ذكر لي أحدهم أن اثنين من وجوه المعارضة المعروفة جاءا إلى إحدى المناسبات الاجتماعية فتجاهلهما الناس وعاملوهما بجفاء وصاروا يتجنبون الجلوس بقربهما كي لا يظهروا معهما في صورة واحدة.
لماذا؟لأن المعارضة السورية منذ تشكيلها انشغلت بالمحاصصات والصراعات البينية ودخلت في صراع المحاور الإقليمية ولم يعد عندها وقت للتواصل مع السوريين وقيادتهم وتوجيههم والاستقواء بهم في مواقفها أمام الدول.لم أشاهد معارضاً واحداً يقوم بجولات ميدانية ويخطب في الجماهير! كل عملهم في الغرف المغلقة وعندما يلتقون بالناس يختارون الأشخاص بعناية بحيث لا يخرج من يعترض عليهم ويشوش سرديتهم وهم يعرضون إنجازاتهم العظيمة.
انشغلت المعارضة بكسب الشرعيةالخارجية بتفهم حاجات الدول ومصالحها ومراعاة تلك المصالح ولم تلتفت إلى كسب الشرعية الداخلية بتفهم حاجات السوريين ومصالحهم والعمل على تحقيق هذه المصالح.كسب الشرعية الداخلية لا يتم بشكل تلقائي وإنما يحتاج أولاً، إلى إيمان بالسوريين واحترام لإرادتهم وثانياً، إلى عمل ميداني على الأرض مع السوريين في الداخل والخارج يستغرق عدة سنوات ليس لنقل إرادة المجتمع الدولي إلى السوريين وإخبارهم بما توافقت عليه الدول وإنما لتنظيم السوريين وقيادتهم وتمكينهم من التعبير عن إرادتهم واستخدام هذا التعبير للوقوف في وجه الإرادات الاخرى عندما تتعارض مع مصلحة السوريين. اليوم لا تملك المعارضة أي أوراق ضغط على طاولة المفاوضات فليس لديها قوة عسكرية لأن القرار العسكري في الشمال السوري لا يتبع لها وليس لديها قوة شعبية بحيث إذا وقفت موقفاً يزعج بعض الدول ينزل السوريون إلى الشوارع بالآلاف في الداخل والمهجر داعمين لها.
من دون شرعية داخلية وامتداد شعبي لن تكون المعارضة إلا صندوق بريد تتبادل الدول المتصارعة في سورية الرسائل من خلاله ومهما كانت النوايا حسنة فمن دون امتداد شعبي لن تكون المعارضة إلا أداة لتحقيق إرادات الدول وليس لتحقيق إرادة السوريين.
عندما تمتلك المعارضة القوة الشعبية يمكننا القول إن إرادة السوريين أصبحت حاضرة على طاولة المفاوضات وإنهم أصبحوا رقماً في الصراع وفاعلاً وليس مفعولاً به كما هو الحال الان، وعندها لن يستطيع أحد أن يستبدل المعارضة أو يتجاوزها كما يحتج البعض دائماً: إذا تصلبنا في الموقف سيستبدلوننا بمعارضة أخرى! وعندها سيفخر معظم السوريين بالجلوس إلى جانب أفراد المعارضة والتقاط الصور معهم.
#سورية_الجديدة