لم أكن يوما من الأيام من الداعين لمقاطعة أي وسيلة إعلامية بغض النظر عن المحتوى الذي تقدمه ما دامت تلتزم بالمعايير المهنية وبالقيم الإنسانية، لكن أن تتحول أي وسيلة إعلامية إلى مجرد جهاز دعائي يمجد القتلة ويبرر جرائمهم فهي بذلك تسقط عن نفسها صفة الوسيلة الإعلامية وتنحدر إلى مستوى الشريك والمساهم في الجرائم التي بررتها أو مجدت مرتكبها.
والفيديو الدعائي الذي بثته وأنتجته شبكة الجزيرة عبر منصتها “الجزيرة بودكاست” والذي قال كلاما في المجرم الإرهابي قاسم سليماني يجعل منه شهيدا ومجاهدا ورمزا، متجاهلة في ذلك كم الجرائم التي ارتكبها هذا المجرم بحق الشعب الإيراني والعراقي والسوري واللبناني واليمني.
هذا الشريط الدعائي الحاقد يخالف ميثاق الشرف المهني الذي تدعي هذه الشبكة أنها تطبقه، ولنقرأ المادة الثالثة من ميثاق الشرف المهني الذي وضعته الجزيرة على موقعها، حيث تقول:
“معاملة جمهورنا بما يستحقه من احترام، والتعامل مع كل قضية أو خبر بالاهتمام المناسب لتقديم صورة واضحة واقعية ودقيقة مع مراعاة مشاعر ضحايا الجريمة والحروب والاضطهاد والكوارث وأحاسيس ذويهم والمشاهدين واحترام خصوصيات الأفراد والذوق العام”.
الشريط الدعائي الذي يمجد المجرم قاسم سليماني لم يأخذ بهذه الفقرة من ميثاق الشرف المهني لأنه لم يحترم دماء آلاف الشهداء السوريين الذين قتلهم المجرم سليماني في ريف دمشق وحمص وحلب، وهذا يعني إما أن الجزيرة كاذبة فيما تدعيه بميثاق الشرف أو أن من أعد الشريط الدعائي خالف ميثاق الشرف، ولذلك من الطبيعي أن نطالب بأحد أمرين: إما أن تلغي الجزيرة ميثاق الشرف المهني لأنه تضليل للجمهور وادعاء كاذب لمعايير لا تطبقها الجزيرة أو أن تقوم بسحب الشريط وتقديم اعتذار لذوي الضحايا من السوريين والعراقيين واليمنيين والإيرانيين الذي تسبب الإرهابي قاسم سليماني بمقتلهم ومعاقبة وفصل من أعد هذا الشريط، وأدعوا جميع الشرفاء الذين يعملون في شبكة الجزيرة لاتخاذ موقف صارم والامتناع عن العمل في هذه الشبكة التي باتت تبث السموم بذريعة الموضوعية، فالوقوف مع مجرم حرب مثل سليماني يجعل من هذه المحطة بصفتها المعنوية وبالعاملين فيها شركاء في الدم الذي سفكه هذا المجرم الإرهابي.
للأسف أعلم أن ما سبق لن يحدث لأن الجهة التي تسيطر على الجزيرة الآن وتدير سياستها وخطها التحريري هم مجموعة من الإسلاميين الذين ينظرون لإيران وتركيا بأنهما جناحا الأمة الإسلامية، وهذا الخط التحريري يثبت أن ما حدث ليس خطأ من منتج أو معد لبرنامج بل هو سياسة تحريرية باتت تمثل حالة عدوانية على الشعوب وحقوقها ودمائها وضحاياها.
ولذلك أدعوا جميع الأحرار في العالم لمقاطعة هذه المحطة التي باتت عنوانا للعدوان على شعوب المنطقة ومنصة لتبرير وتجميل هذا العدوان.
محمد صبرا
13\5\2020
Al Jazeera Channel – قناة الجزيرة
الجزيرة بودكاست