• الإثنين , 25 نوفمبر 2024

ينقسم مجتمع الفيسبوك السوري إلى جبهتين متحاربتين في اي قضية مهما كانت “صغيرة أم كبيرة”..

المحامي : محمد صبرا

أي قضية مهما كانت “صغيرة أم كبيرة” ينقسم مجتمع الفيسبوك السوري إلى جبهتين..تتحاربان على كل شيء وعلى لا شيء…وكل من الجبهتين تستخدم لغة إلغائية عنيفة متنمرة وفي بعض الأحيان بذيئة تصل أدنى درجات الإسفاف…ننقسم عموديا ونبدأ بأكل بعضنا البعض من دون رحمة أو اعتبار لأي شيء إلى مجموعتين :

1- معارضين مهدويين خلاصيين يظنون ما ينطقون به درر فريدة وأن الناس ” الرعاع والنخبة والوطن كله” من وجهة نظرهم ، ضاع لأنه لم يستمع لحكمتهم التي طبقت الآفاق ، وأن لا خلاص من الغمة إلا عبرهم ، فهم مركبة النجاة الوحيدة.. وكل من يرفض صعود سفينتهم فهو ضال مضل رعاعي شبيح متخلف وهو من الأخسرين ، وهذا ينطبق على عدد كبير جدا جدا جدا من المعارضة يسارييها ويمينييها إن صحت التسمية …وإن صح وجود مثل هذا الانقسام الأبديولوجي في المعارضة.

2- الجزء الثاني الذي ننقسم له هو مجموعة من الثعالب الشابة أو ما نسميهم ناشطين، محكومين بعقد أوديبية ويظنون خلاصهم بضرورة إخصاء الأب أيا كان ، ويشعرون بأن وجودهم يرتبط بتحطيم كل شيء، فهم لا يقبلون أي نقاش أو حوار ، لأنهم وحدهم المعنيون برسم طريق النجاة ، والذي لن يتم الا بتحطيم كل المنظومة وإعادة إنتاجها وفق رؤاهم الخلاصية أيضا ، وإن كانت خلاصيتهم في الجهة المقابلة ..

إنها استعادة مملة ومكررة لنموذج العقل العربي والمشرقي الاستقطابي المثنوي عموما..حيث يواجه الله -الشيطان وأهورامزدا- أهرمان …ثنائية الظلام والنور ،السواد والبياض،الطهارة والدنس،الخير كله والشر كله،الخلاص الإلهي مقابل الخلاص الشيطاني، فالشيطان أيضا قدم خلاصا للإنسان من موقع التضاد مع الرضوخ والاستسلام لإرادة العلي …وكل من الطرفين يتعاركان باعتبارهما آلهة و يقول أن خلاصه هو الإلهي، وأن خلاص الآخر هو شيطاني مذموم ومرجوم…

في هذه المعركة الغيبية التي تدور بين آلهة ،يسمح فيها بكل شيء لأنها معركة بلا قواعد أو معركة على اللاشيء .. يسمح في هذه المعركة بصب اللعنات والطرد من الجنان والحرمان من النعيم….فالآخر الشيطان لابد من هبوطه من علياء الطهارة إلى مهاوي الدنس …رفقا بنا وبما تبقى لنا من وطن …

فلا شيء من معاركنا يستحق كل هذا سوى معركة واحدة هي معركة حريتنا وكرامتنا كأفراد وكأمة وكوطن وليس إهدار كل شيء بما فيها إنسانيتنا بحثا عن وهم ….الله المستعان

مقالات ذات صلة

USA