• الأحد , 24 نوفمبر 2024

درعا مرة أخرى ورطة الأسد

هشام اسكيف /موقع تلفزيون سوريا

وقف الأسد منتشيا أثناء خطابه بما سماه انتصارا في مهزلة “خطاب القسم” و قد ضرب بعرض الحائط كل المراهنات الروسية على حقبة العهد الجديد كما سمتها وكما سوقت لها موسكو ، وكانت اللغة الإيرانية التي تكلم بها الأسد واضحة المعالم في خطابه وهذا ما قاله فقط أو خرج ليقوله – فيما احتاج مفسرون للخطاب الأعجمي الذي تفوه به ونال ما نال من مؤيديه قبل معارضيه – والسبب أن أجواءً تفاؤلية أشاعتها ماكينة طهران الإعلامية عن مفاوضات فيينا وأن أميركا ستفرج عن مئات المليارات من الدولارات ،

وبالتالي لا داعي لتقديم أي تنازلات ولا داعي لوجود أجندة روسية أصلا فقد تسبب الخطاب باللهجة التي تحدث بها بردات فعل ترجمها الكرملين عبر المستشار رامي الشاعر الذي شنّ هجوما لاذعا على الأسد وخطابه وكلام لافروف عن جولة للجنة الدستورية ستعقد قريبا (ممرغا كلام الأسد عنها بالوحل وجعله هباءً منثورا )، وعلى التوازي مع خطاب مهزلة القسم كانت جحافل إيران (الفرقة الرابعة) تحاصر حوران – التي علمته درساً لن ينساه أثناء مهزلة الانتخابات وقامت حوران بتعريته من ورقة التوت وأنه يسيطر على أكبر مساحة من البلاد.

إذن الهجوم على درعا كان إيرانيا بشكل بحت إيذانا بمرحلة ما بعد اتفاق فيينا، ولكن الإشكال هو بالموقف الروسي وهنا تبرز المعلومات عن زيارة الكولونيل الكسندر زورين مبعوث وزارة الدفاع الروسية لمجموعة العمل الدولية إلى أحمد العودة وذهابه دون لقاء أي مسؤول من النظام يوضح أكثر ما يجري، فقد أوردت المعلومات أنّ روسيا لا توافق على اقتحام النظام (إيران) لدرعا ولن تمنح غطاء جويا للنظام في عملية الاقتحام، ويبدو أن الروس يعززون بذلك فكرة أن من يريد الحل يبدأ من التفاوض معهم ومعهم فقط فالرسالة ثلاثية للأسد وإيران والولايات المتحدة التي يجتمع مفاوضوها على مستوى الخبراء مع الروس لمتابعة الملف السوري وتنفيذ التفاهمات بعد قمة جنيف.

فشل إيران في السويداء

بعد الفتنة التي عملت عليها إيران في الجبل وصمود السهل والجبل أمام تلك الفتنة والتي اشعلتها شخصيات ومجموعات إيرانية كانت تنشط في نشر التشيع في الجبل، ولكن تماسك البنى الاجتماعية في الجبل والسهل كانت ضربة موجعة لإيران فهي الآن لا تستطيع التأسيس لقوس الهلال الشيعي من الأسفل بعد أن نجحت في بناء قوس الهلال الشيعي في الشمال (ريف حلب الجنوبي).

وكان الأكثر إيلاماً حين اتحد جبل العرب الأشم في مواجهة شبيحة إيران وعمليات التشييع التي تحدث وعمليات الخطف والتهديد لأهالي الجبل فانتقلت للخطوة الثانية لحصار الجبل من خلال السهل، فحركت الفرقة الرابعة (الإيرانية بامتياز) لحصار درعا البلد وذلك لتفرض نفسها لاعباً في الجنوب بعد الاتفاق الذي جرى في 2018 والذي قضى بإبعادها 100 كم وهذا لم يحدث وتحقق هدفٌ آخر هو محاصرة الجبل الذي لم تحقق فيه أهدافها.

