• الأحد , 24 نوفمبر 2024

حقوقي سوري : العقوبات قد تطيح بنظام الأسد

عربي21- طه العيسوي الإثنين، 13 يونيو 2022 02:56 ص بتوقيت غرينتش

أعلنت مجلة “التايم” الأمريكية، في 27 أيار/مايو الماضي، عن قائمتها لأكثر 100 مؤثر حول العالم في العام 2022، وكان من بينهم الحقوقيان السوريان البارزان أنور البني ومازن درويش، اللذان كانا معتقلين في سجون بشار الأسد سابقا، ويعيشان حاليا كلاجئين في أوروبا.بتلك المناسبة التي لاقت احتفاء وسط المعارضة السورية، أجرت “عربي21” مقابلة خاصة مع رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، أنور البني الذي اعتبر إضافة اسمه لقائمة مجلة التايم بمنزلة “تكريم للعدالة والضحايا، ومؤشر على اهتمام العالم بقضية محاسبة المجرمين وملاحقتهم، وعدم السماح لهم بالإفلات من العقاب”.

وأكد البني أن “النظام السوري تأثر كثيرا بالعقوبات الدولية التي فُرضت عليه؛ فهو الآن في موضع المُحاصر، والعقوبات الاقتصادية أوصلت الأوضاع لحالة كارثية يُرثى لها، وقد تكون سببا في انهيار النظام بشكل كامل خلال الفترة المقبلة”.

وتاليا نص المقابلة الخاصة مع “عربي21”:

كيف استقبلت إضافة اسمك على قائمة مجلة “التايم” الأمريكية لأكثر 100 شخصية مؤثرة حول العالم في العام 2022؟ وما دلالة ذلك؟

إضافة اسمي لقائمة مجلة التايم لا يعنيني كثيرا على المستوى الشخصي، الأهم عندي هو التذكير بالعدالة التي يطمح كل السوريين لتحقيقها، وهو تكريم بحق للعدالة والضحايا، ومؤشر على اهتمام العالم بقضية محاسبة المجرمين وملاحقتهم، وعدم السماح لهم بالإفلات من العقاب، خاصة بعد الإجراءات التي اُتخذت في عدد من الدول مثل ألمانيا، والسويد، والنرويج، وفرنسا، والنمسا، وهولندا، وبلجيكا. وهو دليل على مدى أهمية تحقيق العدالة لسوريا، وللعالم بشكل عام.

كيف تابعت ردود الفعل المختلفة التي أعقبت الإعلان عن هذا الأمر، خاصة أن البعض قال إن اختيارك، بالإضافة إلى اختيار الحقوقي السوري مازن درويش، جاء لـ “دوافع طائفية ولابتزاز السنة”، كما زعموا؟

لم أتابع ردود الفعل من هذا النوع؛ لأنني – كما ذكرت – لا أهتم إلا بمسألة تحقيق العدالة، والعدالة ليس لها علاقة بالطائفية أو القومية أو المناطقية أو غيرها. والعدالة قضية تمس الجميع من أي طائفة أو دين أو قومية، ويتضح من عملنا أننا لا نستهدف فئة أو قومية أو عرقية بعينها، كما أننا لا ندعم أو ندافع عن مجرمين من أي طائفة أخرى، وهدفنا فقط تقديم الأدلة والشهود لنصرة الضحايا، ولا نطالب بالعدالة من أجل أنفسنا، وإنما من أجل الضحايا، وبغض النظر عن ديانتهم أو عرقهم أو طائفتهم، حتى يحصلوا على حقوقهم.

