منهل باريش
القدس العربي:29/11/2020
باغت تنظيم “الدولة الإسلامية” محور حلفاء النظام، الأربعاء، في هجوم هو الأول من نوعه منذ ربيع 2017. حيث هاجم مقاتلو التنظيم نقاطا قريبة على قصر الحلابات الأثري 25 كم جنوب تدمر وصولا إلى حقل فوسفات الصوانة 40 كم جنوبا في ريف محافظة حمص الشرقي.
ويسيطر التنظيم على نقطة تقاطع المحافظات الخمس، دير الزور والرقة وحلب وحماة وحمص والممتدة من أثريا إلى الرصافة والشولا وكباجب والسخنة. ويتصل بجيب بادية الشامية عبر اختراقات في طريق دمشق- دير الزور الذي تسيطر عليه قوات النظام بين السخنة والشولا.
وأقلقت الهجمات المتكررة قيادة العمليات الثلاث المشتركة في حلف النظام، ودفعت حميميم إلى حشد القوات الموالية لها من الفرقة 25 مهام خاصة ولواء “القدس” الفلسطيني، والفرقة السابعة في جيش النظام والتي خسرت أحد أبرز قادتها الأسبوع الفائت (العميد بشير إسماعيل قائد اللواء 137) والدفاع الوطني في دير الزور والميادين والبوكمال وعددا كبيرا من الميليشيات الإيرانية المنتشرة في ريف دير الزور الشرقي وصولا إلى الحدود العراقية السورية في منطقة القائم.ويهدف الحشد الروسي إلى البدء في عملية عسكرية واسعة ضد خلايا التنظيم المتزايدة في البادية السورية والتي بدأت تهدد بقطع الطرق الحيوية بين المحافظات، طريق دير الزور-دمشق وطريق سلمية-الرقة، والرقة-حلب.انطلقت القوات التي يقودها ضباط روس بشكل مباشر من جنوبي الميادين على محورين، الأول يسعى إلى تطهير منطقة مزارع الميادين الجنوبية باتجاه فيضة ابن موينع، والثاني هو تأمين المنطقة المجاورة لحقل التيم النفطي غرب الميادين وصولا إلى الشولا وكباجب والفيضة.
بالتوازي مع ذلك استقدم الروس قائد الفرقة 25 مهام خاصة، العميد سهيل الحسن إلى ريف حلب الشرقي، حيث بدأت بحشد القوات جنوبي مدينة مسكنة. وتهدف العملية إلى القضاء على خلايا التنظيم المتحركة قرب طريق أثريا- خناصر والتي تهاجم الطريق بشكل متكرر وتنصب الكمائن لقوات النظام والميليشيات الإيرانية وتستولي على صهاريج النفط الخام التي تنقلها ميليشيا القاطرجي من شرق سوريا باتجاه حلب، وتستولي على سيارات نقل القمح التي تنقلها الميليشيا الأخيرة من نفس المناطق أيضا. وأعلنت قوات “النمر الفرقة 25” على صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك مقتل عدد من عناصرها في ريف الرقة الجنوبي وجرح آخرين في اشتباكات صعبة، قبل أن تقوم بحذفها. وقصف الطيران الروسي عشرات الصواريخ في غارات جوية على منطقة الرصافة في عملية ملاحقة خلايا التنظيم، دون معرفة فيما إذا تمكنت قوات النظام من تحقيق أي نتائج على الإطلاق.
فبعد مضي أسبوع على بدء العملية لم تبث أي صورة أو شريطا مسجلا لأهداف مفترضة لمقاتلي التنظيم.وتعثر الهجوم في بادية الميادين الذي بدأ مطلع الأسبوع الماضي، حيث انفجر لغم أرضي بعناصر الدفاع الوطني بقيادة شكور العساف، قتل في الانفجار ثلاثة عناصر وجرح آخرون، ما أوقف عمليات التقدم خشية وقوع القوات في حقل ألغام أو جرهم إلى كمين معد مسبقاً على غرار الكمائن التي اعتاد مقاتلو “الدولة” تنفيذها.
ومع ارتفاع حدة العمليات الأخيرة في شرق سوريا وازدياد مساحتها الجغرافية وتهديدها سلامة الطرق الحيوية والدولية بين شرق سوريا ووسطها، تنبه نظام الأسد وحلفاؤه إلى الخطر المحدق على كافة الأصعدة، فالنظام أمام العقوبات الأمريكية والأوروبية المتزايدة عليه يعتمد بشكل كبير على النفط الخام القادم من مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، ويعتمد كذلك على القمح الآتي من محافظة الحسكة أيضا، وتنعكس خسارة الطرق على وضع العملية السياسية بكل تأكيد فهو يظهره بمظهر الخاسر مجددا رغم وجود حلفائه، بعد شعوره بالنصر باستعادة السيطرة على 60 في المئة من مساحة التراب السوري.
إلى جانب النظام فإن خسارة مزدوجة تلحق بحليفتيه طهران وموسكو، حيث سينقطع الطريق البري بين العراق وسوريا الذي تسيطر عليه إيران، وستتعرض مصادر الطاقة والغاز التي حصلت عليها روسيا إلى خطر كبير خصوصا مع الهجوم الأخير، فجر الأربعاء على حقل فوسفات الصوانة. وهو ثاني أكبر حقل فوسفات تستثمره روسيا بعد حقل خنيفيس الواقع إلى الجنوب من الصوانة. وبالتالي يعطل استثمار الفوسفات وينعكس على إنتاج معامل الأسمدة الثلاثة (معمل السماد الفوسفاتي، معمل الأمونيا يوريا، معمل سماد الكالنترو) على بحيرة قطينة غربي حمص، حيث يصل الفوسفات من الحقلين إلى المعامل بواسطة خط القطار الذي يبدأ في الحقول ويصل إلى معامل قطينة ومنها إلى ميناء طرطوس التجاري حيث كان يصدر بحراً.
ويشير الهجوم على حقل الصوانة جنوبي تدمر إلى مقدرة التنظيم العسكرية وإمكانيته على اختيار أهداف حساسة للغاية تهدد مصالح روسيا وأمن قواتها في البادية السورية وعلى مشارفها.