بواسطة جيمس جيفري, بسمة علوش, كارستن فيلاند معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط:17/6/2021
“في 15 حزيران/يونيو، عقد معهد واشنطن منتدى سياسي افتراضي مع بسمة علوش و جيمس جيفري و كارستن فيلاند. وعلوش هي مسؤولة الدعوة والتواصل في “المجلس النرويجي للاجئين” في الولايات المتحدة.
وجيفري عمل كممثل خاص للولايات المتحدة بشأن الانخراط في سوريا ومبعوثاً خاصاً لـ “التحالف العالمي لهزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية»” حتى تشرين الثاني/نوفمبر 2020.
وفيلاند هو كبير مستشاري الشرق الأوسط لـ “المجموعة البرلمانية لحزب الخضر الألماني” ومؤلف كتاب “سوريا وفخ الحياد”.
وفيما يلي ملخص المقرر لملاحظاتهم”.
بسمة علوش
لا تزال آلية المساعدات العابرة للحدود التي من المزمع تجديدها الشهر المقبل بمثابة شريان حياة حيوي لملايين السوريين غير القادرين على الوصول إلى المساعدات من خلال وسائل أخرى. ففي شمال غرب البلاد الخاضع لسيطرة المعارضة، يحتاج حوالي 3.4 مليون شخص حالياً إلى أي نوع من المساعدة، ولا يمكن الوصول إليهم إلا عبر الأساليب العابرة للحدود.
وحالياً، يتم استخدام هذا النفاذ للمساعدات الإنسانية كورقة مساومة لانتزاع تنازلات سياسية، لكن لا ينبغي للولايات المتحدة أن تتراجع عن موقفها استجابةً لهذه الضغوط.وقبل الموافقة أساساً على قرار المساعدات العابرة للحدود في عام 2014، كان توزيع المساعدات عشوائياً بحيث كانت التغطية عرضة للثغرات وحالات التكرار.
وقد برزت هذه المشاكل مجدداً في شمال شرق البلاد عندما جرى إغلاق معبر “اليعربية” في أوائل عام 2020، كما أدّى إغلاق معبر “باب السلام” في تموز/يوليو الماضي إلى جعل الاستجابة الإنسانية أقل فاعلية – حيث انخفض حجم المساعدات التي تصل إلى سوريا، وتعطَّل التنسيق، و تأخرت عمليات التسليم. كما أن المصير المجهول للآلية أرغم المنظمات غير الحكومية على تخصيص الكثير من الوقت للتخطيط للطوارئ والتوعية، بحيث أهملت عملها الإنساني.
إن إغلاق باب الهوى، المعبر الأخير الذي لا يزال مفتوحاً، سيكون كارثياً. فسيؤدي إلى خسائر في الأرواح، كما أن عمل أي منظمة غير حكومية قادرة على البقاء في البلاد سيكون أقل فعالية بكثير. وفي غياب إطار عمل الأمم المتحدة، ستكون ثلاثة عناصر أساسية تدعم الاستجابة الإنسانية عرضة للخطر:اللوجستيات والتنسيق.
أوجد قرار المساعدات العابرة للحدود إطار عمل “سوريا بكاملها” الذي يضمن تنسيق المعلومات والموارد بين المنظمات غير الحكومية لضمان وصول المساعدات إلى كل من هو بحاجة إليها.توريد الإمدادات. تُعتبر الأمم المتحدة المزود المحلي الوحيد للقاحات الأمراض على غرار “كوفيد-19” وشلل الأطفال، والمصدر الوحيد لمعدات الوقاية الشخصية وأدوات اختبار فيروس كورونا وغيرها من الإمدادات الطبية.
وبالمثل، يوفر “برنامج الأغذية العالمي” التابع للأمم المتحدة أكثر من 80 بالمائة من المساعدات الغذائية الإنسانية في شمال غرب سوريا. ولولا قرار المساعدات العابرة للحدود، لما كانت المنظمات غير الحكومية قادرة على زيادة إمداداتها الغذائية لتلبية احتياجات 300 ألف شخص في غرب سوريا، أي أقل بكثير من العدد الإجمالي للسوريين الذين هم بحاجة إلى مساعدات غذائية والبالغ 1.3 مليون شخص
.التمويل.
