إسطنبول – تلفزيون سوريا
موقع تلفزيون سوريا:13/11/2020
في مثل هذا اليوم قبل تسع سنوات، قرر وزراء الخارجية العرب، في اجتماع طارئ عقدوه في القاهرة، تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية، اعتباراً من 16 تشرين الثاني من العام 2012، لحين الالتزام الكامل لنظام الأسد بتعهداته ضمن “المبادرة العربية”.حينها، أكد الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي أن القرار اتخذ بموافقة 18 دولة، في حين اعترضت كل من لبنان واليمن، وامتنع العراق عن التصويت.ليست المرة الأولى التي تخرج فيها سوريا من الجامعة العربيةلا يحتوي ميثاق “جامعة الدول العربية” على إجراءات محددة تحت مسمى “تعليق” أو “تجميد” العضوية، لكن تنص المادة 18 منه على أن “لمجلس الجامعة أن يعتبر أي دولة لا تقوم بواجبات هذا الميثاق منفصلةً عن الجامعة، وذلك بقرار يصدره بإجماع الدول عدا الدولة المشار إليها”.إلا أن هذا النص في ميثاق الجامعة لم يطبق منذ تأسيسها في آذار من العام 1945، واقتصرت إجراءاتها على “التجميد” و”التعليق”، التي انتهت بزوال الأسباب أو عبر التقادم الزمني.
وسجّل استخدام إجراء “التجميد” لأول مرة في الجامعة العربية مع سوريا ومصر في العام 1958، حيث فقدت الدولتان مقعدهما عقب اتفاقية الوحدة بينهما، لزوال الشخصية القانونية بالاندماج، واعترفت الجامعة بالجمهورية العربية المتحدة عضواً بديلاً عنهما، إلا أن كلا الدولتين عادت إلى مقعدها في العام 1961 بعد الانفصال.
وفي العام 1979، جمّدت الجامعة عضوية مصر، بعد عقدها اتفاقية سلام منفردة مع إسرائيل، ونقلت حينها مقر الجامعة العربية من القاهرة إلى تونس، واستعادت مصر عضويتها ومقر الجامعة في العام 1989.وعلّقت في العام 1990 عضوية كل من دولتي اليمن الشمالي واليمن الجنوبي، بعد اتحادهما في الجمهورية اليمنية، التي انضمت إلى الجامعة بعد شهور قليلة.وفي العام آب من العام 1990، وبعد الاحتلال العراقي للكويت، جمّدت الجامعة عضوية العراق، كما جمّدت عضوية ليبيا في شباط من العام 2011، ليتم في آب من العام نفسه الاعتراف بـ “المجلس الوطني الانتقالي” ممثلاً لليبيا ومنحه مقعدها في الجامعة.تعاضد لم يدم طويلاًبدا موقف الجامعة العربية بتجميد عضوية نظام الأسد إيجابياً تجاه الثورة السورية في بداياتها، وحمل في طياته اعترافاً ضمنياً بـ “الائتلاف الوطني السوري” المعارض ممثلاً عن سوريا، فضلاً عن قرارات أخرى صدرت عن الجامعة تنص على فرض عقوبات على شخصيات من النظام، وإدانات للجرائم والمجازر التي ارتكبها، ودعوة صريحة لتنحي رأس النظام، بشار الأسد، ودعوة المنظمات الدولية للاعتراف بالائتلاف ممثلاً للشعب السوري.إلا أن هذا التعاضد العربي لم يدم طويلاً، فبعد سنوات قليلة بدأ يظهر تباين في المواقف، ما بين مقاطع ومتراجع ومتذبذب ومطبع وغير واضح، وبرزت عند البعض دعوات لإعادة تعويم نظام الأسد، كان أبرزها دعوة رسمية أطلقها لبنان لإعادة مقعد سوريا لنظام الأسد، قبيل انعقاد القمة العربية الاقتصادية في بيروت مطلع العام 2019.
