• الإثنين , 25 نوفمبر 2024

قوات النظام السوري تعتقل 15 شابا… وتفقد 6 من عناصرها بينهم ضباط في درعا

هبة محمد

دمشق – «القدس العربي»: 23/12/2020

يمر الجنوب السوري في ظروف غير مسبوقة من التصعيد الأمني، منذ توقيع اتفاق التسوية في تموز/ يوليو 2018، حيث يحاول النظام السوري فرض الاستقرار العسكري والأمني على محافظات الجنوبية الثلاث، عبر جملة من الإجراءات مثل إعادة تشكيل شبكة الوسطاء المحليين ونزع سلاح الفصائل وتأمين طرق الإمداد والنقل بإقامة المقرّات والحواجز الأمنية والعسكرية، لا سيما في درعا حيث تنفذ قواته عمليات اعتقال بحق الشبان المتخلفين عن الخدمة العسكرية، تزامناً مع سلسلة من الاغتيالات بحق الشخصيات التي أسهمت في عملية المصالحات سواء كانت من جانب النظام أو الفصائل المسلحة.

وتشير هذه المعطيات وفق رؤية خبراء لـ»القدس العربي» إلى وجود توجه فعلي لإغلاق ملف المصالحات وضبط الواقع الداخلي من خلال توسيع دائرة السيطرة الأمنيّة وتدعيم الجناح الإيرانيّ في الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة داخل النظام، لتعزيز مصالحها وتوسيع دائرة تأثيرها في مختلف الملفّات الداخليّة.مصادر محلية قالت إن المنطقة شهدت خلال الـ24 الساعة الفائتة، اعتقال 15 شاباً من أهالي درعا، وثلاث عمليات اغتيال قتل خلالها 6 عناصر من قوات النظام السوري بينهم ضباط، فيما أجرى بعضهم الآخر مصالحات مع النظام السوري.

وفي التفاصيل اغتال مسلحون مجهولون، صباح الثلاثاء، عنصرًا من الفرقة الرابعة التابعة للنظام، ووفقًا لشبكة «درعا 24» فإن مجهولين اغتالوا «غيث ضرار الزعبي» في بلدة اليادودة في الريف الغربي لدرعا، حيث أطلق عليه النار بشكل مباشر أمام منزله مما أدى إلى مقتله. وأوضحت الشبكة أن «الزعبي» عمل قبل اتفاقية التسوية والمصالحة ضمن الفصائل المحلية في المنطقة الغربية، ومن ثم انضم إلى الفرقة الرابعة التابعة لقوات النظام.المتحدث باسم «تجمع أحرار حوران» قال لـ»القدس العربي»، إن مقتل الزعبي سبقه بساعات عمليتا اغتيال، الأولى استهدفت المساعد أول محمود عزيز ضاحي حيث قتل عند مفرق قرية حيط في بلدة سحم الجولان غربي درعا، مع مرافقه العنصر في الفرقة الرابعة حسين نجوى الذي عمل في صفوف الجيش الحر سابقاً.

ويتحدر ضاحي وفقا لـ «أبو محمود الحوراني» من قرية التون القرق في ريف القدموس بمحافظة طرطوس، ويعمل كمسؤول عن ملف الدراسات الأمنية لدى فرع الأمن العسكري في المنطقة الغربية لمحافظة درعا، أما «حسين» فيتحدر من بلدة الذيابية في ريف دمشق، ويسكن في بلدة جلين منذ سنوات.

والعملية الثانية، استهدفت اثنين من عناصر فرع المخابرات الجوية في مدينة داعل في ريف درعا الأوسط إثر تعرضهم لإطلاق نار مباشر من قبل مجهولين يستقلون دراجة نارية، ونقلت جثمانهم لمدينة درعا. وحسب المصدر فإن القتلى هما المساعد أول «أبو اسكندر» مسؤول الدراسات الأمنية لدى المخابرات الجوية في مدينة داعل ومرافقه.

وأوضح «الحوراني» لـ»القدس العربي»، أن عمليات استهداف الضباط المسؤولين عن ملف الدراسات الأمنية أو ما يسمى «المسح السياسي» لدى قوات النظام، تتكرر منذ سيطرة الأخير بدعم من حلفائه على المحافظة في تموز 2018، حيث «يضع ناشطو المحافظة هذه الاستهدافات في سياق الانتهاكات التي تصدر عن مسؤولي الدراسات الأمنية».في غضون ذلك، اعتقلت قوات النظام السوري 15 شخصاً صباح الثلاثاء في محافظة درعا، وقال المتحدث باسم «تجمع أحرار حوران»، إن الشبان اعتقلوا عند «الحاجز الجنوبي التابع للمخابرات الجوية، وحاجز طيّار «مؤقت» عند المجبل على طريق «خربة غزالة – درعا». وحسب المصدر فإن عناصر الحاجزين يقومون بتفتيش هويات المارة واعتقال الشبان المتخلفين عن الخدمة العسكرية في جيش النظام.

وبيّن المتحدث أن العديد من حواجز قوات النظام في محافظة درعا بدأت باعتقال الشبان المطلوبين للخدمة العسكرية، منذ أيام، ووثق تجمع أحرار حوران مزيداً من عمليات الاعتقال عند حاجز القوس غرب مدينة ازرع، لسوقهم للخدمة الاحتياطية في جيش النظام.الخبير السياسي محمد سرميني أوضح أنه ومنذ مطلع عام 2020، عمد النظام السوري وحلفاؤه إلى رفع مستوى التدخّل الأمني لاحتواء مظاهر الفوضى في جنوب البلاد، خصوصاً أن العديد من المناطق في محافظة درعا بقيت عبارة عن مربعات أمنية لفصائل التسوية، مع غياب أي مؤشر لإعادة بناء الثقة بين الطرفين على أساس الولاء للسلطة من جديد، بسبب ممارسات النظام السوري وإيران وعدم التزام روسيا بتعهّداتها.وبرأي المتحدث لـ»القدس العربي»، فإن عمليات المصالحة كانت فكرة إيرانيّة مطلع عام 2012 وسعت عبر أذرعها لإنجاز أكبر قدر مؤثر منها إبان مساندتها العسكريّة للنظام، إلا أنها لم تحقق أي إنجازات فعلية تذكر في هذا الإطار، وقد كان لتطوير روسيا هذه الاستراتيجيّة ورفدها بفواعل اجتماعية متوازية مع الضغط العسكري وجمود الحراك السياسي الأثر البارز في توقيع اتفاقات تسوية مختلفة في درعا ودمشق وريفها.

عملياً، اعتبر سرميني أن السياق الذي يحيط عملية المصالحات والاغتيالات والاعتقالات المنفّذة ضد الشخصيات التي أسهمت فيها، سواء كانت من جانب النظام أو الفصائل المسلّحة، تشير إلى وجود توجه فعلي لإغلاق ملف المصالحات وضبط الواقع الداخلي وتدعيم الجناح الإيراني في الأجهزة الأمنية والعسكرية داخل النظام، لتعزيز مصالحها وتوسيع دائرة تأثيرها في مختلف الملفّات الداخليّة.وأبدى المتحدث اعتقاده بأن تؤثر عمليات الاعتقال والاغتيال التي تستهدف رموز المصالحة في إنشاء وتدعيم شبكة جديدة من المستفيدين من الجانب الإيراني، سواء الديني أو الأمني أو الاجتماعي، ممّا يعود بالفائدة المؤكّدة على سياسة إيران في التغلغل الاجتماعي وتعزيز الحضور العسكري والتغير الديموغرافي في مناطق المصالحات التي تشكّل أولويّة استراتيجيّة لها، خاصّة مدينة دمشق ومحيطها ومحافظة درعا والقنيطرة القريبتين من حدود الجولان المحتل والمناطق التي يسيطر عليها الاحتلال الاسرائيلي.

مقالات ذات صلة

USA