تدير الأمم المتحدة تمويلاً مجمعاً عابراً للحدود يُمنح إلى المنظمات غير الحكومية، لكنها لن تتمكن من مواصلة هذا التمويل دون تجديد آلية المساعدات العابرة للحدود.وإذا لم يتم تجديد القرار، ستتمكن المنظمات غير الحكومية الدولية من الحفاظ على عملياتها على المدى القصير، ولكن التأثير سيكون أكبر على المدى المتوسط وإلى المدى الطويل. وستضطر كافة هذه المنظمات إلى تقليص برامجها وعناصرها وشراكاتها مع المنظمات السورية. وستكون العواقب بالنسبة للمنظمات غير الحكومية السورية حتى أسوأ من ذلك – حيث يعتمد 50 بالمائة منها على الأقل بصورة كاملة على تمويل الأمم المتحدة، لذا فإنها ستتوقف عن الوجود في اللحظة التي تنقضي فيها الآلية العابرة للحدود.
جيمس جيفري
تحرص الحكومة الأمريكية على إبقاء باب الهوى مفتوحاً. والمشكلة هي أن مختلف الأطراف لديها مصالح في سوريا، لذا فإن القرار لا يتوقف فقط على وضع المدنيين في إدلب. فإسرائيل قلقة من هجمات «حزب الله» من سوريا؛ وتركيا قلقة من «حزب العمال الكردستاني» وفروعه السورية؛ وتشعر واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون بالقلق من تنظيم «الدولة الإسلامية».
وهذه كلها مخاوف حقيقية، ويجب على السياسة الأمريكية أن تأخذها جميعاً في الحسبان.عندما واجهت واشنطن التهديدات السابقة لروسيا باستخدام حق الفيتو في كانون الثاني/يناير وتموز/يوليو 2020، رفضتها باعتبارها محاولات سافرة لابتزاز مجلس الأمن الدولي وانتزاع تنازلات. وقد ساهم ذلك الموقف الأمريكي الحازم في عزل موسكو بما يكفي بحيث أذعنت في النهاية وسمحت باستمرار آلية المساعدات.وفيما يتعلق بالتطبيع مع بشار الأسد، لم تحصل الدول التي قطعت شوطاً بعيداً في هذا الاتجاه على أي شيء في المقابل. فلم يحصل الأردن على أي منافع تجارية؛ ولم تشهد الإمارات أي معارضة للتورط الإيراني في سوريا. لذا فإن تقديم تنازلات إلى الأسد لا يُجدي، وأن الدول الأخرى تدرك ذلك. وستتخذ بعض الأطراف خطوات إضافية تجاه التطبيع، لكنها ستكون محدودة.
وبناءً على ذلك، على الرئيس بايدن أن يوضح لفلاديمير بوتين بأن الولايات المتحدة وحلفاءها لن يقبلوا بتطبيع مقاربة الأسد تجاه الانشقاقات الداخلية، والتي شملت حتى الآن حملة تطهير عرقية واسعة النطاق، ومقتل نصف مليون شخص، ومجال عمليات واسع للإرهابيين. كما لن يقبلوا بالرؤية الأمنية الإقليمية التي تطبقها روسيا وإيران في الشرق الأوسط.
وفي الوقت نفسه، على واشنطن أن تظهر أنها مستعدة للمساومة على حاجات موسكو الأساسية في سوريا، بما فيها إقامة حكومة صديقة واحترام الالتزامات العسكرية المحلية لروسيا. ورغم أن الولايات المتحدة ستواصل فرض عقوبات على سلوك الأسد المرعب، إلا أنها لا تحاول الإطاحة به.وحتماً تؤثر هذه الاعتبارات على الموضوع الإنساني. فواشنطن ترغب في رؤية بعض المساومات على المعابر الحدودية – وكحد أدنى، تجديد لمدة اثني عشر شهراً ووضع حد لتهديدات روسيا باستخدام حق النقض.
