شمال غرب سوريا بجزء من المنتجات التي تقوم المنظمات بتوزيعها كإعانات. – سيعمل المشروع على المحافظة على ما تبقى من الخبرات الإدارية والفنية وتنمية مهارات اليد العاملة.- سيساهم المشروع في تعميق العلاقات والشراكة الاقتصادية بين تركيا ومناطق شمال غرب سوريا.-سيعمل المشروع على وضع الأسس لبدء جلب الاستثمارات للمنطقة والأموال السورية المهاجرة.
-سيؤدي المشروع إلى تامين قطع أجنبي حر نتيجة لعمليات التصدير.
-سيعمل المشروع على دفع المنطقة نحو مزيد من التقدم في عملية التعافي المبكر وإيجاد نموذجها الاقتصادي الخاص بها في المستقبل.خارطة الطريق المقترحة في تنفيذ المنطقة الحرة الخدمية الصناعية
1-وضع ركائز المشروع وإنجاز الحوكمة المطلوبة وتحرير نظام داخلي لتنظيم المشروع على أن يتقاضى أعضاء مجلس الأمناء عائد (نسبة من العائدات أو راتب) مقابل عملهم في هذا المجلس.
2-يتم إنجاز الخطوات التالية بالتعاون مع المجلس الاستشاري الاقتصادي:
1-إنجاز دراسة الجدوى للمشروع والدراسة الهندسية والجغرافية للمشروع: يتم إنجاز الدراسات عبر مكاتب مختصة يكلفها بها مجلس الأمناء.
2-وضع خطة العمل التنفيذية: ووضع تصور لإدارة المشروع وتأسيس الأقسام الضرورية للمشروع (الإدارة التنظيمية ومكتب لمديرية الصحة ومكتب لهيئة لمقاييس التركية ومكتب للجمارك ومكتب للشرطة الحرة لمكافحة المخدرات وتبيان تبعية هذه المكاتب والعلاقات التي تربطها).
3-الاتفاق على ركائز المشروع مع الحكومة التركية والتعاون معها لإنجاح المشروع وإزالة أي عقبات في طريقه خاصة ضمان أمن المشروع.
4- دراسة الترتيبات الإدارية والتنظيمية المطلوبة: عبر بناء نظام داخلي للمشروع يشمل كل تفاصيله وضمنها إعطاء الموافقات والتراخيص المطلوبة لأي منشأة تقام ضمن المنطقة الحرة وكيفية تذليل العقبات التي تعترض إقامة المشاريع في تلك المنطقة.ثانياً: مراحل مشروع المنطقة الحرة الخدمية الصناعية
1-يتم ابتداء العمل على تأسيس ما يسمى (مشروع الميناء الجاف) وهو المرحلة الأولى من المنطقة الحرة وسوف يعمل الميناء الجاف على تقديم خدمات لوجستية وبناء مراكز لشحن وتوضيب البضائع القادمة إليه من شمال غرب سوريا ليتم تجميعها بحاويات ومن ثم يتم تصديرها باتجاه دول العالم المختلفة عبوراً ترانزيت في الأراضي التركية أو إلى تركيا بعد التنسيق معها.
ويضم مشروع الميناء الجاف البنوك ومراكز PTT ثم يتطور المشروع في المرحلة التالية عبر التحول إلى منطقة حرة صناعية.
2- يبتدئ المشروع في أحد معابر ريف حلب الشمالي ثم يمتد إلى محافظة ادلب – باب الهوى حتى مدينة إدلب عاصمة الشمال السوري، وذلك عندما ترى الحكومة التركية أن الوقت مناسب من الناحية السياسية لبدء المرحلة الثانية في محافظة إدلب ويمكن البدء في المنطقتين معاً إن تم الاتفاق مع الحكومة التركية على ذلك.
ثالثاً: المشاريع المقترحة- صناعة منتجات الحليب وصناعة تعليب (الفواكه والخضروات والبقوليات والزيتون والعسل) وصناعة (المشروبات والعصائر) وتعبئة (الزيتون وزيت الزيتون والمخللات) وصناعة الدواجن.
وهنالك صناعات عديدة يمكن إقامتها مثل مشاريع صناعة الألبسة لصالح شركات في تركيا أو في دول العالم ليتم إعادة تصديرها إضافة إلى اقتراحات لإقامة صناعات عديدة.رابعاً: دراسة تمويل تأسيس مشروع المنطقة الحرة الخدمية الصناعية
1-يتم طلب التمويل من الدول المانحة: يتم ذلك عبر طلب التمويل من المانحين الدوليين، في مؤتمر بروكسل، الذين تعهدوا بمبلغ 6.9 مليار دولار لدعم المحتاجين للمساعدات الإنسانية في سوريا وخارجها والمجتمعات المضيفة في الدول المجاورة
2-يتم طرح المشروع بعد دراسته للمناقصة لتنفيذه بحيث يقوم المنفذ بإقامة بنية المشروع والصالات التي تقام بها المشاريع اللوجستية والصناعية ثم يقوم بتأجيرها إلى مستثمرين في المجال الخدمي والصناعي.
خامساً: أمن المشروع 1- يعتبر وجود المشروع ضمن المعابر عامل أمان في أن لا يطاله قصف النظام وحلفاءه.
2
سادساً: مصالح الحلفاء الأتراك في مشروع المنطقة الحرة الصناعية الخدميةيمكن التعاون مع الحكومة التركية في بناء المشروع من منطلق وجود مصالح مشتركة في الحاضر والمستقبل حيث أن مصالح الطرف التركي تتمحور في النقاط التالية:
1-افتتاح الشركات التركية فروعاً لها في المنطقة الحرة مستفيدة من الكلفة غير المرتفعة لليد العاملة في سوريا مما يخفض كلفة الإنتاج لديها.
2-استخدام الموانئ التركية القريبة من الحدود -مثل ميناء اسكندرونة- لتكون بوابة لتصدير المنتجات المصنعة في المنطقة الحرة
3-استجلاب المنشآت الصناعية المقامة في المنطقة الحرة المواد الأولية أو نصف المصنعة من تركيا.
4-إن النمو الاقتصادي إن حصل في شمال غرب سوريا فإنه سيوفر الكثير من التكاليف التي تقدمها الحكومة التركية حالياً كمساعدات إغاثية لمنطقة شمال غرب سوريا أو من أجل إنشاء البنية التحتية للمنطقة، فحين تحصل التنمية فإنها توفر موارد من أجل ذلك.
5-يشجع المشروع على تأمين فرص عمل في شمال غرب سوريا مما يشجع على عودة اللاجئين السوريين من تركيا إلى سوريا.