بمناسبة مرور ١٠٠ عام على وقعة ميسلون أشارك على حسابي هنا مقتطفات من مذكرات عمنا المجاهد الشهيد حسن تحسين باشا الفقير القائد العثماني ثم مؤسس اللواء الأول النواة الأولى للجيش السوري ورئيس أركان وزير الحربية الشهيد يوسف العظمة والتي ستكون على ثلاثة حلقات أو أربعة :الحلقة الأولى : تأسيس الجيش السوري والاستعداد لمعركة ميسلونيسرد الباشا في مذكراته قصة بدايات الجيش السوري المتواضعة والعرض العسكري الأول الذي قام به الجيش رغم معارضة الباشا للقيام به ومن ثم يذكر استخفاف السفير الفرنسي الذي كان حاضرا للعرض بهذا الجيش الفتي. ثم يذكر تفاصيل مفاوضات الملك فيصل مع الفرنسيين الذين كانوا يبيتون النية لاحتلال سورية بعد صدور قرار الانتداب من قبل عصبة الأمم ويذكر بنود إنذار الجنرال غورو لسورية وهي:1- قبول الانتداب الفرنسي دون قيد أو شرط2- حل الجيش3- التعامل بالعملة السورية التي طبعتها فرنسا4- أن لا تمانع الحكومة السورية في قبول احتلال فرنسا لكامل خط رياق حلب الحديدي أي احتلال بعلبك وحمص وحماة وحلب.5- ممنوع على الملك فيصل أن يسافر إلا عن طريق بيروت الواقعة تحت الانتداب الفرنسي.ورفض السوريون تلك المطالب فوجه غورو إنذاراً آخر تضمن نفس الشروط السابقة وقد أضاف إليها:- إلغاء الخدمة الإجبارية- قبول المستشارين الفرنسيين للحكومة السورية- تسليم الضباط والعصابات التي كانت تزعج (إحدى الطوائف) قرب حاصبياوأعطاهم مهلة ستة أيام فقط للتنفيذ وإلا سيزحف جيشه الجرار أقوى جيش بري في العالم على دمشق.وماطله السوريون في الرد وكانوا يجهزون أنفسهم للحرب والمقاومة. ولقد قام الجيش السوري بخطوة ذكية جدا وهي تمركز قواته بشكل سري في غابة تشرف على معسكر القوات الفرنسية في مجدل عنجر حيث صارت القوات الفرنسية في مرمى المدفعية السورية يقول الباشا : (( بناء على أمر وزير الحربية أرسلت اللواء الثاني الذي يقوده المقدم توفيق بك العاقل إلى مجدل عنجر واللواء الرابع إلى منطقة حاصبيا وراشيا وذهبت بنفسي مع اللواء الثاني لتنظيم خط دفاعي في مجدل عنجر، فحفرنا الخنادق وأقمنا المتاريس، ولكننا أعوزتنا الأسلاك الشائكة فطلبتها وكررت الطلب مرارا، ولكن طلبي وندائي ذهبا صرخة في واد… وتلقيت أمرا من وزير الحربية بإرسال بقية قطعات الفرقة من مشاة ومدفعية إلى مجدل عنجر، ما عدا الفوج الثاني من اللواء الأول للمشاة بقيادة المقدم إسماعيل زهدي والذي أبقته الحكومة في دمشق احتياطا لكل طارئ…. وأمنت ارتباط الهاتف بين مركز القيادة وجميع قواد الألوية والشعب الأخرى بصورة جيدة، وبعد أن عبأت المدفعية تعبئة مستورة أخذت مدفعين جبليين سريعين ومعي قائد لواء المدفعية العقيد صدقي بك الكيلاني إلى جوار جسر دير زنون، ووضعناهما بين الأشجار على رابية في مكان مستور بعيد عن الأنظار، غير أنه حاكم ومشرف على معسكرات العدو جميعها من مشاة ومدفعية ودبابات ومطارات، وكان بعدهما عن معسكراته لا يزيد عن ألف وثلاثمئة متر، وكتم أمرهما عن الجميع ما عدانا، وجعلت مركز قيادة الفرقة في قلعة مجدل عنجر الخربة التي تشرف على سهول البقاع جميعا، وأتممت الاستحكامات وأمرت بنسف الجسور التي قد يستخدمها العدو في هجومه من رياق إلى جب جينين على نهر الليطاني، وأبقيت جسري جب الياس ودير ذنون بعد أن لغمناهما لنسفهما عند الحاجة الماسة، ووضعت على حراستهما ضابطا تحت إمرته حضيرة نظامية ومئة متطوع من القرية المجاورة لتدافع عنهما شرقي النهر ولو أمكننا الحصول على الكمية الكافية من الأسلاك الشائكة لكان لدينا من مجدل عنجر خط دفاعي متين يصعب جدا اقتحامه مهما كان العدد قوياً))ويكمل الباشا رواية الأحداث وقصة اجتماع القيادات العسكرية وتقديرها أن الجيش السوري من خلال إمكانياته المتواضعة لن يصمد أمام الفرنسيين أكثر من بضعة أسابيع.يتبع..