المدن
انطلقت في دمشق السبت، بدعم روسي، جولة جديدة من المفاوضات بين النظام والإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا، في وقت يبدو من غير المرجح أن تسفر عنها نتائج مهمة بالنظر إلى حجم الخلافات بين الطرفين.
وأعلن السفير الروسي والمبعوث الخاص للرئيس فلاديمير بوتين إلى سوريا ألكسندر يفيموف أن بلاده تدعم الحوار بين النظام والإدارة الذاتية، من دون الإشارة إلى الملفات التي ستتناولها جولة المفاوضات الحالية.
لكن يفيموف أكد ضرورة أن تستعيد دمشق سيادتها الكاملة على جميع الأراضي السورية، مضيفاً “نحن ندعم الحوار بين الأكراد ودمشق، وخاصة في شؤون بناء وطنهم المشترك في المستقبل، ونثق بأن عملية التقارب بين الطرفين ستجري بشكل أفضل بعد مغادرة جميع القوى الأجنبية غير الشرعية من سوريا”.
والخميس وصل وفد من قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية إلى دمشق “لمناقشة بعض الملفات مع مسؤولين في النظام”.
وقالت مصادر كردية مطلعة ل”المدن”، إن “المفاوضات ستركز على الأحداث الأخيرة في الحسكة والقامشلي، إضافة إلى موضوع الحصار المفروض على أحياء الشيخ مقصود والأشرفية ومناطق الشهباء في حلب”.
واستبعدت المصادر أن تتطرق المفاوضات للقضايا المركزية، مثل انضمام قسد إلى قوات النظام أو دمج شرطتها ومؤسساتها الأمنية مع مؤسسات النظام، مشيرة إلى أن الخلافات حول هذه الملفات لا تزال كبيرة ولا يمكن أن تُناقش بجدية من دون موافقة أميركية تمنح الضوء الأخضر للإدارة الذاتية من أجل التفاوض حولها، بينما ترغب روسيا وبقوة في ذلك.
وأضافت المصادر أن “المساعي الروسية تهدف إلى استقطاب حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يهيمن على الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، في ظل تنافس بين موسكو وواشنطن في سوريا”. لكنها أوضحت أن “هذه المساعي تصطدم بموقف أميركي واضح بضرورة الحفاظ على مسافة بين النظام وقسد وإنجاح المفاوضات مع المجلس الوطني الكردي من جهة، وبموقف النظام الرافض لتقديم تنازلات جوهرية من جهة أخرى، ولذلك فإن الحديث عن تقدم في الملفات المصيرية يبقى مستبعداً على المدى المنظور”.
وكان الجانبان قد توصلا برعاية روسية إلى اتفاق أنهى التوتر الذي نشب بينهما مؤخراً في مناطق بحلب والحسكة، ونصّ على تقيد حركة قوات نظام الأسد في كل من الحسكة والقامشلي شرقي سوريا، مقابل فك الحصار المتبادل بينهما على مناطق سيطرة الجانبين في المحافظتين.
وفرضت قسد حصاراً على المربع الأمني التابع للنظام في مدينة الحسكة، وعلى الأحياء التي يسيطر عليها هناك، بداية كانون الثاني/يناير، بينما ردّ النظام بحصار حي الشيخ مقصود الخاضع لسيطرة قسد في مدينة حلب، مع تنفيذ الطرفين اعتقالات متبادلة.
وأكد المحلل السياسي فراس علاوي أن الهدف الروسي من وراء عقد هذه المفاوضات هو مناكفة الأميركيين بالفعل، من خلال إظهار أن لهم تأثيراً على حليفهم الرئيسي في سوريا حزب الاتحاد الديمقراطي، لكن المشكلة هي في رفض النظام التماهي مع الرؤية الروسية لمستقبل العلاقة مع الجانب الكردي.
وأضاف ل”المدن”، أن “قسد ترى أنها مستفيدة من أي شكل من أشكال التواصل مع الروس والنظام من أجل تجنب أي تهديدات تركية بالهجوم على مناطق سيطرتها، مثلما حدث مؤخراً في بلدة عين عيسى في ريف الرقة، كما أن سيطرتها أو تواجدها في مناطق النظام المتداخلة مع مناطقها تساعدها بالخروج من حالة الجزر المنفصلة التي تعتبر السمة الغالبة على الأراضي التي تبسط هيمنتها عليها وتحد من قدراتها وطموحاتها”.
واعتبر علاوي أن مستقبل أي مفاوضات بين قسد والنظام مع حليفته روسيا يتوقف على طبيعة الموقف الأميركي غير الواضح حتى الآن من سوريا، مؤكداً أنه “في حال أبقت واشنطن على وجودها الفاعل في شرق سوريا فإن حزب الاتحاد الديمقراطي لن يذهب بعيداً في أي تقارب مع دمشق، أما إذا حدث العكس، وهو احتمال يبقي الحزب عليه قائماً، فبالتأكيد سيعمل الطرفان على انجاز اتفاق برعاية روسية، ولذلك فإنهما يسعيان إلى الحفاظ على قنوات التواصل”.