لونا وطفة/المركز السوري للدراسات والابحاث القانونية
حضر الشاهد والمدعي بالحق المدني بتاريخ السادس والعشرين من شهر آب/ أغسطس للأدلاء بشهادته أمام المحكمة في كوبلنز، وبدأ ذلك بالتعريف عن نفسه على أنه يعمل في مركز حقوقي وأيضاً يقوم بتنظيم نشاطات للأطفال ويعمل كمصور.
في الشهر السادس لعام 2012 كان الشاهد يجلس مع أصدقائه عندما أتى حاجز طيار وطلب هوياتهم، وعندما وجد أن هوية أحدهم مكسورة قام باعتقالهم جميعاً بعد أن قالوا لهم أن الأمر لن يتجاوز الربع ساعة فقط. وضعوا بسيارة عليها رشاش آلي واقتيدوا إلى فرع الأربعين.
دخل الشاهد قبل رفاقه إلى الفرع وهناك بدأ العناصر بضربه ووصفه بالخيانة، ووضع بممر الفرع ومن هناك سمع صوت ضابطٍ يتحدث مع أحد أصدقائه العلويين الذي تم اعتقاله معهم وقال له: “أنت كيف بتمشي مع هدول؟ هدول عم يقتلونا! ويعملوا حرب علينا!” أجاب الصديق بأن معرفته بهم وطيدة وأنهم أسخاص جيدون – يعني الشاهد وبقية المجموعة الذين اعتقلوا معها – فرد الضابط بأن الشاهد يتعاون مع الإرهابيين.
سمح الضابط للمعتقل العلوي بأن يتحدث مع أهله ويخبرهم بمكانه وبأنه سيخرج خلال ساعتين ولكن الشاهد لن يخرج أبداً بحسب ما قال الضابط للصديق.
بعد عدة ساعات أُخذ الشاهد إلى التحقيق وكان يستطيع أن يرى من خلال قميصه الذي استخدم كقناع على وجهه كي لا يرى.
وقف امام الضابط شخص آخر كان يهمس بأذنه طيلة الوقت. اتهم الشاهد خلال هذا التحقيق بأنه يسافر على اللبنان ليحضر معدات طبية ويعطيها للمشافي الميدانية، وأيضاً بتنظيم المظاهرات. عندما أنكر الشاهد التهم الموجهة له، أعطا الضابط إشارة لأحد خلف الشاهد وبدأ اثنين من العناصر خلفه بضربه حتى وقع أرضاً.
أُعيد الشاهد إلى الممر وبقي حتى الصباح هناك حيث ضُرب مجدداً قبل نقله إلى فرع الخطيب حيث بقي ثمانية أيام تقريباً.وصف الشاهد التعرية والتفتيش كما وصفها شهودٌ قبله، ثم وضع في زنزانة بلغت تقريباً 20 متر مربع كان فيها ما لا يقل عن مئة معتقل. استدعي الشاهد بعد عدة أيام للتحقيق في الطابق الأول ولكنه انتظر لساعتين ولم يتم التحقيق معه ومن ثم أُعيد للزنزانة وكان صديقه المعتقل العلوي ورائه.
أثناء عودتهم طلب الشاهد من السجَّان أن يضعه وصديقه في زنزانة واحدة وهنا بدأ السجّان بضربه حتى وصل إلى الزنزانة. مرة أخرى استدعي إلى التحقيق وطُلب منه إعطاء أسماء لأشخاص يعملون معه، وعندما أنكر ذلك للمرة الثانية قال له المحقق: “أنا مستعد برصاصة وحدة اقتلك هون وماحدا حيسأل عنك. بدك تجبلي كل أسماء الأطباء والإعلاميين بالتنسيقية”.
استمر العناصر بضرب الشاهد بأخمص البندقية، ومن ثم اقترب المحقق منه وكان حينها مستلقياً ووجهه على الأرض، رفع الضابط قدمه للأعلى وضربه على رأسه.
