• السبت , 23 نوفمبر 2024

روسيا وسوريا وتغير الأولويات

رضوان زيادة*- 20 كانون الثاني 2023 ( Syria TV )

-تمر روسيا بلحظات عصيبة جدا في أوكرانيا، حيث تحاصرها أخبار الهزائم في كل مكان رغم بعض الانتصارات الوهمية التي تحققها مجموعة فاغنر وليس الجيش الروسي النظامي حيث غير الرئيس الروسي بوتين القيادات العسكرية التي تقوم “العملية العسكرية الخاصة” كما يسميها بوتين في أوكرانيا أكثر من مرة.

يقوم بجلب القيادات العسكرية التي خدمت في سوريا إلى أوكرانيا بدون إدراك أن الوضع في كلا البلدين مختلف كليا حيث روسيا تواجه جيشا وطنيا في أوكرانيا مدعوما بكل القدرات القتالية والدفاعية للناتو، في حين تركت المعارضة السورية وحدها في حربها ضد النظام وروسيا في سوريا خلال معركة حلب على سبيل المثال، حيث لم تمد الولايات المتحدة لدعمها لقوات المعارضة في حلب وتركت المدينة تسقط بيد الميليشيات الإيرانية مدعومة بسلاح الجو الروسي الذي قصف المدنيين والمسلحين في حلب بشكل لم يسبق له مثيل، وانتهت المدينة التاريخية إلى خراب كامل ما زال إلى اليوم حتى بعد خروج المعارضة قبل خمس سنوات تقريبا.

أعطى حينها اتفاق الهدنة الروسي- التركي القاضي بإخراج المدنيين من مدينة حلب “أملا” لبعض السوريين الذين تقطعت بهم السبل وفقدوا معنى الأمل كليا” ، بأن روسيا وخاصة مع إجبارها لتنفيذ الاتفاق ضد رغبة ميليشيا حزب الله والميليشيات الإيرانية المتحالفة معها ومع نظام الأسد (زينبيون وفاطميون وحركة النجباء العراقية) كل ذلك أعطى وهما بأنه ربما تسعى لفرض أجندتها في “الحل السياسي” ولو ضد رغبات إيران والنظام السوري الذي تدعي دعمه.

منبع الأمل كان انعدام الأمل بتدخل “غربي” يوازي التدخل الروسي وبالتالي لم يعد لدى السوريين إلا الوهم القائل بضرورة “التفاوض مع القاتل حتى يقتلنا برأفة” وهو ما حصل فعلاً، فقد دخلت الفصائل العسكرية الكبرى المنضوية اسماً تحت مسمى الجيش الحر في مفاوضات مع ممثلي روسيا العسكريين وعلى رأسهم وزير الدفاع الروسي بذاته الذي أشرف على الاتفاق وأعلنه من موسكو، حجة الفصائل العسكرية كانت أن تركيا “التي نثق بها” هي الضامن الرئيسي للاتفاق وبالتالي لن تخذل تركيا السوريين في مفاوضاتهم مع روسيا.

في الحقيقة هذا التفاؤل السريع ظهر أيضا مع بداية التدخل العسكري في روسيا في سبتمبر 2014 مما دفع بعض السوريين للقول بأن روسيا الآن أصبحت الأواني الصينية وكما يقول المثل ” If you break it you owned”بمعنى أذا كسرت الإناء فإن ملكيته أصبحت لك وعليك التدخل لإصلاحه،

وبالتالي مع التدخل الروسي في سوريا فروسيا لم تعد داعما لنظام الأسد أو راعيا له، وإنما أصبحت بالحقيقة مالكة له وبالتالي عليها “إنقاذ سوريا” من أجل الخروج بشرف وكرامة من تدخلها العسكري، لكن في الحقيقة تطورت الأمور على غير هذا المبدأ كلياً،

إذ تدخلت روسيا في كل الأماكن مع تركيز عسكري وقوة نارية هائلة ضد المعارضة السورية المسلحة بما دعم نظام الأسد، ثم تحول تدخلها العسكري الأخير في حلب إلى قدرة تدميرية هائلة خارج إطار القانون الدولي ومكنها موقعها الدائم في مجلس الأمن وامتلاك حق النقض الفيتو من حمايتها من أي مساءلة عن جرائم الحرب التي ارتكبتها في حلب عبر استهداف المشافي والمناطق المدنية المأهولة بالسكان، أخيرا في ما يسمى “اتفاق خروج المسلحين” من حلب والذي يعني عمليا اتفاق تهجير للمدنيين القاطنين في مدينة حلب إلى خارج مدينتهم.

إنه اتفاق تهجير قسري ضد القانون الإنساني الدولي وليس اتفاق لحماية المدنيين، وهكذا تجدد الوهم من خلال فرض روسيا للاتفاق ضد رغبة الميليشيات الطائفية في سوريا سواء أكانت سورية أم لبنانية أم عراقية أم إيرانية، وبالتالي استشعر بعض السوريين في المعارضة أنه يمكن التحالف مع أخف الضررين وهي روسيا ضد إيران.

اليوم ربما تعيد روسيا حساباتها في سوريا بعد الهزائم المتتالية لها في أوكرانيا وإدراكها للدرس أن سوريا لا تمثل أية أهمية إستراتيجية لها لا على المدى القصير أو الطويل.

وكانت نتائج ذلك وقف الدعم الاقتصادي للنظام وتركه يعيش الأزمات الاقتصادية وحده بقدر ما يتألم السوريون لفقدان مواد الطاقة وانعدام خدمات الدولة الرئيسية.

لم تعد سوريا أولوية لروسيا كما كانت من قبل تفكر كيف يمكن الخروج بأقل الهزائم من أوكرانيا والبحث عن مخرج مشرف لا يوجد حاليا لا سيما أن روسيا تمر بلحظات عصيبة في أوكرانيا ولا تستيطع إيجاد مخرج لها يحمل ماء وجه بوتين، ولذلك فإضعاف روسيا في أوكرانيا يضعفها في سوريا وهذا ما حصل.

مقالات ذات صلة

USA