كما جرت تحركات دبلوماسية عربية متقطعة، ازدادت مؤخراً، وتضمنت فتح سفارات وزيارات رسمية لمسؤولين عرب إلى دمشق، ولقاءات عقدت مع شخصيات من الدائرة الداخلية لنظام الأسد.في هذا الملف، نتابع بإيجاز مواقف الدول العربية تجاه نظام الأسد، منذ قرار الجامعة تعليق عضوية نظام الأسد حتى الآن.دول الجوار: المخاوف والمصالح والحسابات الدوليةفي البداية حافظت معظم الدول العربية على قرارها المقاطع لنظام الأسد، وشيئاً فشيئاً بدأت الانقلابات في المواقف تنطلق تبعاً للمستجدات الأمنية والضغوط السياسية، فضلاً عن مصالح كل دولة في سوريا.
في لبنان انقسمت المواقف بحسب الانتماءات والمصالح السياسية، كما أن التركة الموجودة أصلاً منذ اغتيال الحريري وخروج الجيش السوري من لبنان في العام 2005، ساهمت في انقسام أكبر.وعلى الرغم من اعتراض لبنان على قرار الجامعة العربية بتجميد عضوية سوريا، فقد قطعت بعض التيارات السياسية اللبنانية علاقاتها مع النظام، بل وهاجمته علنا، في حين دعت تيارات أخرى إلى تمتين العلاقات والتعاون في مجالات عدة، فضلاً عن دور ميليشيا “حزب الله” منذ اندلاع الثورة السورية في القتال إلى جانب قوات النظام.في العام 2012، أعلن رئيس الحكومة اللبنانية حينها، نجيب ميقاتي، موقفاً رسمياً يقوم على سياسة النأي بالنفس عما يحدث في سوريا، وبدا واضحاً أن لبنان عرضة للتأثّر بتداعيات المسألة السورية أكثر من غيره من الدول، نظراً للانقسامات والتوترات والتحالفات الموجودة أصلاً.واستمرت سياسة النأي بالنفس حتى نيسان من العام 2018، حين وجه الرئيس اللبناني ميشال عون، دعوة للتعامل مع نظام الأسد، أيدها “التيار الوطني الحر”، الذي ينتمي إليه عون، ورئيس مجلس النواب وزعيم حركة “أمل” الشيعية، نبيه بري، وميليشيا “حزب الله”، بينما تحفظ على الدعوة زعيم “تيار المستقبل” سعد الحريري المقرب من السعودية، وزعيم “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، وحزب “القوات اللبنانية”.
وعلى الرغم من سعي بعض الساسة اللبنانيين لتطبيع العلاقة مع نظام الأسد، إلا أنهم يعلمون أن مصير هذه العلاقة رهن بدول عربية ودولية أخرى، فضلاً عن قضايا حيوية مثل قضية اللاجئين والمصلحة الاقتصادية.أما العراق، وعلى الرغم من امتناع مندوبه عن التصويت في قرار تجميد العضوية في الجامعة العربية، إلا أنه احتفظ بعلاقات وتحالفات أمنية وعسكرية عميقة، كما لم تتوقف الزيارات المتبادلة منذ اندلاع الثورة.
ودعت بغداد أكثر من مرة إلى إنهاء تجميد مقعد سوريا في الجامعة العربية، كما تنسّق بشكل دائم مع دمشق أمنياً بخصوص ملف محاربة “تنظيم الدولة” في شمال شرق سوريا والعراق.في الأردن، التزمت عمان بقرار الجامعة العربية، وفي أيار من العام 2014 طردت السلطات الأردنية السفير السوري لديها، بهجت سليمان، وأغلقت حدودها مع سوريا.
انتقل تعقيد الأزمة السورية على العلاقات بين عمان ودمشق، لكن لم يتوقف التنسيق الأمني، ولم تسمح السلطات الأردنية بأي نشاط من أي نوع للمعارضة السورية على أراضيها، كما منعت نشاطات المعسكر المؤيد لنظام الأسد في الوسط الأردني.في منتصف تشرين الأول من العام 2018، أعيد افتتاح معبر جابر – نصيب الحدودي بين البلدين، ودبت الحياة على الحدود بين البلدين، على أمل تحسن العلاقات الاقتصادية بعد حوافز قدمتها عمان لتسهيل مرور البضائع السورية إلى دول الخليج، كما تبادل الجانبان زيارات على المستويين الاقتصادي والأمني.
