عقيل حسين المدن:4/1/2022
علمت “المدن” أن النسخة الجديد من النظام الداخلي الخاص بالائتلاف الوطني السوري المعارض أعيدت للجنة القانونية من أجل إدخال تعديلات جديدة عليها، بانتظار التصويت عليها من قبل الهيئة العامة للإئتلاف.
وعلى مدى السنوات الماضية مثلت قضية إصلاح الائتلاف أحد أبرز الملفات التي تطالب بها قوى المعارضة، ورغم المحاولات التي بُذلت على هذا الصعيد إلا أن أي نتائج مهمة لم تتحقق حتى الآن.ويوم الأحد قال رئيس الائتلاف سالم المسلط إن “قرارات جديدة لإصلاح المؤسسة وتطوير أدائها يتم التحضير لها، من بينها تعديل النظام الداخلي واستبدال بعض الكتل السياسية الموجودة في الائتلاف وإصلاح علاقاته مع المجتمع الدولي”.
وأضاف في لقاء مع وكالة زيتون المحلية: “خلال الشهر الماضي تم اتخاذ العديد من القرارات المهمة بهدف انعاش جسم الائتلاف عبر تعديل نظامه الداخلي، واعتماد تعديلات قانونية تعيد الحيوية له”.
المسلط أكد أنه “خلال الاسبوع الحالي سيتم اعتماد النظام الداخلي الجديد، كما سيتم إعادة تشكيل لجنة العضوية وإعطائها الصلاحيات الكافية للنظر بطلبات العضوية المقدمة في السابق، وقرارات الاستبدال المقدمة من مكونات الائتلاف”، بالإضافة إلى “دراسة مرجعيات بعض الكتل السياسية الموجودة منذ تأسيسه، والعمل على استبدال ممثليها بعد التشاور مع الحاضنة الشعبية في الداخل”.
تعقيد وتشكيك
لكن مصادر مطلعة كشفت ل”المدن”، أن النسخة المعدلة من النظام الداخلي لم توزع على أعضاء الهيئة العامة بشكل رسمي بعد، ما يمكن أن يجعل من التصويت عليها خلال هذا الأسبوع صعباً، وهو أمر أكده ل”المدن”، رئيس اللجنة القانونية في الائتلاف العميد عبد الباسط الويس.
الويس اعتذر عن عدم الكشف عن التعديلات التي توصلت إليها اللجنة، مؤكداً أن العمل ما زال جارياً عليها ولا يمكن الحديث حولها قبل أن تطرح للتصويت من قبل الهيئة العامة.واعتبرت مصادر “المدن” أن ما سبق يؤكد وجود تحفظات لدى بعض الكتل والأعضاء حيال التعديلات المقترحة، الأمر الذي سيعقد تمريرها.
أبرز التعديلات التي تم إدراجها، حسب هذه المصادر، تتعلق بآلية منح الثقة للوزراء في الحكومة السورية المؤقتة وإقالتهم، وهي تعديلات لا يبدو أن رئيس الحكومة عبد الرحمن مصطفى والكتل الداعمة له ستوافق عليها.
لكن الأهم، تضيف المصادر، أن التعديلات لم تتطرق بشكل جوهري إلى الاشكالية الأكثر إلحاحاً والتي يطالب الجميع بمعالجتها كشرط أساسي في إصلاح الائتلاف، وهي شروط العضوية ومدتها، حيث ينتقد الكثيرون عدم وجود نص واضح بهذا الخصوص.
ويشكك الكثيرون في إمكانية إدخال إصلاحات حقيقية على النظام الداخلي للمؤسسة، وخاصة المتعلقة بمعالجة قضية الكتل التي لم يعد لها وجود على أرض الواقع، أو تلك التي طرأت عليها تغيرات كبيرة بينما لا يزال ممثلوها موجودين في الائتلاف، مثل كتلة الحراك الثوري والمجالس المحلية.
وبينما يطالب البعض بإنهاء عضوية ممثلي كتلة الحراك، وإعادة النظر بممثلي كتلة المجالس المحلية، خاصة وأن أغلبهم لم يعد للمجالس التي يمثلونها وجود، فإن النقد الذي وجه إلى اللجنة التي أوكلت إليها مهمة تعديل النظام الداخلي الأخير، هو وجود أعضاء فيها من كتلة المجالس المحلية نفسها.
وعليه فإن الاشاعات التي تحدثت عن عقد صفقة بين ممثلي هذه الكتلة ورؤوساء بعض الكتل القوية في الائتلاف من أجل استمرار الوضع الحالي دون إدخال تعديلات مهمة، باتت تجد أصداء في أوساط المعارضة.
مقاومة الإصلاح!
وكان “مركز جسور” للدراسات قد أصدر تقريراً الأحد، تضمن قراءة في أسباب تراجع فاعلية الائتلاف الوطني ومقترحات لمعالجة ذلك، أهمها إعادة النظر بتمثيل الكتل الحالية، وضم أعضاء جدد بعد زيادة عدد أعضاء الهيئة العامة، سواء كمستقلين أو كممثلين عن كتل جديدة يمكن أخذها بعين الاعتبار، ككتلة السوريين في الولايات المتحدة وأوروبا، ووضع برنامج زمني لإجراء إصلاح شامل لكن تدريجي للمؤسسة ككل.
عضو المركز وائل علوان أشار إلى أن الدراسة التي أوصت باعتماد خمسة معايير لتقييم كل عضو، أهمها التمثيل والكفاءة والفاعلية، كان واضحاً أنها تأخذ بعين الاعتبار وجود معوقات يمكن أن تواجهها عملية الإصلاح من داخل الائتلاف نفسه.
وأضاف في تصريح ل”المدن”، أن “منشأ هذه المعوقات في الغالب شخصية أو حزبية، حيث تفترض الدراسات وجود أعضاء يتمسكون بالمصالح المعنوية والمادية التي توفرها لهم عضويتهم في المؤسسة، مع افتقادهم للمعايير التي تؤهلهم للاستمرار في هذه العضوية، كما تفترض وجود كتل يهمها استمرار وجود كتل ضعيفة كي يكون لها حضور بارز، في حين أنه لو كان لجميع الكتل حضور قوي فإن المجموعات المتنفذة حالياً قد تخسر من نفوذها الحالي داخل الائتلاف”.
يذكر أن عدد أعضاء الهيئة العامة للائتلاف الذي تشكل عام 2013 يبلغ 86 عضواً يمثلون 15 كتلة سياسية وقومية وفئوية، بالإضافة إلى ممثلين عن الفصائل العسكرية والمستقلين.
ويرى الكثيرون أن التحدي الأبرز الذي يواجهه إصلاح الائتلاف يأتي من وجود مقاومة للتغيير داخل الائتلاف نفسه، ما يجعل أي محاولات من قبل المؤسسة للإصلاح غير جدية وقاصرة.
بينما يرى البعض في طرح التعديلات الأخيرة في نظامه الداخلي، خطوة شكلية الهدف منها قطع الطريق على أي طروحات جدية يمكن أن تكون هدفاً للحراك الذي أعلنت عنه بعض قوى المعارضة وشخصياتها مؤخراً، وأبرزها الندوة التي دعا إليه مكتب رئيس الوزراء المنشق رياض حجاب لإجراء مراجعة وتقييم لعمل مؤسسات المعارضة، والتي ستعقد في العاصمة القطرية الدوحة في شباط/فبراير 2021.