البعض وجّه لك ثمة انتقادات بأنك تتجاهل بعض الانتهاكات في سوريا مثل التي شهدتها مدينة عفرين.. ما تعقيبكم؟

لسنا جهة توثيق للانتهاكات في أماكن بعينها، كما أننا لا نملك تقارير حول تلك الانتهاكات، لكن في نفس الوقت نحن لا نتوانى لحظة في دعم أي ضحية حتى تحقيق العدالة المنشودة، كما أننا لا نحتكر تحقيق العدالة، فبإمكان أي شخص أو منظمة حقوقية أو محامين أن يساعدوا الضحايا؛ فنحن نسعد بمشاركة المنظمات الأخرى التي تنضم لخدمة الضحايا، ونحن منظمة غير ربحية، وتمويلنا ضعيف جدا، ومعظمنا يعمل بشكل تطوعي، لذا فإمكانيات العمل محدودة، ورغم ذلك نحن لا نقصر تجاه أي ضحية يقصدنا للوقوف بجانبه، ولن نقصر إن شاء الله.

هل هناك جديد على صعيد التحركات الدولية لملاحقة رموز النظام في الخارج؟ وما فرص تحقيق العدالة للضحايا السوريين بعد منع موسكو وبكين إحالة جرائم الأسد لمحكمة الجنايات الدولية؟

بعد منع موسكو وبكين إحالة جرائم الأسد لمحكمة الجنايات الدولية لم يعد لدينا أمل في هذا الشأن، لكنْ، لدينا آمال أخرى في محاكمة رموز النظام أمام القضاء الأوروبي بعد إلقاء القبض عليهم، وقد صدرت عدة مذكرات توقيف بحق بعض رموز النظام، وقد سُربت أسماء بعض المطلوبين منهم: علي مملوك، وجميل حسن، وعبدالسلام محمود، وهناك 60 شخصية أخرى على رأسهم بشار الأسد، ما زالت ملفات التحقيق ضدهم مفتوحة أمام القضاء الألماني، والسويدي، والنرويجي، والنمساوي، والفرنسي.

هل يمكن القول؛ إن نظام بشار أفلت تماما من العقاب جراء الانتهاكات “المروعة” التي ارتكبها؟

النظام لم ولن يفلت بعد من جرائم الانتهاكات؛ فالجرائم مسجلة، وملفاتها مفتوحة، والتحقيقات قائمة، ومذكرات التوقيف تصدر بحقهم.. والحديث عن الإفلات من العقاب صار من الماضي؛ فهذا النوع من الجرائم لا يسقط بالتقادم، وأي مجرم من المجرمين الكبار سيسافر لأوروبا ستتم ملاحقته ومحاكمته.

لماذا فشل المانحون خلال عام 2021 في الاقتراب من تلبية احتياجات سوريا المتصاعدة؟ وكيف تقيم دور أمريكا والاتحاد الأوروبي في حشد المانحين لزيادة التمويل لسوريا؟

ليست لدي معلومات عن حجم التمويل أو المساعدات؛ لأننا غير منخرطين بموضوع التمويل، أو المنح، أو الإغاثة، وغيرها. لكن من الواضح توقف عدد من مشروعات الإغاثة وحتى المشروعات التعليمية. فبعد نحو 11 عاما من الثورة السورية، انصرفت أنظار العالم عن أوضاع السوريين، وربما اتجهت نحو الأوضاع في أوكرانيا، وربما المنظمات التي كانت تعمل مع المانحين تستطيع تقييم الأوضاع بشكل أفضل.

صلاحية قرار مجلس الأمن (2585) الخاص بمرور المساعدات عبر الحدود للشمال السوري ستنتهي في تموز/ يوليو المقبل.. فهل تتوقعون تمديد هذا القرار لعام آخر؟ وماذا لو لم يحدث ذلك؟

المساعدات السورية أصبحت جزءا من المعادلات السياسية بين الدول، بل وداخل الدول نفسها كتركيا، والعراق، والأردن، وأصبح ملف اللاجئين مادة للسمسرة والاستنزاف، أو الاستثمار، بل وأصبحت مساعدة اللاجئين جزءا من المعادلة السياسية بين أمريكا وروسيا، أو روسيا والعالم أجمع، خاصة مع احتدام المعارك في أوكرانيا، وهذا لا يعني عدم قدرة الدول الأوربية على تقديم المساعدات عن طريق تركيا بدون موافقة الأمم المتحدة؛ فيجب ألا تنتظر قرار الأمم المتحدة، وترسل المساعدات بشكل مستقل عبر المنافذ التركية للمحتاجين السوريين.