وصدرت عدة تصريحات رسمية أردنية تتطلع إلى تطوير العلاقات، ووضع خريطة طريق لإعادة ترتيب العلاقات مع سوريا بهدف الوضع الاقتصادي في الأردن، فضلاً عن تحقيق استفادة فعلية للأردن من ملف إعادة الإعمار، لكن لم ترق أي منها لدرجة تطبيع العلاقات.إلا أن الأمور اتجهت نحو مزيد من التعقيد مع العقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة على نظام الأسد، والتي تتوسع مرة بعد أخرى، ما قد يعني تراجع العلاقات الاقتصادية كلياً.في فلسطين، وعلى الرغم من تصويتها مع قرار الجامعة العربية، لم تقطع السلطة الفلسطينية العلاقات مع دمشق، بل أرسلت موفدين إلى نظام الأسد طيلة السنوات الماضية، كان محورها ملف اللاجئين الفلسطينيين في سوريا.من جانب آخر، حافظت معظم الفصائل السياسية اليسارية والقومية الفلسطينية على علاقات أقرب ما تكون حذرة مع نظام الأسد، مثل “الجبهة الشعبية” و”الجبهة الديمقراطية”، وتبنت رواية النظام حول “المؤامرة والحرب الكونية” ضد “حلف الممانعة”، في حين قاتلت فصائل أخرى مع قوات النظام، وشاركت عناصرها في حصار بعض المناطق في دمشق وحلب، مثل “الجبهة الشعبية القيادة العامة”، و”منظمة الصاعقة”.وآثرت حركتا “حماس” و”الجهاد الإسلامي” الخروج من سوريا، كتعبير ضمني عن رفض تعامل نظام الأسد مع المظاهرات، إلا أن لحماس مواقف متناقضة تجاه الثورة السورية، تمثل بعضها بمساعدات واستشارات عسكرية واستراتيجية للمعارضة في جنوب دمشق والغوطة الشرقية، بينما تمثلت في جانب آخر في تحالفات مع إيران وميليشيا “حزب الله” و”الحرس الثوري الإيراني”.
أما حركة فتح، فقد التزمت الصمت في السنوات الأولى تجاه مجريات الأمور في سوريا، إلا أنه سرعان ما بدأ التقارب مع دمشق وتوافد الزيارات الرسمية، وخاصة فيما يتعلق باللاجئين ومواجهة “صفقة القرن” الأميركية.
عارض اليمن، الذين كان يحكمه نظام علي عبد الله صالح، قرار جامعة الدول العربية بتعليق عضوية سوريا، لكن اليمن كان حينها ملتحقاً بركب “الربيع العربي” واندلعت ثورته ضد صالح.ففي آذار من العام 2011 قدم السفير اليمني في دمشق، عبد الوهاب طراف، استقالته من منصبه ومن الحزب الحاكم، احتجاجاً على مجزرة ارتكبتها القوات الموالية صالح في ميدان التغيير في العاصمة ، واستمر الحال كذلك حتى عيّنت جماعة “أنصار الله الحوثية”، المدعومة من إيران، تعيين سفير لها في دمشق أواخر العام 2015.
أما موقف حكومة عبد ربه منصور هادي فيدور في فلك دول الخليج والسعودية، التي تقود تحالفاً عسكرياً يدعم قوات حكومة هادي في مواجهة الحوثيين.دول الخليج.. من داعم للثورة إلى مشجّع للتدخل الروسيشكّلت دول الخليج العربي المقاطع الأبرز لنظام الأسد، والداعم الأكبر للثورة السورية منذ بداياتها، على الصعد الإنسانية والإغاثية، فضلاً عن دعم المعارضة السياسية، وتمويل بعض فصائل المعارضة العسكرية، إلا أن التغيرات والظروف الإقليمية أرخت بظلالها في مختلف المراحل.لطالما كان الموقف القطري الأوضح والأشد لناحية مقاطعة لنظام الأسد، ودعم مسارات الثورة السورية، كما تعتبر قطر الدولة الوحيدة التي تستضيف سفيراً رسمياً لـ “الائتلاف الوطني السوري” في عاصمتها الدوحة.