وفي المقابل، بإمكانها اتخاذ بعض الخطوات التي ترغب بها موسكو أيضاً، بما فيها إدخال تعديلات طفيفة على العقوبات. لكن لا يجدر بها الموافقة على نظرة بوتين القائمة على تحقيق انتصار عسكري شامل للأسد.ومن حيث المبدأ، لا يجب أن تكون المشاكل الإنسانية على غرار آلية المساعدات العابرة للحدود موضوعاً للتفاوض. فالمشكلة هي أن روسيا أظهرت استعدادها لإغلاق المعابر، لذا فمن الضروري الانحراف قليلاً عن هذا المبدأ للحفاظ على حياة المدنيين.
كارستن فيلاند
السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا وجد المجتمع الدولي نفسه أمام معضلة الاعتماد على قرارات المساعدات العابرة للحدود لتقديم هذه المساعدات؟ تكمن الإجابة في ثلاثة عوامل أساسية.
أولاً، يجري توزيع المساعدات الدولية بشكل عام من خلال الحكومة المركزية في البلاد، بناءً على الفرضية بأنها الشريك اللوجستي الأفضل لهذه المهمة. وبالتالي، تلقّى نظام الأسد على ما يصل إلى 90 في المائة من المساعدات المقدّمة إلى سوريا خلال الحرب، حتى في الوقت الذي كان يستهدف فيه البنية التحتية الإنسانية ويقتل المدنيين دون تمييز.
ثانياً، أصبحت المساعدات العابرة للحدود ضرورية في سوريا بسبب عدم نجاح المساعدات “العابرة للخطوط الداخلية” (أي من أراضي النظام إلى مناطق المعارضة). فقد منعت دمشق دخول المساعدات بشكل منهجي وحوّلت مسارها لأنها تعتبر هذه المساعدات أداة استراتيجية للحرب – وهو أمر يمكن حجبه بشكل عقابي عن مناطق معيّنة واستخدامه لاكتساب الشرعية في مناطق أخرى.
ثالثاً، لا يزال يتعين على القانون الإنساني الدولي أن يحسم الجدل حول كيفية إقامة توازن بين سيادة الدولة والاحتياجات الإنسانية لمواطنيها. غير أن القانون واضح بشأن أمر واحد: لا يُسمح للحكومة المضيفة برفض المساعدات لأسباب غير مبررة. وانطلاقاً من هذا المبدأ وحده، لا ينبغي أن تكون آلية المساعدات العابرة للحدود حتى ضرورية.
ولكن على أرض الواقع، سيكون حسم النقطة الثالثة لصالح المواطنين المحتاجين صعباً في سوريا، حيث دُمرت عقيدة “مسؤولية الحماية” تحت أنقاض الحرب. وعلى نطاق أوسع، بذلت روسيا والصين جهداً كبيراً لتطبيق فكرة السيادة باعتبارها حقاً لا يمكن المساس به بغض النظر عن سلوك الدولة تجاه شعبها.
وبالفعل، لا يُعتبر المناخ الحالي مؤاتياً لعقد صفقات في سوريا. فقد أعاقت الخلافات بين الغرب وروسيا التقدّم على الجبهة السياسية، حيث تروّج روسيا للسردية القائلة على أن حل الوسط غير منطقي لأن الأسد قد “انتصر” في الحرب أساساً.
أما بالنسبة لمصير آلية المساعدات، فلن يوقف حق الفيتو تسليم المساعدات العابرة للحدود بالكامل. وصحيح أن قسماً كبيراً منها سيختفي، لكن سيتم توزيع القسم الباقي تحت إشراف تركيا المباشر. ومن هذا المنطلق، قد تترك ممارسة حق الفيتو تأثير غير مقصود يتمثل في تقويض مكانة روسيا الكلية في سوريا.
أعد هذا الملخص كالفن وايلدر.