اكد المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسن على أن سوريا لا تزال تحتاج إلى حل شامل وفقاً لما نص عليه قرار مجلس الأمن 2254.جاء ذلك خلال إحاطة لمجلس الأمن اليوم الخميس المصادف 27 /4/ 2023 وأشار فيها مقبلون على ما يُمكن أن يُشكل مفترق طرق هام على صعيد الجهود المبذولة لدفع العملية السياسية في سوريا للأمام. ففي أعقاب الزلازل المأسوية .
واضاف بيدرسن أنهم شهدوا اهتماماً دبلوماسياً متجدداً بسوريا ولا تزال الجهود الدبلوماسية مستمرة بمشاركة الدول الأعضاء في عملية أستانا والحكومة السورية .وكانت هناك بدايات جديدة للتواصل بين الدول العربية والحكومة السورية.
وأكد بيدرسن أنه من الممكن اعتبار هذا الاهتمام المتجدد بسوريا أمراً هاماً للغاية إذا شكل نقطة تحول وساهم في تحقيق انفراجه على صعيد الجهود المتعثرة لدفع المسار السياسي قدماً.
وقدم بيدرسن الشكر لوزراء خارجية المملكة العربية السعودية ومصر والأردن بشكل خاص على تعاونهم المستمر معه وعبر عن تطلعاته بالاستمرار في التواصل بشكل وثيق مع دول المنطقة ومجموعة من الأطراف الرئيسية الأخرى لتحقيق أكبر قدر من التنسيق والرسائل المشتركة . وأعرب عن تقديره للقاءات التي أجراها مؤخراً في أثينا مع وزير خارجية اليونان وممثلي دول الاتحاد الأوروبي.
وجدد بيدرسن التأكيد على أن الحل السياسي هو السبيل الوحيد لإنهاء معاناة الشعب السوري، والمضي نحو الاستقرار والأمن والسلام و يتطلب مثل هذا الحل أن تتحلى كافة الأطراف بالواقعية، كما يحتاج إلى اتفاقات وإجراءات بشأن القضايا الرئيسية المتضمنة في قرار مجلس الأمن 2254.
واضاف بيدرسن قائلا :أواصل السعي لتسهيل عملية سياسية بقيادة وملكية سورية، لكنني قلت دوماً إن الأمم المتحدة لا تستطيع القيام بذلك بمفردها. فنحن بحاجة إلى دعم جميع الأطراف الرئيسية، وسنواصل العمل مع الجميع وصولاً لذلك. فلا يُمكن لأي مجموعة من الأطراف – سواء كانت الأطراف السورية، أو الدول الأعضاء في عملية أستانا، أو الأطراف الغربية أو العربية – أن تحقق هذا الحل السياسي بمفردها. فإذا ما أردنا تحقيق تقدم بشأن أي قضية من القضايا، حتى وإن كان ذلك بشكل تدريجي خطوة مقابل خطوة – يجب أن نرى مجموعة أكبر من الأطراف الفاعلة تعمل معاً. ففي نهاية المطاف، يجب أن يشارك الجميع في جهد منسق ومتعدد الأطراف. واضاف أيضا : قد تسألون لماذا؟ لأنه لا توجد مجموعة واحدة من الجهات الفاعلة يُمكنها بمفردها تغيير حالة الجمود العسكري بشكل جوهري أو استعادة سيادة سوريا أو استقلالها أو وحدة أراضيها. لا يمكن لمجموعة واحدة من الأطراف معالجة القضايا الهيكلية وإصلاح الاقتصاد وإعادة بناء سوريا. ولا يمكن لمجموعة واحدة من الجهات الفاعلة التصدي للإرهاب، وتحقيق الاستقرار في سوريا، ووقف مصادر عدم الاستقرار الإقليمي ومعالجة الشواغل الأمنية المشروعة، بما في ذلك على الحدود السورية. ولا يمكن لمجموعة واحدة من الجهات الفاعلة أن تقوم بمفردها بمسؤوليتنا الجماعية في حماية المدنيين السوريين، ومعالجة قضية المعتقلين والمختطفين والمفقودين والمغيبين، وضمان ظروف العودة الآمنة والطوعية والكريمة للاجئين السوريين. السيد الرئيس، لا يُمكن لمجموعة واحدة من الجهات الفاعلة أن توفي بمسؤوليتنا الجماعية في مساعدة الشعب السوري على رسم مستقبله – وهو السبيل الوحيد لعودة الاستقرار والازدهار مجدداً في سوريا. باختصار، فإن حلحلة أي من المشاكل العديدة التي تواجه سوريا يتطلب عدداً من المفاتيح، التي هي بحوزة أطراف مختلفة، ولا يمكن تجاهل أي من هذه الأطراف نظراً لقدرتها على العرقلة في حال تم تهميشها.