وتقدم قطر الدعم للكثير من المشاريع الإنسانية والإغاثية في سوريا، وخاصة في مخيمات اللاجئين وعلى الحدود التركية، كما تنشط منظمة “الهلال الأحمر القطري” في مجالي الإغاثة والتعليم.وكان وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، قال، في كانون الثاني من العام 2019، إن بلاده لا ترى حاجة لإعادة فتح سفارتها في دمشق، وأنه لا توجد أية مؤشرات تشجع على تطبيع العلاقات مع حكومة نظام الأسد، موضحاً أن بلاده لا تزال تعارض عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية.
وأشار إلى أن التطبيع مع نظام الأسد في هذه المرحلة “تطبيع لشخص تورط في جرائم حرب وهذا الأمر يجب ألا يكون مقبولا”وفي تصريح آخر، أكد وأكد وزير خارجية قطر في أكثر من مناسبة أن الدوحة لا تعوّل على بشار الأسد ونظامه السياسي، وتلتزم بالإجماع العربي ولن تخرج عنه رغم الحصار المفروض عليها من دول المقاطعة.وفي الكويت، التزمت السلطات بقرار قمة القاهرة، وشكّلت كما قطر، داعماً كبيراً للثورة السورية، وإن اقتصر جل دعمها على الجانب الإنساني والإغاثي، ومشاركتها الفاعلة في مؤتمر المانحين لدعم الوضع الإنساني في سوريا.
إلا أن أحد أفراد الأسرة الحاكمة، الشيخ صباح المحمد الصباح، زار دمشق والتقى رأس النظام بشار الأسد، ونشر ما دار بينهما في صحيفة “الشاهد، التي يرأس تحريرها، ولم تعلق السلطات الكويتية رسمياً على هذه الزيارة، إلا أنها نفت رسمياً، في تشرين الثاني من العام 2018، صحة الأنباء عن إعادة فتح السفارة الكويتية في دمشق.أما السعودية، فكانت من أوائل المبادرين لإغلاق السفارة السورية وطرد السفير من الرياض، عقب قرار الجامعة العربية في العام 2012.
كما دعمت المملكة “الجيش السوري الحر”، ورعت مؤتمرات عدة للمعارضة السورية السياسية، وأعلنت مراراً رفضها بقاء الأسد في السلطة وإحياء العلاقات معه.لكن في العام 2015، ومع صعود ولي العهد، محمد بن سلمان، للسلطة في العام 2015، غيّر من تعاطي بلاده مع المسألة السورية، بدأها بالصمت عن مطلب بقاء الأسد، والمطالبة بإنجاز تسوية سياسية، والتحقت بعد ذلك بالولايات المتحدة الأميركية في دعم “قوات سوريا الديمقراطية”.
وتكشّفت ملامح الموقف السعودي من نظام الأسد أكثر حين كشفت وثائق دعوى رفعها ضابط الاستخبارات السابق، سعد الجبري، ضد ابن سلمان، ذكرت أن ولي العهد أعطى الضوء الأخضر لروسيا لتتدخل في سوريا بشكل ضمني.وأشارت الدعوى أن ابن سلمان شجّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على التدخل في سوريا إلى جانب الأسد، وذلك عبر اتصالات متكررة في العام 2015، في وقت لم تكن فيه روسيا طرفاً في الحرب السورية بعد.وللسعودية مصالح استراتيجية في العمق السوري، على الصعد السياسية والأمنية والاقتصادية، خاصة مع تصاعد توتر العلاقات مع إيران ومن ثم تركيا، لكنها نفت رسمياً نيتها فتح سفارتها في سوريا، وتحدثت تقارير إعلامية عن عدة زيارات ولقاءات عقدها مسؤولون سعوديون مع عدد من أركان نظام الأسد.ويتماثل مسار موقف الإمارات والبحرين وعمان مع الموقف السعودي، إلا أنه كان أكثر وضوحاً، عندما قررت تلك الدول إعادة افتتاح سفاراتها في دمشق في العام 2018، والتقى وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة مع نظيره وليد المعلم، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية العام 2018.