بعد أن رفض أن يعطي أسماء أُعيد إلى زنزانته وحُوِّل بعد يومين إلى فرع آخر في مدينة نجها. لإخفائهم عن أعين لجنة تفتيش متوقعة كانت من البعثة الأممية حسب ما علم الشاهد لاحقا ، أثناء وضعه في الباص لنقله إلى نجها، لمح الشاهد أربعة أشخاص واقفين، يعتقد أن المتهم كان أحدهم.
بقي في نجها قرابة الأسبوع، بعد ذلك نُقل إلى فرع كفرسوسة حيث عَذِّب بالكهرباء وفقد وعيه لأنه رفض أن يعطي أسماء وهو لا يعرفها أصلاً.
بعد ذلك أعطا الشاهد أسمين لشخصين قتلهم الأمن من أقاربه ولكن الضابط لم يعرف أنهما متوفيان، فعل ذلك ليخفف التعذيب عن نفسه.في أحد الأيام جاء أحد العناصر وطلب منهم أن يجمعوا أغراضهم لأنه سيطلق سراحهم، كانوا تقريباً سبعة أشخاص من بينهم الشاهد، عندما أخرجوهم من الزنزانة أدخلوهم لمكان ليأخذوا أغراضهم، فتفاجئوا بإدخالهم إلى كراج كبير فيه أدوات تعذيب كثيرة. كان العناصر سُكارى وبدأوا بتعذيب المعتقلين السبعة، عّذِّب الشاهد بوضعه على طاولة وضربه ومن ثم بطريقة الدولاب، وعَذِّب الآخرون بطريقة الشبح وبالكرسي الألماني.
بعد ذلك أرغموهم على التوقيع على أوراق فارغة ورموهم أرضاً خارج الفرع.بالعودة إلى فرع الخطيب اجاب الشاهد عن أسئلة أطراف الدعوى بما يخص الأوضاع هناك من حيث الطعام والهواء والماء والضوء والنوم بطريقة التسييف والأمراض المنتشرة مع عدم وجود أي رعاية طبية وضرب من يطلب أي نوع من الدواء، وتوافق ما وصفه مع أقوال الشهود قبله، إلا أنه تحدث أيضاً عن معتقل آخر قاموا بتعرية زوجته أمامه وآخر اطففئوا السجائر في مؤخرته وآخر أجبروه على الجلوس على قارورة زجاجية.
لم يخرج الشاهد من المعتقل إلا بعد أن دفع أهله مبلغاً وصل حد الثمانية ملايين ليرة سورية وعن طريق واسطة كبيرة في الدولة.أكد الشاهد أن من كان يقف خارج فرع الخطيب مع ثلاثة آخرين لديه شامة في وجهه وأنه استطاع التعرف على صورته لدى الشرطة الجنائية عندما عُرضت عليه من خلالها، ومع ذلك لا يستطيع أن يؤكد أنه المتهم إلا بنسبة 60% لتغير في بنية المتهم حيث كان وقتها أكثر سمنة.
استغل فريق الدفاع عن المتهم معرفة الشاهد الشخصية بالمحامي أنور البني وطرحوا الكثير من الأسئلة على الشاهد يُفهم منها أنهم أرادوا ربط شهادته بموقف شخصي أخذه البني من المتهم ولذلك يقوم بتحريض وإحضار شهود ضد موكلهم، إلا أن الشاهد أجابهم بأنه في المحكمة ليروي ما حدث معه وليس ذنب البني أن جميع من تواصلوا معه ليكونوا شهودا هنا كانوا معتقلين في الخطيب.
كما أكد الشاهد أن الكثير منهم تلقوا تهديدات وهذا يعلمه بحكم طبيعة عمله مع مركز حقوقي سوري، إلا أنه لا يستطيع قول أكثر من ذلك بسبب سرِّية العمل في هكذا منظمات وضرورة الحفاظ على خصوصية الشهود.