كما أشار بيدرسن ان قنوات التواصل الجديدة تعني أننا أمام فترة فحص واختبار، في سياق جديد، وبانخراط إقليمي معزز، لأفكار كانت مطروحة على الطاولة سابقاً. أواصل بذل المساعي الحميدة وتطوير تفكيرنا المشترك حول هذه الأفكار.
وابدى بيدرسن استعداده لتسهيل المضي قدماً خطوة مقابل خطوة، وخطوة بخطوة، بشكل متقابل وقابل للتحقق، اتساقاً مع ولايتي المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن 2254. وسأواصل انخراطي المباشر مع الحكومة السورية وهيئة التفاوض السورية، كما أنني أدعو مجدداً للانخراط الحقيقي والاستعداد للمضي قدماً حول المضمون. كما أنني على الاستعداد للعمل بشكل وثيق مع الأطراف الأخرى التي تسعى للقيام بدور مسهل.
وأكد بيدرسن أنه في إحاطته الأخيرة، اشار إلى عدد من المجالات التي يُمكن اتخاذ خطوات فيها من كلا الجانبين حيث أن أي تحركات من طرف الحكومة السورية يُقابها تحركات من الخارج حول عدد من هذه القضايا يُمكن أن تضع حداً للاتجاهات السلبية وأن تخلق اتجاهات إيجابية.
ويمكن أن يكتسب هذا الأمر فاعلية جديدة من خلال دور إقليمي أقوى. فالخطوات الجادة يُمكن أن تُساهم في بناء الثقة، بما في ذلك بين المدنيين داخل سوريا والذين فروا إلى الخارج.
ومن جهة أخرى، إذا لم يتم اغتنام هذه الفرصة فلن نرى تغييراً حقيقياً على الأرض، وهو ما سيقود إلى المزيد من الاحباط وفقدان الأمل. وكرر بيدرسن استعداده لتيسير الحوار السوري-السوري بما في ذلك من خلال دعوة اللجنة الدستورية للانعقاد مجدداً.
واضاف قائلا : فقد حان الوقت لتجاوز القضايا غير السورية التي أدت إلى تعطيل المسار. فاللجنة يجب أن تستأنف عملها في جنيف وأن تعمل بروح التوافق وبوتيرة أسرع بهدف تحقيق تقدم.
وكرر بيدرسن دعوته طيف واسع من السوريين للحضور إلى جنيف أو الاجتماع في دول المنطقة بما في ذلك في إطار المجلس الاستشاري النسائي وغرفة دعم المجتمع المدني.حيث تُظهر هذه الاجتماعات أن السوريين على تعدد اختلافاتهم لا يزال بإمكانهم الاتفاق على الكثير من الأمور. لقد رأينا ذلك في وقت سابق من هذا الشهر من خلال اجتماع عقدته نائبة المبعوث الخاص نجاة رشدي في جنيف، وحضره مجموعة من السوريين من جميع أنحاء البلاد ومن الشتات أيضاً لمناقشة التحديات السياسية في مرحلة ما بعد الزلازل.
