لا ثقة في الدولة اللبنانية لتسلّم المساعدات الإنسانية وتوزيعها، أو لإجراء تحقيق في انفجار المرفأ. حكومة “حزب الله” سقطت، لكن “نظامه” مستمر وهذا وحده مؤشر الى استمرار الأزمة وتفاقمها.مقال الأربعاء يُنشر عادة في موقع “النهار” وهنا نصّه… لمن يرغب”نظام حزب الله” بعد الكارثةعبدالوهاب بدرخان ما بعد كارثة بيروت، كارثة لبنان، لا يمكن مقاربته بعقلية ما قبلها. إذا لم يدرك “حزب الله” هذه الحقيقة فهو سيواصل استدراج البلد الى كوارث تالية. إذا اعتُبرت استقالة الحكومة مستحَقّة بسبب فشلها، فإن هذا فشله لأنها كانت “حكومته”. زد الى ذلك أن علاقةً وثيقة تربطه بأطنان نيترات الأمونيوم، قبل وصولها وبعد إنزالها وطوال تخزينها، يتساوى في ذلك أن يثبت التحقيق تلك العلاقة أو يتحفّظ عنها، فعلى هذا ستُبنى مصداقية التحقيق. لا يمكن أن يكون أقطاب “العهد” والدولة وعدد من الأجهزة وعشرات الموظّفين الأمنيين والإداريين مسؤولين عما حصل، وأن لا يتحمّل “الحزب” أي مسؤولية لمجرد أن أمينه العام “نفى”. حين يُختزل مصدر الكارثة بـ “الفساد والإهمال والتراخي” فهذا لا ينفي وجود تقارير داخلية وبالأخص خارجية نبّهت إلى وجود “الحزب” في المرفأ ودعت الدولة إلى تصحيح الوضع، أقله إذا أرادت معالجة الأزمة الاقتصادية.الدرجة نفسها من المسؤولية تقع على حليفي “الحزب” في منظومة السلطة، حركة “أمل” لكن خصوصاً “التيار الوطني الحرّ” الذي يعتبر نفسه “صاحب العهد”. لم يكن لبنان ولا الدول المعنية به في حاجة الى هذه الكارثة لاكتشاف أن ثمّة علّة خبيثة تكمن في تحالف “الحزب” والتيار”، إذ انتفت صفته كتحالف لتصيح تبعية من “التيار” لـ “الحزب”، فمن خلال “التيار” تمكّن “الحزب” من “مصادرة الشرعية والقرار الوطني” (كما وصفها البطريرك بشارة الراعي) ليصبح حاكماً فعلياً. قد تصحّ أو لا تصحّ إعادة أصول الأزمة الاقتصادية – المالية الى ثلاثة عقود خلت، لكن إدارة البلد في الأعوام الأربعة الأخيرة، أي في “عهد” العماد ميشال عون، كانت حاسمة في هندسة الانهيار الى حدّ أنها لم تلتقط فرصة مشروع “سيدر” بل بذلت ما تستطيع لتبديد الآمال التي أشاعها. قد يرى “حزب الله” في الحراك الفرنسي – الأميركي بوادر اعتراف بهيمنته على لبنان، وهو مخطئ طبعاً. فبعد الكارثة ما عاد يمشي الحال بالسياسات نفسها، ولا يمكن الأمر الواقع أن يأتي بأي استقرار للبنان. الأكيد أن القوى الدولية لا تراهن على تغيير في سلوك “الحزب” المتكلّس في ايديولوجيته وفي “ايرانيته” وخوفه على سلاحه كما في استخدام هذا السلاح لتثبيت تسلّطه. أصبح الرهان الدولي، وهو أيضاً رهان وطني عابر للطوائف، على أن يغيّر “التيار العوني” سلوكه وقد اتضحت كل معالم أخطائه، تحديداً أمام قاعدته المسيحية. في الأساس لم يكن جمهوره معنيّاً بأن يقود التحالف مع “حزب الله” الى تبعية لإيران ومحورها الإقليمي، أو أن تتحوّل رئاسة عون واجهةً لـ “نظام حزب الله”. لم يعد في إمكان “التيار” أن ينقذ “العهد” أو يصنع له أمجاداً، حتى أن استجابته لهول الكارثة ضاعفت انكشافه. بقيت لديه ورقة تصحيح الوضع سيادياً ودستورياً، فهل لديه الإرادة، وهل يستطيع؟ الشارع يطالب برحيله.