كلمة السر في زيارة الملك عبد الله بن الحسين إلى واشنطن

بعيداً عن اللغط الذي حدث في ترجمة ما قاله الملك عبد الله في حديثه لقناة الCNN والذي لا ينسجم نهائيا مع ما طلبه من البيت الأبيض بما يخص إيران فلقد بدا واضحا أن زيارة ملك الأردن إلى واشنطن ـ مع ملاحظة الاحتفاء به ـ أن الأردن لديه صداع اسمه إيران على حدوده فكان كلامه واضحا (تم الهجوم علينا بمسيرات إيرانية).

الملك عبد الله كان أول من حذر من الهلال الشيعي إذ لابد من الاعتقاد أن هناك إن لم نقل موافقة أردنية – أميركية على قلب الطاولة على رأس إيران في الجنوب فهناك قبول وسكوت بمعنى القبول بما يحدث ورفض من طريقة إدارة موسكو لملف الجنوب الذي تعهدت بموجبه بإبعاد إيران عن حدود إسرائيل وبالتالي الأردن 100كم وعلينا أن نذكر دائما أن اتفاق عام 2018 كان بضمان الولايات المتحدة وروسيا والأردن وإسرائيل (مجموعة العمل التي اقترحها الملك عبد الله للانخراط في حل المسألة السورية)

الحصار والقشة التي قصمت ظهر الأسد

نشوة الدعم الإيراني ومفاوضات فيينا والبروباغندا الروسية الإيرانية المشتركة لتعويم النظام دفعت النظام -مرة أخرى- للتورط في حوران فحاصر درعا البلد بغية استسلامها ودخوله إليها، ووضع نقاط سيطرة إيرانية فيها وقام بالإعداد لكي تكون بداية لقاعدة لقوس الهلال الشيعي.

خاض أهالي حوران جولات التفاوض وكانت قاسية وعنيفة إذ إنهم الآن في جيب معزول لا الغوطة تساندهم ولا كناكر ولا القلمون ولا أي بقعة محيطة سوى الإرادة القوية للبقاء بأرضهم ومحافظتهم على مناهضتهم الأسد وإيران معا، ومع ذلك خاض المفاوضون معركتهم بكل اقتدار حتى يثبتوا للعالم الذي يراقب أن الهدف هو بسط سيطرة إيران على الجنوب وليس أي هدف آخر.

معركة الكرامة التي ذهبت بأوهام الأسد

كانت الإشارات الصادرة عن حوران ليل الثلاثاء 28/7 كلها توحي بأن الثوار أخذوا قرارهم إما التهجير الجماعي لنحو 50 ألف نسمة وهذا محرج لموسكو جدا جدا أو خوض معركة لابد أن يخوضها الشرفاء وفعلا هذا ما كان، لقد أفاق النظام صباح الخميس على بدء معركة الكرامة في عموم سهل حوران وشارك فيها مقاتلون كانوا قد أجروا تسويات أو تركوا السلاح أو التحقوا باللواء الثامن -أحمد العودة- ولكن قرار الحرب أخذه أهل حوران والمعركة ليست فقط معركة عسكرية بل هي معركة لها ثمارها السياسية، لقد أيقظت النظام ومن سانده ومن دعمه ومن يروج لعودته على حقيقة أن الثورة مازالت على قيد الحياة ولن تنكسر ولن يهدأ لسوري بال حتى يرحل الأسد، ووضحت بما لا يدع للشك أن إرادة القتال سلاح فتاك بيد الثورة ولا يمكن التفريط به. وبدأت حواجز النظام تتساقط كأوراق الشجر في خريف إيراني طويل وبدأت المدن والبلدات تطرد عناصر النظام والفرقة الرابعة من مراكز قوتهم بالعموم.

نحن أمام مرحلة جديدة مهما كانت نتائج الميدان لمعركة الكرامة، أبرز عناوينها تقليص نفوذ إيران تجاه إنهائه والحد من نشاطها الإقليمي والذي كان عقبة أمام تقدم محادثات فيينا وأيضا إنهاء الصداع السوري الذي بدأ يضغط على جميع دول جوار سوريا.

مقالات ذات صلة

USA