إلى أي مدى ساهم فيديو مجزرة “حي التضامن” في تسليط الأضواء مُجددا على القضية السورية؟

فيديو «مجزرة حي التضامن» كان له أثر كبير في إعادة تسليط الضوء على القضية السورية عند السوريين أكثر من الدول الأوروبية؛ لأن صور «تسريبات قيصر» كانت كفيلة بتحريك الرأي العام العالمي، ومجزرة التضامن واحدة من آلاف المجازر التي اُرتكبت في سوريا، وكل العالم أصبح يعرف هذه المجازر، لكن الإشكالية في “محاسبة النظام السوري” المحكومة بعدة قوانين أو قضايا قانونية، هم غير قادرين على تجاوزها، فقد تم الضغط على النظام بعقوبات اقتصادية، وعقوبات سياسية، وبقانون قيصر الذي يعتبر غير مسبوق، لكن بالإمكان أن تزيد الضغوط الدولية أكثر على النظام، ونأمل في ذلك قريبا.

مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، جويس مسويا، حذرت مجلس الأمن الدولي من أن تتحول سوريا إلى “قضية منسية” في ظل اتجاه أنظار العالم إلى صراعات أخرى كالحرب الروسية- الأوكرانية وغيرها.. فهل تحولت سوريا إلى “قضية منسية” بالفعل؟ وهل هناك تغييب عمدي للقضية السورية؟

لا أعتقد أن هناك تغييبا عمديّا، لكنها عوامل الزمن؛ فهناك على سبيل المثال الصراع في الصومال، وفي أفريقيا بوجه عام، وقضايا الصين، وإقليم التبت. فهناك قضايا يقل الاهتمام بها بسبب ظهور أحداث أخرى أكثر تأثيرا على الوضع العالمي؛ فقد كانت سوريا مؤثرة على الوضع العالمي بسبب موجات اللجوء، والآن أصبحت معاناة السوريين داخل سوريا ولبنان وتركيا قاصرة على السوريين أنفسهم، ومن ثم انصرف الاهتمام العالمي نحو أزمات أخرى مثل الأزمة الأوكرانية، ونزوح لاجئين، وما ترتب على ذلك من خسائر اقتصادية كبيرة، وفي النهاية سياسات الدول متعلقة بمصالح شعوبها، لكن جهود السوريين تجاه قضيتهم لن يجعلها قضية منسية أبدا، حتى مع أحداث أوكرانيا بدأت المقارنات مباشرة بين ما حدث في سوريا وما يحدث في أوكرانيا، فارتبطت القضية السورية بمسار الحرب في أوكرانيا.

هل إصدار النظام السوري عفوا عن عشرات المعتقلين في سجونه جاء للتغطية على مجزرة “التضامن”؟

النظام السوري أصدر قرابة 17 عفوا منذ 2011 وحتى الآن، لكن هذا العفو كان الغرض منه توجيه رسائل تزعم بأن النظام “متسامح مع معارضيه”، لكن الجميع يعرف أن الكثير ممن عقدت معه تسويات تعرض للاعتقال، بل وربما قتلوا تحت التعذيب، والعديد ممن غادروا سوريا ثم عادوا إليها تعرضوا للاعتقال والتعذيب فور عودتهم.

إلى أي مدى تأثر نظام الأسد بالعقوبات الدولية التي فُرضت عليه؟

النظام السوري تأثر كثيرا بلا شك، والآن هو في موضع المُحاصر، خاصة مع حصار روسيا بسبب حرب أوكرانيا، ومُحاصرة إيران بسبب مشروعها النووي، ومن ثم الجميع في وضع حرج، كما أن العقوبات الاقتصادية أوصلت الأوضاع لحالة كارثية يُرثى لها، وقد تكون سببا في انهيار النظام بشكل كامل خلال الفترة المقبلة.هل يمكن تحسين الوضع الحقوقي في سوريا مع بقاء نظام الأسد؟في ظل حكم بشار الأسد والمجرمين، لن يحدث أي شيء جيد في سوريا، ولن توضع سوريا على المسار الصحيح في ظل وجود هؤلاء المجرمين، لا خلال هذه المرحلة، أو في المرحلة الانتقالية، ولا في المستقبل.

