أصدرت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرها السنوي الثالث عشر بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، مسلطةً الضوء على الانتهاكات الجسيمة التي طالت النساء والفتيات في سوريا منذ بداية النزاع في آذار/مارس 2011. وثّق التقرير مقتل ما لا يقل عن 29,064 أنثى، بينهن 117 ضحية قضين جراء التعذيب، فيما لا تزال 11,268 أنثى معتقلة أو مختفية قسراً.
أكد التقرير، الذي جاء في 53 صفحة، أنَّ النساء السوريات تعرضن لتصاعد في نوعية وحجم الانتهاكات، مما تسبب في تمزيق النسيج الاجتماعي السوري، وترك عواقب نفسية واجتماعية واقتصادية عميقة،
إضافة إلى فقدان المجتمع لإمكانات النساء في شتى المجالات. كما أوضح أنَّ الانتهاكات طالت حقوق النساء الأساسية، بما في ذلك حق السكن وملكية الممتلكات، وهي ممارسات أصبحت أكثر رسوخاً بمرور الوقت.
جهود التوثيق والاعتراف الدولي:أشار التقرير إلى عمل الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان بشكل وثيق مع هيئات أممية ودولية متخصصة بهدف تعزيز حقوق النساء في سوريا ومكافحة الانتهاكات التي يتعرضن لها.
ومن أبرز هذه الجهات: لجنة التحقيق الدولية المستقلة الخاصة بسوريا، الآلية الدولية المحايدة والمستقلة، المفوضية السامية لحقوق الإنسان، والمقررين الخواص.
إحصائيات حول الانتهاكات:
وقال التقرير إنَّ الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان وثَّقت مقتل 29064 أنثى على يد أطراف النزاع في سوريا منذ آذار/مارس 2011 حتى 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، قتل منهن 22092 على يد قوات النظام السوري، فيما قتل 1609 على يد القوات الروسية، و1325 على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة، و981 على يد تنظيم داعش، كما قتل 961 على يد قوات التحالف الدولي، و287 على يد قوات سوريا الديمقراطية، و91 على يد هيئة تحرير الشام، فيما قتل 1718 على يد جهات أخرى.
إحصائيات شاملة عن الاعتقالات والاعتداءات:
وأضاف التقرير أنَّه وفقاً لقاعدة بيانات الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان فإنَّه لا يزال ما لا يقل عن 11268 أنثى قيد الاعتقال/ الاحتجاز أو الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع في سوريا منذ آذار/مارس 2011 وحتى 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، منهم 8979 على يد قوات النظام السوري، و983 على يد قوات سوريا الديمقراطية، و981 على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة، و276 على يد تنظيم داعش، و49 على يد هيئة تحرير الشام.
ضحايا التعذيب في مراكز الاحتجاز:
وأشار التقرير إلى أنَّ الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان وثَّقت مقتل 117 أنثى بسبب التعذيب في مراكز الاحتجاز التابعة لأطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا منذ آذار/مارس 2011 وحتى 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2024. بينهم 97 على يد قوات النظام السوري، فيما قتل 14 أنثى على يد تنظيم داعش، و2 أنثى على يد قوات سوريا الديمقراطية، و2 أنثى على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة، وأنثى على يد هيئة تحرير الشام، فيما قتلت أنثى واحدة تحت التعذيب على يد جهات أخرى.العنف الجنسي ضد الإناث:
وثَّقت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان منذ آذار/مارس 2011 حتى 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 ارتكاب أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا ما لا يقل عن 11553 حادثة عنف جنسي استهدفت الإناث بمن فيهن فتيات دون سن الـ 18 عاماً، منها 8024 على يد قوات النظام السوري (443 منها بحقّ إناث طفلات)، و3487 على يد تنظيم داعش (منها 1036 بحقِّ إناث طفلات)، و2 على يد هيئة تحرير الشام، و21 على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة، و19 على يد قوات سوريا الديمقراطية (منها 2 بحقِّ إناث طفلات).
استمرار الانتهاكات في عام 2024:أفاد التقرير باستمرار الانتهاكات الجسيمة ضد الإناث خلال عام 2024، حيث شملت:
• القتل والتشويه: إيقاع إصابات بالغة أو إعاقة دائمة.
• الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري
: استهداف النساء لأغراض الترهيب أو الضغط.• التعذيب والعنف الجنسي: مما يزيد من المعاناة النفسية والاجتماعية.