ومؤخراً أجرى ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، اتصالاً مع رأس النظام، ذا غطاء إنساني يتمثل في مساعدات طبية لمواجهة فيروس “كورونا”، أرسلتها الإمارات إلى نظام الأسد، وغطاء سياسي يوحي بنوايا التطبيع الإماراتي الكامل.كما أجرى وزير خارجية النظام، وليد المعلم، زيارة إلى العاصمة العُمانية مسقط في آذار من العام 2018، شارك فيها بافتتاح مبنى السفارة السورية الجديد، ومطلع الشهر الجاري تسلّمت دمشق أوراق اعتماد السفير العُماني في دمشق، تركي بن محمود البوسيعي.مصر.. من شقيقة الثورة إلى داعم عسكري وبروباغندا للنظام أيدت مصر قرار الجامعة العربية بتجميد عضوية سوريا، إلا أنها لم تقطع العلاقات الدبلوماسية رسمياً حتى حزيران من العام 2013، بعد نجاح ثورة يناير 2011، وتنحي حسني مبارك عن منصبه، وانتخاب الرئيس الراحل محمد مرسي.وحظيت الثورة السورية بدعم واسع من الحكومة المصرية الجديدة، فضلاً عن الزخم الشعبي المصري الداعم للحراك السلمي في سوريا على اعتبار أنها “شقيقة الثورة”، كما أطلق عليها في ميدان التحرير.ومع وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكم منتصف العام 2014، بدأت تتحدث القاهرة عن أهمية إيجاد حل سياسي للأزمة السورية، وعدم المساس بما سمته “الجيش الوطني السوري”، وفي الوقت نفسه ضمت بعض التيارات السياسية السورية المعارضة، مثل “تيار الغد” و”منصة القاهرة”.
نهاية العام 2016، أكد رأس النظام بشار الأسد، في تصريحات صحفية، أن العلاقات السورية المصرية بدأت تتحسن، موضحاً أن هذه العلاقات تقتصر حالياً على التعاون الأمني، ومعترفاً بالدعم الذي يتلقاه جيشه من الجيش المصري.وتحدثت عدة تقارير إعلامية عن رفد نظام السيسي نظام الأسد بمعدات وأسلحة عسكرية، فضلاً عن إرسال خبراء أمنيين وعسكريين.بعد ذلك بدأت تخرج دعوات من أحزاب وقوى سياسية وأعضاء في البرلمان المصري، وشخصيات أخرى عامة، خصوصاً في العامين 2017 و2018، لإعادة العلاقات مع نظام الأسد، وتوافدت شخصيات مصرية فنية وإعلامية وثقافية إلى دمشق، تدعم نظام الأسد.كما دشّنت شخصيات سياسية وإعلامية مصرية، في آب من العام 2016، حملة توقيعات إلكترونية وشعبية لعودة العلاقات المصرية السورية كاملة، تحت شعار “من القاهرة هنا دمشق”، استخدمها نظام الأسد كبروباغندا تروّج لنظريته عن المؤامرة.
