• الخميس , 28 نوفمبر 2024

عدنان عبد الرزاق: هذا التركي من ذاك الأسد

في الوقت الذي يعلن فيه، محرم إنجه، مرشح الشعب الجمهوري التركي أكبر الأحزاب المعارضة، أن: “الأرقام والنتائج واضحة، وعدم الاعتراف بها سيكون خيانة للديمقراطية وعدم احترام لإرادة الشعب”، وأن: “أردوغان فاز، سأهاتفه للتهنئة وربما أزوره” ويختم خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر حزب الشعب بالعاصمة التركية صبيحة اليوم التالي من الانتخابات: “إن لم تكن مستعداً لتهنئة الفائز حين تخسر الانتخابات، فلا يجب أن تدخل السباق”.

أمام هذا التصريح الذي يمكن وصفه بالديمقراطي والشجاع، يخرج من نظام الأسد “تركياً” ليس له من التركية سوى اسمه، ويتهم الرئيس التركي وحزبه بالتزوير، ويهرف بما لا يعرف عن تركيا وتركيبتها السياسية، لدرجة إدراج مغالطات “مضحكة” من قبيل “حزب الشعوب الديمقراطي” أكبر الأحزاب التركية، وتراجع سعر صرف الليرة التركية بنحو 30%، لينهي وعلى الطريقة الأسدية، بالوعيد والتهديد.

ويتهم نتائج الانتخابات، بأنها معدّة سابقاً ومزورة، نظراً لخبرة حزب العدالة والتنمية في التزوير، رغم وجود ممثلين عن الأحزاب في كل مركز ووجود شاشة متاحة للجميع، توضح الفرز والنتائج، ووصف اللجان الدولية المشرفة على الانتخابات التركية، بأن العملية نزيهة، بل زادت الانتخابات من تصنيف تركيا الائتماني بحسب وكالة “جي سي آر” الصينية.

الكاتب والناقد والمحلل الذي كشف خفايا الانتخابات التركية هو تركي صقر، ولمن لم يسمع بهذا الاسم، فهذا “الرجل” كان ضابطاً في جيش النظام وخدم في الإدارة السياسية حتى منتصف ثمانينيات القرن الفائت، ونظراً لكفاءته التي تجلت في مجلتي “جيش الشعب والجندي العربي” تم تعيينه رئيس تحرير لصحيفة البعث، ولكن لفترة مؤقتة، لم تزد على 17 عاماً، قبل أن يكمل مسيرته النضالية، في عهد الأسد الابن، سفيراً للنظام في طهران التي أبعد عنها بفضائح مالية وغير مالية وصدر عن إيران أنه شخص غير مرغوب فيه، ليعود إلى “سيرته الأولى” صحافياً دخل من باب “الجيش وحزب البعث” ويتحفنا قبل أيام، بافتتاحية في صحيفة البلاد بعنوان: “انتخابات معروفة النتائج.. ولكن”.

ولأن المقالة من الأهمية والمعلومات والتحليل، ما يصنفها “فلتة زمانها” تم إعادة نشرها في جريدة تشرين الحكومية صباح الاثنين، 25 يوليو/ حزيران الجاري.

وهاكم حرفياً ما كتبه الجهبذ صقر: “الانتخابات التركية الرئاسية والبرلمانية المبكرة التي انتهت يوم أمس كانت معروفة النتائج سلفاً لجهة إعادة انتخاب “السلطان العثماني” أردوغان الذي خطط لهذه الانتخابات لتزيده تسلطاً واستبداداً من خلال تحويل نظام الحكم إلى نظام رئاسي يعطيه صلاحيات مطلقة وتحكماً كاملاً بالمؤسسة العسكرية وهيمنة على المؤسسة القضائية وإلغاء أي دور للمؤسسة البرلمانية إذا ما فاز حزبه بالأغلبية الساحقة في الانتخابات التشريعية الجارية، وهذا متوقع نتيجة عمليات التزوير التي برع بها حزب “العدالة والتنمية” الإخونجي طوال الانتخابات السابقة.