أكدت الحوادث المسجلة أنَّ النزاع المستمر يضاعف من وطأة معاناة الإناث ويعمق الآثار المدمرة على حياتهن اليومية ومستقبلهن.استراتيجية النظام السوري في الاعتقال والاختفاء القسري للإناث منذ آذار/مارس 2011اتبعت قوات النظام السوري منهجية متعمدة لاستهداف النساء في عمليات الاعتقال والاختفاء القسري منذ بداية النزاع في عام 2011.
استُخدمت هذه الاستراتيجية كأداة للسيطرة والترهيب، وغالباً ما كانت الاعتقالات تتحول إلى اختفاء قسري.الأنماط الرئيسة لاستهداف الإناث:تظهر قاعدة بيانات الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان أنَّ استهداف النساء تم بناءً على خلفيات متعددة، منها الجندرية والطائفية والمناطقية، بالإضافة إلى أدوارهن في الأنشطة المدنية، الإعلامية، والحقوقية، ومشاركتهن في التظاهرات السلمية والجهود الإنسانية.
تعذيب واسع الانتشار ومراكز احتجاز غير مهيئة أصلاً لاحتجاز الإناث:
واجهت النساء المعتقلات لدى قوات النظام السوري سلسلة مستمرة من الانتهاكات، بما في ذلك أشكال متعددة من التعذيب الجسدي، النفسي، والجنسي المنتشر على نطاق واسع.
تُظهر التقارير أنَّ أساليب التعذيب في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام وصلت إلى 72 نوعاً مختلفاً، وترافقت مع ظروف احتجاز غير إنسانية تتسم بالاكتظاظ، الإهمال الصحي المتعمد، وحرمان المعتقلات من أساسيات النظافة والتهوية.
الاعتراف بوفاة المختفيات قسرياً:
منذ عام 2018، تمكنت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان من توثيق حالات وفاة لمختفياتٍ قسراً لدى النظام السوري، حيث تم تسجيلهن في دوائر السجل المدني كمتوفيات دون تقديم أي معلومات عن أسباب الوفاة أو تسليم جثثهن إلى عائلاتهن.
وقد تم تسجيل وفاة ما لا يقل عن 23 أنثى مختفية قسراً بين الأعوام من 2018 وحتى 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2024.
الانتهاكات المستمرة رغم القوانين الدولية:
على الرغم من وجود ترسانة من القوانين الدولية المصممة لحماية حقوق المرأة والطفل، أكد التقرير استمرار الانتهاكات بحقِّهم في سوريا منذ أكثر من ثلاثة عشر عاماً.
ولم تلتزم أي من أطراف النزاع بهذه القوانين. وأشار إلى أنَّ بعض هذه الانتهاكات، ومنها القتل خارج نطاق القانون، الإخفاء القسري، التعذيب، وتجنيد الأطفال، ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية،
بينما ترتقي أخرى إلى جرائم حرب عند ارتكابها في سياق النزاع المسلح، مما يجعلها انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
توصيات للحد من معاناة الإناث في سوريا:
دعا التقرير جميع أطراف النزاع إلى:
• الالتزام بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، وبما ورد في اتفاقية حقوق المرأة ووقف استهداف النساء والفتيات وضرب المدارس والمستشفيات والأماكن المدنية المأهولة.
• الإفراج عن الإناث المحتجزات ووقف تعذيبهم وفصلهم عن البالغين في أماكن الاحتجاز.
• التوقف عن استخدام المنشآت المدنية لأغراض عسكرية.
• تقديم خدمات الدعم النفسي للنساء الناجيات من العنف، خصوصاً من تعرضن للعنف الجنسي.
دعوة للمجتمع الدولي:
وجه التقرير نداءً إلى المجتمع الدولي ومجلس الأمن لاتخاذ إجراءات عاجلة تشمل:
• فرض عقوبات على الأفراد والجهات المسؤولة عن الانتهاكات ضد الإناث.
• تعزيز برامج حماية المرأة في دول اللجوء.
• توفير الدعم والحماية للنساء النازحين واللاجئين.
• إدانة الدول الداعمة للنظام السوري لدعمهم له رغم انتهاكه اتفاقية حقوق المرأة.• الالتزام بتعهدات مالية لدعم برامج الإغاثة والحماية للنساء والأطفال.
ختام التقرير:
أوصى التقرير بمجموعة إضافية من الإجراءات لتحسين أوضاع الإناث المتضررين وضمان حقوقهم الأساسية، مع التشديد على أهمية المساءلة الدولية للجهات المنتهكة.للاطلاع على التقرير كاملاً
https://snhr.org/arabic/wp-content/uploads/sites/2/2024/11/R241106A.pdf