و عبر بيدرسن عن قلقه إزاء التآكل التدريجي لفترة الهدوء القصير التي سادت في أعقاب الزلازل. – فقد تصاعدت أحداث العنف في الشمال الغربي، مع تزايد القصف المنتظم والهجمات الصاروخية عبر خطوط التماس بين القوات الحكومية وقوات المعارضة، بالإضافة إلى هيئة تحرير الشام المصنفة كجماعة إرهابية والتي أعلنت عن المزيد من الهجمات عبر الخطوط على مواقع تابعة للحكومة السورية.- كما تخلل الهدوء النسبي الذي يسود في الشمال الشرقي استهداف القوات التركية وقوات المعارضة السورية لمواقع قوات سوريا الديمقراطية، فيما قالوا إنه رد على قصف قوات سوريا الديمقراطية وهجماتها الصاروخية، واستهدافها لجنود أتراك.- وتسارعت وتيرة الضربات الإسرائيلية أكثر من أي وقت مضى.- و لا يزال الجنوب الغربي مضطرباً.- وفي بعض المناطق، تتزايد الهجمات المتفرقة لداعش، لا سيما في البادية، مع تزايد الضربات التي تشنها القوات الحكومية السورية والروسية والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش.
واضاف بيدرسن قائلا:إنني أحث الجميع على العمل من أجل كبح جماح العنف وتحقيق الهدوء الدائم. وهي دعوة سأواصل تكرارها على مسامع الأطراف الرئيسية بما في ذلك من خلال اجتماعات مجموعة العمل المعنية بوقف إطلاق النار في جنيف. ففي نهاية المطاف، نحن بحاجة إلى وقف إطلاق نار على المستوى الوطني ونهج منسق للتصدي للجماعات الإرهابية المدرجة على قوائم الإرهاب، بما يتماشى مع أحكام القانون الدولي.
حيث أنه عقب الزلازل، وأكثر من 12 عاماً من الحرب والصراع، لا تزال سوريا تعاني من أزمة إنسانية هائلة الأبعاد. ويحتاج السوريون إلى موارد هائلة منكم جميعاً لتلبية الاحتياجات الإنسانية الطارئة بما في ذلك التعافي المبكر وتوفير سبل العيش. ولا يزال وصول المساعدات الإنسانية ضرورياً بكافة الوسائل، سواء عبر الخطوط أو عبر الحدود.
ولخص بيدرسن رسالته ذكر فيها : نحن مقبلون على ما يُمكن أن يُشكل نقطة فارقة هامة، مع اهتمام متزايد بسوريا – خاصة من قبل دول المنطقة – وهو ما يمكن أن يعزز جهودنا لتحقيق تقدم في حل سياسي لهذا الصراع وفقاً لقرار مجلس الأمن 2254.
ولكن لكي يتسنى لهذا الاهتمام المتجدد أن يُساهم في تحقيق تقدم، يجب على كافة الأطراف الرئيسية وليس مجموعة واحدة من الأطراف اتخاذ خطوات ملموسة. سأستمر في التواصل بشكل مباشر مع الأطراف السورية وسأواصل تذكيرهم، وبالأخص الحكومة السورية، بأن عليهم اغتنام هذه الفرصة وإبداء الاستعداد للمضي قدماً حول عدد من القضايا المتعلقة بالمضمون. وكذلك، سأواصل العمل بشكل وثيق مع الجميع والتأكيد على أهمية التنسيق مع كافة الأطراف الرئيسية. فحتى أبسط الخطوات وأكثرها تحديداً سوف تتطلب الأخذ والعطاء من قبل طيف كبير من الأطراف وإلى تحقق فعال ايضاً.
وفي الختام قال بيدرسن :آمل إذا ما استطعنا بناء قدر من الثقة من خلال تحركات حقيقية أن يُشكل ذلك في الوقت المناسب أساساً لجهد أشمل لحل النزاع من خلال تسوية سياسية. فلا يوجد طريق مختصر لتحقيق الاستقرار دون معالجة المسببات الجوهرية للصراع. يجب أن نذكر أنفسنا باستمرار أنه، حتى لو بدئنا على نطاق محدود وتحركنا على مراحل، فأن سوريا لا تزال تحتاج إلى حل شامل وفقاً لما نص عليه قرار مجلس الأمن 2254، حل يعيد لسوريا سيادتها واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها، ويُلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري.