عماد كركص العربي الجديد:27/42023
يبدو أن المعارضة السورية باتت تدرك حجم الخطر المحيط بوضعها كممثل للحراك في سورية، سيما سلوك قطار التطبيع مع النظام مسارات جديدة، آخرها نحو الرياض وقبله أنقرة التي تحتضن المعارضة، وتعد القاعدة الأخيرة لها، فيما قال مصدر لـ”العربي الجديد” إن وفد المعارضة السوري الذي يزور واشطن سمع من الخارجية الأميركية تأكيداً على “اللاءات الأميركية الثلاث الخاصة في الملف السوري، وهي: “لا للتطبيع، لا لرفع العقوبات، لا لإعادة الإعمار” قبل إقرار حل سياسي شامل في سورية.
وفي حين تشعر المعارضة بأن خيارات التأثير الإقليمية لديها باتت قليلة في ظل شح أو انعدام الأوراق التي تملكها، فإنها باتت تفتش عن خيارات دولية وغربية من باب تحريك ملف الحل السياسي دولياً من قاعدة العودة للتفاوض بموجب المخرجات الأممية للحل، أو الضغط الغربي لتنفيذ بعض من تلك المخرجات، ربما لوقف قطار التطبيع أو فرملته على أقل تقدير.
وفي هذا الإطار، توجهت المعارضة السورية إلى واشنطن بوفد يضم رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، سالم المسلط، ورئيس هيئة التفاوض السورية المعارضة، بدر جاموس، بالإضافة لإبراهيم برو ممثلاً عن المجلس الوطني الكردي في هيئة التفاوض، وفدوى العجيلي ممثلة عن المستقلين في هيئة التفاوض.والتقى الوفد أمس الأول مع مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف، إلى جانب نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لملف سورية وبلاد الشام في مكتب شؤون الشرق الأدنى إيثان داس غولدريتش، وهو كذلك المبعوث الأميركي إلى سورية، في العاصمة واشنطن.
وجاءت العناوين العريضة للاجتماع بأن الوفد بحث ملف الحل السياسي في سورية مع الخارجية الأميركية، إذ أكد جاموس الذي ترأس وفد المعارضة أن “أي حل سياسي في سورية يجب أن يكون وفق قرارات مجلس الأمن وخصوصاً القرار 2254، وأن غياب الحل السياسي وتحقيق المرحلة الانتقالية سيزيد من مأساة الشعب السوري”.
جاء ذلك، في بيان لهيئة التفاوض عقب اللقاء، إذ أشار إلى أن الوفد “نقل للإدارة الأميركية مطالب السوريين المحقة برفضهم التطبيع الذي ينهي أملهم في الوصول لدولة الحرية والقانون، وأن الشعب السوري ينتظر محاسبة النظام عن مئات الجرائم التي ارتكبت بحقه”.
وأضاف البيان أن رئيس هيئة التفاوض شدد خلال اللقاء “على ضرورة تحييد اللاجئين السوريين في دول الجوار عن ضغوطات أو ممارسات تزيد من معاناتهم، وأن ملف اللاجئين هو ملف إنساني بالدرجة الأولى”، مشيراً إلى “خطورة ما يجري في لبنان من انتهاكات خطيرة بحق اللاجئين السوريين تودي بحياتهم بسبب تسليمهم للنظام”.
وقال مكتب الشؤون الأدنى في الخارجية الأميركية، في بيان مقتضب، إن ليف أكدت لهيئة المفاوضات السورية أن “سياسة الولايات المتحدة في سورية لم تتغير”، وأن “لا تطبيع مع نظام الأسد في ظل غياب التغيير السياسي الدائم والدعم القوي لقرار مجلس الأمن رقم 2254 بما في ذلك دور المعارضة السورية”.
وقال مصدر من المعارضة لـ”العربي الجديد” إن الوفد سمع من الخارجية الأميركية تأكيداً على “اللاءات الأميركية الثلاث الخاصة في الملف السوري، وهي: “لا للتطبيع، لا لرفع العقوبات، لا لإعادة الإعمار” قبل إقرار حل سياسي شامل في سورية.ولفت المصدر، الذي فضل عدم نشر هويته، لكونه غير مخول بالتصريح الرسمي، إلى أن مساعدة وزير الخارجية ليف، طلبت من الوفد إيجاد صيغ مناسبة لتوحيد المعارضة، وطالبت بأن يكون هناك “أفكار من خارج الصندوق” للدفع حيال هذا الشأن.
وأشار المصدر إلى أنه من المتوقع أن يحصل الوفد على وعود مهمة من أعضاء في الكونغرس، للدفع نحو الضغط على الإدارة الأميركية لمحاسبة النظام وفرض مزيد من العقوبات، وكذلك ممارسة الإدارة ضغطا على الدول التي تسير باتجاه التطبيع مع النظام.
ويلتقي الوفد في واشنطن مع نواب في الكونغرس لا سيما في غرفة النواب، وذلك بعد رفع الصوت من قبل بعض أعضائه في وجه الإدارة الأميركية، التي أبدت منذ وصول الرئيس بايدن إلى البيت الأبيض عدم جدية في التعامل مع الملف السوري، على الأقل في الضغط لمنع التطبيع الإقليمي والعربي، كما كان الحال في ظل الإدارة السابقة برئاسة دونالد ترامب.كما سيلتقي الوفد بمراكز دراسات مؤثرة في الولايات المتحدة، والتي من شأنها صناعة رأي سياسي أو المساهمة به، فيما يخص الشأن السوري.
ومؤخراً، لا سيما بعد كارثة الزلزال الذي ضرب جنوبي تركيا وشمالي سورية، تحركت بعض الدول للنظر في تطبيع العلاقات مع النظام بعد التواصل معه للمساعدة في الاستجابة للكارثة، ما نتج عنه تحرك سياسي للتطبيع، لا سيما من قبل السعودية ومصر وتونس وغيرها، الأمر الذي خلط الأوراق في الملف السوري بعد 12 عاماً من الحراك ضد نظام بشار الأسد، وسط تخوف المعارضة من إعادة تعويمه على الرغم من كل الجرائم التي تتهمه بها.