لونا وطفة /المركز السوري للدراسات والابحاث القانونية
صرَّح محامي الشاهد أنه لن يعطي أي معلومات شخصية تتعلق بموكله بسبب خوفه على أفراد عائلة له في سوريا، وبناءً عليه بقي اسم الشاهد ووجهه غير معروف، المعلومة الوحيدة التي قَبِل الشاهد مشاركتها في المحكمة هي مهنته كطبيب عَمل في مشفى الهلال الأحمر القريب من فرع الخطيب.
وعن آثار التعذيب على المعتقلين قال الشاهد بأن أحدهم لم يخل من جرح ما، ويمكن معرفة الجروح جديدة من علامات النزيف، كما أنه رأى آثار الضرب على الوجه وما يخلفه من كدمات، فضلاً عن جروح مفتوحة وعظام ظاهرة منها و كسور والتهابات، وهذه الأخيرة ناتجة عن عدم تلقي العلاج لفترة طويلة.
ولا يعرف الأطباء، عندما يصفون أدوية معينة لبعض الحالات، إن كان المعتقلون قد حصلوا عليها أم لا.لم يعرف الطبيب الشاهد لماذا حظي بعض المعتقلين برعاية صحية دون الباقين وهم الأغلبية ، وأكد أنهم عندما يعالجون حالات صعبة ويصفون الدواء، لم تكن هناك متابعة لهذه الحالات ولذلك يعتقد أن معظمهم توفوا، واستشهد على ذلك بأن ارتفاع الحرارة الشديد مثلاً يدل على إصابة المعتقل بالتهاب قوي، لكن إدارة السجن ترفض نقله إلى المشفى، وبحكم خبرته كطبيب يعتقد أن هذا الشخص لن يتمكن من النجاة.
سُئل عن رؤيته لمسنين داخل الفرع وأجاب أن بعضهم بلغ السبعين من العمر، ولم يتلقوا الدواء اللازم كما يعتقد، وأضاف بأن أكبر مسنّ عالجه بلغ الثمانين من عمره.ثم سُئل عن رؤيته لأطفال فقال أنه رأى طفل لم يتجاوز الخامسة عشر من عمره ولديه تورم دموي رأسي، أخبرهم في الفرع أنه بحاجة لصورة شعاعية أو رنين مغناطيسي ولكنه لا يعلم إن فعلوا ذلك أم لا.
وصف الجثث قائلاً: “كانوا شديدي النحول، وضعهم الجسدي سيء للغاية مع جروح وكدمات زرقاء وتورمات نتيجة التعذيب؛ رائحتهم سيئة ويرتدون سروالاً داخلياً فقط”. سُئل الشاهد ما إن كان مسؤولاً أيضاً عن كتابة تقرير الوفاة فأكد عدم مسؤوليته عن ذلك، وإنما فقط أن يؤكد ما إن كانوا بالفعل متوفيين أم لا حتى دون تحديد سبب الوفاة المباشر. سُئل الشاهد عن عدد الحالات التي عالجوها خلال عامي 2011 و 2012 فقال أنها كانت بالمئات وربما بالآلاف لكنه لا يستطيع الجزم بذلك، إنما يمكنه التأكيد أنهم جميعاً من فرع الخطيب، لأن كل فرع أمني يسيطر على أقرب مشفى له وفي حالة الخطيب كان مشفى الهلال الأحمر وذلك من أجل نقل الجثث من الفرع
سُئل الشاهد الطبيب من جهة الادعاء العام عمَّا إن كان يعرف حينها من هو المسؤول في فرع الخطيب؟ فأجاب أنور رسلان، فسألوه إن كان يعرفه معرفة شخصية حينها؟ فقال بأنه لا يعرفه شخصياً وإنما اسمه كان معروفاً لهم.
في نهاية الجلسة تقدم الشاهد والمدعي بالحق المدني والذي شهد في المحكمة في اليوم السابق أي بتاريخ 08.09.2021 بسؤال للطبيب الشاهد عن حالات لربما رآها لمعتقلين عانوا داخل المعتقل من فقدان العقل أو كما يطلق المعتقلون على هذه الحالة بأن المعتقل “فَصَل” أو أي حالات نفسية أخرى مشابهة، أجاب الشاهد بأنه لم يرَ حالات فقدان عقل ولكن بالطبع يستطيع التأكيد أن كل المعتقلين كانوا بحالة نفسية سيئة جداً وكانوا مكتئبين ومُحبطين ولا يعرفون أي مصير ينتظرهم..بعد هذا السؤال انتهت شهادة الشاهد الطبيب، وهنا تقدم المدعي الآخر من جلسة 08.09 عن طريق محاميته بطلب التحدث وتقديم توضيحين للمحكمة؛ أحدهما سيقرأه المدعي شخصياً والثاني ستتقدم به محاميته.
بدأ المُدَّعي وهو كما أسلفنا كان يعمل في مجال الصحة النفسية بقوله: “في سوريا وفي ظل نظام الأسد، الاعتقال يعني أمرين: اختفاء قسري وتعذيب. لا أحد يستطيع معرفة مكان المعتقل إلا في حالات نادرة عندما يكون الاعتقال بطريقة الاستدعاء لمراجعة الفرع ولا يعود المعتقل بعدها”.
ثم أنهى توضيحه بالقول: “النظام السوري يستخدم الإخفاء القسري لتمويل عناصره. الكثير من الأهالي يدفعون الكثير من المال ليحصلوا على معلومة واحدة فقط عن أبنائهم”.بعد ذلك تقدمت محامية المدعي ذاته بتوضيح يتعلق أيضاً بالإخفاء القسري ويوافق الطلب المقدم من المحاميين باتريك كروكر وسيباستيان شارمر بإضافة هذه التهمة إلى لائحة الاتهام ضد المتهم.
في ختام الجلسة تقدمت هيئة الدفاع عن المتهم بثلاثة طلبات جديدة لاستدعاء شهود جدد، الأول عضو في المعارضة السورية و معتقل سابق لدى المخابرات السورية، قالت هيئة الدفاع أن هذا الشاهد سيتحدث عن قضية المعتقلة نوران الغميان وظروف اعتقالها. الطلب الثاني كان استدعاء شاهد آخر يعمل كصحفي ومعتقل سابق أيضاً يَسَّر عملية إطلاق سراحه المتهم رسلان بذاته والتقيا شخصياً -المتهم والشاهد- في عنتاب عام 2013. أما الطلب الأخير فكان لاستدعاء شاهد ثالث عمل مع المخابرات السورية سابقاً واعتقل لديهم .