نزار السهلي
القدس العربي:17/8/202.
نشرت صحيفة « زمان الوصل» مقاطع مصورة، لجنود وعناصر من مخابرات الأسد يحرقون جثث لمعتقلين بعد تعذيبهم في الفروع الأمنية، كما أظهرت المقاطع تجميع الجثث في شاحنات فيما يقوم عناصر مخابرات «فرع الجوية» بالدوس عليها والتمثيل بها، وبينت الصور كيفية رمي الجثث في حفرة ورش البنزين عليها وركلها بالأقدام مع هتافات عنصرية، منذ آذار-مارس 2011 حرص السوريون على ايصال أخبار من هنا وهناك، انتشرت جرائم ومجازر النظام ضد المدنيين في كثير من المواقع في المدن والقرى، وتم توثيق بعضها مع هتافات وشعارات «الأسد أو نحرق البلد» الأخبار المتعلقة بحرق المعتقلين وهم أحياء مع حالة من الانكار الضخم والمستمر لما سربه السوريون عن إحداث نظام بشار الأسد لفرن بشري بمساعدة روسية للتخلص من جثث من يقتلهم تحت التعذيب.
العجز الدولي والإنساني أمام هذه الجرائم المروعة ضد المدنيين في سوريا، دفعت نظام بشار الأسد بدعم مباشر من الاحتلال الروسي والإيراني، على المضي بالجرائم وتطويرها بما يناسب نظريته عن تحويل البلد لـ «محرقة» أو هولوكوست إن لم يستمر بالتحكم برقاب السوريين، وكما يؤمن كل سوري بأن الصور المسربة في ملف «قيصر» الشهير المرتبط بضحايا الموت تحت التعذيب في معتقلات النظام على أنها جزء يسير من مذابح أكبر يجري التساهل معها من المجتمع الدولي، يأتي الكشف عن إحراق جثث المعتقلين بعد قتلهم لتوضيح العقلية الإجرامية التي تدير نظام الحكم في دمشق، وبما لا يدع مجال لشك أن تلعثم بعض السياسات الدولية والإقليمية حيال هذه الجرائم هو للتغطية عليها.
وثائق وشهادات وصور ضخمة توثق لجرائم الإبادة وضد الإنسانية التي اقترفها نظام الأسد وعصاباته العاملة على الأرض ضد السكان المدنيين، فقلما يجد المرء عائلة سورية غير مكلومة بأثر هذه الجرائم المباشرة إن كان ما يتعلق بملف الاعتقال لقريب أو صديق، أو فيما يتعلق بالاستهداف المباشر للمناطق التي دمرها النظام وسيطر عليها بتجريب مختلف وسائل الإرهاب الشامل للمجتمع السوري، ويتبين من خلال استعراض القائمة الطويلة للمذابح الموثقة في سوريا ضد المدنيين، أن اشكال شذوذ النظام السوري في استخدام وسائل حرق السوريين وتعذيبهم واستهدافهم بالبراميل المتفجرة ومختلف الأسلحة المحرمة دولياً الى استخدام الغاز السام، يعكس ذلك انعدام شفافية العالم المقاتل في سبيل العدالة والديمقراطية والحرية التي يسعى إليها السوريون.
يحتاج الإنسان في عصر جرائم الأسد الباعثة على الاشمئزاز والتقزز، الى إجابات كبرى عن هذا التحدي الأخلاقي الذي يتبدى في علاقة متبادلة بين النظام وبين المجتمع الدولي المتساهل مع العواقب الوخيمة التي تركها سلوك النظام على المجتمع السوري وعلى أنظمة عربية في المنطقة، وعلى الاحتلال الإسرائيلي الذي عكس استمرار الأسد المضي بها صورته المستقبلية التي ترسم حدود الجرائم بوصفها ممارسة عملية لتعاطي الطاغية والمحتل مع قضايا التحرر وفي التحدي الصارخ لكل القوانين والشرائع الدولية والإنسانية.
على الرغم من ذلك، يرى «عباقرة «الإجرام في نظام الأسد أن العنف والوحشية المعلن عنها في صور ومشاهد وأفلام الحرق والقتل تحت التعذيب واستخدام السلاح الكيميائي والغازات السامة، كلها تبعث على «البهجة» والرقص على الجثث مع أغانٍ حماسية صاخبة تستهدف الإشارة لعنصرية حاقدة على أن « هذا حمصي وحموي ورقاوي ودرعاوي» وهي أسباب تكفي للترحيب بحرقهم وقتلهم، هذه منهجية النظام التي توضح كل يوم وكل لحظة منذ بداية الثورة السورية، الأهمية الجوهرية للصلة الوظيفية للمذابح والتأكيد على فكرة إبادة مجتمع الثائرين بكل الوسائل المستخدمة التي فرضتها رؤية نظام بشار الأسد العنصرية لاستئصال معارضي حكمه في المجتمع السوري بطرق فظيعة ومريعة، حتى تثبت فاعليتها وتحدث التأثير المطلوب وهو ما حدث فعلاً في كل المناطق السورية التي شهدت جرائم الإبادة في حرق السوريين وتفجير مدنهم بالبراميل والصواريخ وخنقهم بالغازات السامة.كاتب فلسطيني