في عدوان إجرامي لم يكن هو الوحيد من نوعه ،قامت طائرات نظام الأسد يوم أمس(7 – 4 – 2018 )باستهداف مدينة دوما بالسلاح الكيمياوي،ما أدى إلى ارتقاء 190 شهيدا وما يزيد على الألف مصاب،مع احتمالات ترجّح ارتفاع هذه الأعداد نتيجة عدم قدرة المسعفين على انتشال الضحايا،فضلاً عن عدم قدرة النقاط الطبية على استيعاب فداحة المأساة.
منذ العدوان الأخير على الغوطة الشرقية(18 – 2 – 2018 ) ومروراً بانعقاد مجلس الأمن (24 – 2 – 2018 ) وحتى هذه اللحظات لم يغب عن أذهان الجميع الهدف الذي يسعى إليه نظام الأسد وحلفاؤه الروس والإيرانيون وهو الاستئصال الكلي لكافة أشكال المقاومة المناهضة لنظام الأسد (العسكرية منها والمدنية)،ومن ثم إجبار المواطنيين على النزوح من ديارهم ورميهم في الشتات،وذلك ضمن خطة لم ينكرها نظام دمشق ولم يخف معالمها و ترمي إلى تغيير ديمغرافي لمحيط مدينة دمشق بأكملها.
وإزاء الإبادة التي يتعرض لها أهلنا في دوما لم يعد الحديث عن صمت المجتمع الدولي مجدياً،وكذلك لم يعد من المفيد استصراخ ضمائر الدول الكبرى،لأن ما حدث ويحدث على الأرض السورية على وجه العموم،وفي دوما خاصة،إنما هو شاهد حيّ ودليل قاطع على موت الضمير العالمي وانسحاقه تحت سطوة المصالح المادية التي لم تعد تعير القيم والمعايير الإنسانية أي اهتمام.ويكفي أن نقارن – في هذا السياق – بين ردّة فعل المجتمع الدولي على محاولة قتل الجاسوس المزدوج(سكريبال) في جنوب بريطانيا،وبين ردّة فعله على مقتل آلاف السوريين بالوسائل والأسلحة الأشد قذارة وبشاعة في العالم.علماً أن اليأس من عدم استجابة المجتمع الدولي وكياناته الرسمية لا يعفيه من الإدانة الشديدة ونعته بأشد عبارات الشجب،إلّا أننا – في التجمع الديمقراطي السوري – وقبل إدانة صمت المجتمع الدولي،إنما نتوجه بالإدانة الشديدة للكيانات التي نصّبت نفسها ممثلةً لثورة السوريين،وفي مقدمة هذه الكيانات ما يدعى ب(الائتلاف المعارض)الذي لم يكن سوى مسخ ابتليت به ثورة السوريين. وفي الوقت الذي كان يطالب فيه السوريون هذا الائتلاف منذ مجزرة (خان شيخون – 4 – 4 – 2018 ) بوقف المشاركة بأي عملية تفاوضية إن لم يتوقف العدوان على أهلنا السوريين،ويتم الإفراج عن المعتقلين وكذلك فك الحصار عن المدن والبلدات المحاصرة،لأن هذه القضايا جميعها فوق عملية التفاوض،كما طالب السوريين الائتلاف بالتلويح أمام المجتمع الدولي باستقالته أو تجميد تفاعله مع المجتمع الدولي وإعادة خيار المقاومة للشعب السوري،ولكن لم تلق هذه النداءات أي اهتمام من كيان الائتلاف الذي كان من أبعد اهتماماته الإصغاء إلى السوريين.
إن امتثال الائتلاف وملحقاته (هيئة التفاوض) لما تمليه الأجندات الدولية والإقليمية ومجاراته لمصالح الغير،من خلال استمراره في مفاوضات بالوكالة،والسوريون هم الطرف الغائب عنها دوما،واستبعاده – كلياً – مصلحة السوريين وحرمة دمائهم،إنما يجعله عبئاً على القضية السورية،بل يجعل المماثلة بينه وبين نظام الأسد قائمة من حيث إصرار كل منهما على حيازة سلطة وهمية ولو كانت على جماجم السوريين.
لن نناشد الحكومات العربية ولا الإسلامية لأن الدم السوري الذي ينضح بالكرامة لا يمت لها بصلة، أما المجتمع الدولي بمنظماته الرسمية وحكوماته المتنفذة في كل بقاع العالم،فنؤكد لهم أن أرواح أطفال دوما التي يخمدها غاز السارين الأسدي الروسي الإيراني،ستُكذّب كل ادعاءاتكم التي تتشدقون بها حول حضارتكم وقيمكم الإنسانية.
8 – 4 – 2018