هذه ليست تكهنات وإنما واقع للحياة السياسية الخانقة التي تعيشها تركيا منذ وصول أردوغان إلى السلطة قبل 16 عاماً، فرئيس أكبر الأحزاب التركية صلاح ديمرتاش يقبع في السجن والمفارقة أنه ترشح للرئاسة من خلف القضبان، وليس المرشحون الآخرون خارج السجن
المنافسون لأردوغان أفضل حظاً من ديمرتاش، فهم محاصرون بالقبضة الأمنية والإعلامية الأردوغانية التي لا تترك متنفساً لأحدهم ما جعل كثيراً من المراقبين يصفون الانتخابات بالمسرحية وجعل أيضاً التوقعات كلها لا تخرج عن فوز أردوغان وحزبه في هذه الانتخابات حتى من الجولة الأولى.

ويتساءل كثيرون لماذا عجل أردوغان بإجراء الانتخابات التي كانت مقررة في تشرين الثاني عام 2019 أي بعد مدة قصيرة نسبياً؟ والجواب واضح ويدور حول نقطة واحدة ألا وهي إشباع شهوة “السلطان” إلى مزيد من التسلط والتحكم برقاب البلاد والعباد، فأهمية الانتخابات بالنسبة لأردوغان ترجع لكونها ستحول النظام في تركيا من النظام البرلماني “رئيس الوزراء” إلى نظام رئاسي، بعدما تم تعديل الدستور، حيث وسعت التعديلات من مدى صلاحيات الرئيس وجعلت منه الأكثر استبداداً.

لكن ورغم أن سلطة أردوغان أسست لمناخ من القمع والخوف في البلاد لا مثيل له وأنها تسعى لأن تكون نتائج الانتخابات كما ترغب وتشتهي، إلا أن المشهد اليوم أضحى مختلفاً من الناحيتين السياسية والاقتصادية، فمن الناحية السياسية أظهرت الانتخابات أن هناك معارضة مصممة على مواجهة طغيان أردوغان وحزبه بكل الوسائل حتى لو خسرت الانتخابات الحالية، ومن الناحية الاقتصادية وإثر سلسلة اعتداءات واضطرابات سياسية سببها الانقلاب الفاشل وما تلا ذلك من إعلان حالة الطوارئ، تدنت قيمة الليرة التركية إلى مستويات قياسية بلغت 30 بالمئة وكلها معطيات ساهمت في تراجع ثقة المستثمرين في الأسواق التركية، على هذا النحو لن تكون رئاسة أردوغان القادمة مزروعة بالورود والرياحين فهناك كتل سياسية قوية وكبيرة تقف له بالمرصاد لمحاسبته على جرائمه بحق الشعب التركي ولاسيما جريمته الكبرى بتوريط تركيا بجرائم الإرهاب التكفيري الوحشي، ويوم الحساب العسير قادم لا محالة”.

نهاية القول: كل الحق مع الكاتب والصحافي والمحلل تركي صقر، فكيف للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن يفتخر بنسبة انتخابات لم تصل إلى 53% بعد حملة وبرامج انتخابية استمرت ما يقارب ثلاثة أشهر، طاف خلالها البلاد ووضع شعبه في صورة نتائج السياسة والاقتصاد، بل في إسطنبول وحدها، التقى أردوغان مع الأتراك في سبعة مهرجانات قبل الصمت الانتخابي بأربع وعشرين ساعة.

في حين أن “سيّدَي” تركي صقر، بشار الأسد وقبله حافظ الأسد، ومن دون أن يخرجا من قصريهما، بل يهدمان سورية بدل إعمارها ويفقران الشعب بدل تحسين دخله، يحصلان على نتائج لا تقل عن 99.9% … فمن هو الزعيم ومن هو الديمقراطي يا متعلمين يا أولاد المدارس؟!

مقالات ذات صلة

USA