هناك مطالبات بضرورة فصل مصير المعتقلين عن الأمور والخلافات السياسية.. فهل يمكن الفصل بين الملف الحقوقي والملف السياسي؟

قضية المعتقلين قضية إنسانية سياسية، وفصل الملف الحقوقي عن الملف السياسي لا يعني أنه غير ذا تأثير سياسي، وإنما بمعنى فصله عن المفاوضات السياسية، فلا ينبغي أن تكون قضية المعتقلين ضمن المفاوضات؛ لأن المعتقلين ليسوا أسرى حرب لتدور المفاوضات على تبادلهم، لذا لا يجب أن يكون إطلاق سراح المعتقلين جزءا من المفاوضات السياسية، والملف الحقوقي هو سياسي بامتياز؛ لأن المعتقلين كلهم اُعتقلوا على خلفيات سياسية كمعارضتهم لنظام الإجرام؛ فهي قضية سياسية، لكنها خارج نطاق الملفات التفاوضية السياسية.

كيف تنظرون للحديث الجاري حاليا عن إعادة اللاجئين السوريين سواء من تركيا أو غيرها إلى بلادهم؟ وما مخاطر ذلك؟

الحديث عن عودة اللاجئين الآن غير مقبول طالما هؤلاء المجرمين ما زالوا في سوريا؛ فما زالوا يقتلون، ويعتقلون، ويعذبون دون أي رادع. إعادة اللاجئين إلى سوريا مخالفة للقانون الدولي، سواء إعادتهم قسرا، أو تهيئة الظروف بحيث يستحيل العيش خارج سوريا، ومن ثم إجبارهم على العودة لتبدو “طوعية”، ويجعل الدولة التي تقوم بهذه الخطوات مُعرضة للمساءلة؛ لخرقها للاتفاقيات الدولية، خاصة اتفاقيات جنيف.

أخيرا، ما رؤيتكم لمحاولات التطبيع العربي مع النظام السوري و”إعادة تعويمه” مجددا؟ وما هي الخطط المطلوبة لمواجهة ذلك؟

المنظومة العربية المُجرمة لم تتخل عن نظام الأسد ولو للحظة، وعندما ادّعوا أنهم يدعمون الثورة السورية كان بغرض تخريبها أو وتأخيرها، ولقد دفعنا ثمنا باهظا لذلك، حيث سمحوا للأسد بأن يقتل ويُدمر بدون أي رادع، ومن خلال وصف الثورة بالإرهاب، ورفع الأعلام السوداء، وتهميش قيادات الجيش المنشقة، وتولية أشخاص غير مؤهلين ولا علاقة لهم بالعلم أو العسكرية ليقودوا مليشيات أو مجموعات مسلحة، لتعطي النظام ذريعة لقتل وتدمير المدن والقرى السورية تحت شعار “محاربة الإرهاب”. هؤلاء المجرمين الذين يتزعمون الأنظمة العربية لم يقطعوا علاقاتهم مع النظام من الأساس، وهو ما صرّح به المجرم بشار منذ أيام، فهذه الأنظمة تدعمه ماديا ومعنويا في السر، وإن ادعت غير ذلك؛ فالتطبيع وعودة العلاقات معهم بهذا الشكل ليست ذات أهمية، بالرغم من أن قانون قيصر يمنع أي إعادة تطبيع مع النظام، لكن المحاكمات القائمة والملفات المفتوحة ستمنع على الأقل إعادة العلاقات “علنية”، ونظام الأسد أصبح مثل النفايات السامة التي لا يمكن إعادة تدويرها أو عودتها لوضعها الطبيعي؛ فالنظام أصبح نفايات سامة للغاية تلوث كل مَن يتعامل معها

مقالات ذات صلة

USA