وفي كانون الأول من العام 2018، كشفت القاهرة عن لقاء جمع رئيس المخابرات العامة المصرية، اللواء عباس كامل، مع اللواء علي مملوك، رئيس مكتب الأمن الوطني التابع لنظام الأسد.وفي تشرين الأول من العام 2019، وجّه رئيس البرلمان المصري، علي عبد العال، دعوة للسفير السوري في القاهرة، بسام درويش، لحضور جلسة لجنة الشؤون العربية في البرلمان، حيث رحب أعضاء البرلمان المصري بسفير النظام بحفاوة بالغة.أما السودان، صوتت الخرطوم لصالح قرار تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية منذ 2012، لكنها امتنعت عن طرد السفير السوري من الخرطوم وسحب سفيرها من دمشق.وبقي موقف السودان ثابتاً تجاه سوريا، حتى غن الرئيس المخلوع عمر البشير، صرح منتصف العام 2016 لوسائل إعلام سعودية أن “بشار الأسد لن يرحل، وإنما سيقتل.إلا أنه في كانون الأول من العام 2018، زار البشير دمشق بشكل مفاجئ، والتقى مع الأسد لمناقشة العلاقات الثنائية، حسب وسائل الإعلام، في حين تحدثت تقارير إعلامية أخرى أن البشير حمل رسائل عربية إلى الأسد.ومثّلت هذه الزيارة تراجعاً جذرياً عن موقف الخرطوم من نظام الأسد، ومع رحيل البشير عن السلطة، بقيت علاقات السودان مع النظام على حالها، غير واضحة المعالم.
أما ليبيا والصومال وجيبوتي وجزر القمر، فتبقى علاقاتها مع النظام غير واضحة، ويعود ذلك إلى أن هذه الدول تعيش اضطرابات وانقسامات سياسية، وتأتي العلاقات الدبلوماسية والسياسية مع باقي الدول خارج دائرة الاهتمامات الحالية.يذكر أن اللاجئين السوريين في السودان والصومال حظيو بحفاوة وترحيب كبيرين، على الصعيدين الشعبي والرسمي.المغرب العربي.. التأرجح ضمن الحيادشكّلت تونس، بعد اندلاع ثورتها داعماً كبيراً للثورة السورية منذ انطلاقتها، وكان من أبرز المواقف حينها قرار الرئيس التونسي السابق، المنصف المرزوقي، طرد سفير نظام الأسد من تونس، وقطع العلاقات مع النظام، في شباط 2012.إلا أنه بعد سنوات، بدأ الموقف التونسي يشهد نوعاً من التغيّر، حيث دعت بعض الأحزاب التونسية، أبرزها “الحرة لمشروع تونس” و”الجبهة الشعبية” و”الاتحاد الوطني الحر” و”آفاق تونس” و”نداء تونس”، لاستئناف العلاقات الدبلوماسية مع النظام في نيسان من العام 2017.
وزار نوابٌ تونسيون سوريا في آذار من العام 2017، بهدف إعادة العلاقات مع دمشق، والتقاهم الرئيس التونسي الراحل، الباجي قائد السبسي، عقب عودته، وأعلن أنه “لا مانع جوهرياً من إعادة العلاقات مع نظام الأسد إلى مستواها لطبيعي”.كما مثّل سماح تونس بالسماح لنزول طائرة، تابعة لشركة “أجنحة الشام للطيران” السورية، في رحلة جوية مباشرة، في كانون الأول من العام 2018، من دمشق نحو تونس، بعد انقطاع دام سبع سنوات، مؤشراً على قرب عودة العلاقات بين البلدين.وفي آذار من العام 2019، وفي إطار التحضير للقمة العربية التي عقدت في تونس، أكدت الخارجية التونسية وجود مساعٍ حقيقية لإعادة سوريا إلى الجامعة العربية، ورفع التجميد عن عضويتها”.وخلال التنافس على الرئاسة في تونس، بعد وفاة الباجي قائد السبسي، منتصف أيلول من العام 2019، اعتبر عدد من المرشحين أن القرار الذي اتخذه المرزوقي بطرد سفير النظام من ضمن “الأخطاء الكبيرة”، وجاء “إثر اتباع سياسة المحاور”.وبعد فوزه، أعلن الرئيس التونسي الجديد، قيس سعيّد، أن “قضية إسقاط النظام في سوريا هي شأن سوري داخلي يجب ألا يتدخل به أحد”.أما المغرب والجزائر وموريتانيا، فلم تغلق سفاراتها أو تسحب سفراءها، وتتأرجح مواقفها ضمن إطار الحياد، مع بقاء التركيز على التنسيق الأمني، بينما وبعض الزيارات الرسمية من حين لآخر.