• الإثنين , 25 نوفمبر 2024

ضغوط دولية ثلاثية لتسليم «عين عيسى» شمال شرقي سوريا وتقويض نفوذ «قسد»

هبة محمد

دمشق – «القدس العربي»:

2/1/2021

تعيش العاصمة الإدارية والأمنية لقوات سوريا الديمقراطية في ريف الرقة شمال شرقي سوريا، حالة غير مسبوقة من الضغوط والتهديد من قبل الفاعلين الأساسيين، بهدف تسليمها للنظام السوري وفق أجندة روسية بالتوافق مع أنقرة على حسم ملف «عين عيسى» وتقويض نفوذ «قوات سوريا الديمقراطية» وإضعاف قدراتها، مع إجبارها على تقديم تنازلات هامة بهذا الشأن، مستغلين انشغال الجانب الأمريكي بترتيبات انتقال السلطة الرئاسية استباقاً لأي تغيرات في موقفه من ملف شمال شرقي سوريا.الضغوط على ناحية عين عيسى، كشف عنها رئيس مجلس سوريا الديمقراطية «مسد» رياض ضرار، أمس الجمعة، حيث وصف التهديدات التركية بـ «الجدية» لكنها «بهدف الخدمة وليست بهدف الاحتلال» أي إنها نوع من الضغط لتسليم عين عيسى للنظام كما يخطط الجانب الروسي، معتبراً وجود «تعاون خفي بين النظام وتركيا بوساطة روسية».الموقف الأمريكيوقال رياض ضرار، في تصريحات لموقع باسنيوز الكردي، إن «التهديدات على منطقة عين عيسى مستمرة، لأنها تعتبر مركزاً حيوياً للمنطقة، وأيضاً تعتبر مركزاً اعتبارياً بحكم أنها كانت عاصمة للإدارة الذاتية، وتهديدها من الجانب التركي والمرتزقة الذين يعملون معها يعني أن هؤلاء جميعًا لهم مصلحة في تهديد هذا الموقع الاستراتيجي، إضافة إلى أنه يقطع طريق (إم 4) ويهدد التواصل مع منبج وعين العرب».

ويبدو أن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تشكل وحدات الحماية الكردية القوة الأساسية فيها، تعول على شراء الوقت في هروبها من وقائع الأرض، حتى وصول الرئيس بايدن إلى البيت الأبيض وهو ما برز في حديث «ضرار» حيث قال «العمل الذي نراه في هذه المرحلة هو استمرار الصمود، لأن التهديدات متنوعة، منها إشاعات، ومنها حرب خاصة، ومنها استمرار القصف، ولدينا شهداء، كما لدينا من خلال المقاومة إمكانية للتأثير على الخصم المعتدي وإصابته بأكثر من سبب للضرر، لأن الدفاع ومقاومة المقاتلين مستمرة وموجودة، وهم لا يتوانون عن الدفاع حتى آخر لحظة عن المنطقة، وعدم القبول بخسارة أي جزء أو نقطة منها».كما تطرق في تصريحاته إلى الموقف الأمريكي من ملف عين عيسى، حيث قال رئيس «مسد»: «هناك تصريحات حول ضرورة عدم التخلي عن عين عيسى، وعدم الاعتداء عليها من قبل الجانب التركي، لكنها ليست بمستوى الضغوط الرادعة أو المانعة، وهذا الموقف الأمريكي الهادئ لا يعطي صورة إيجابية لطبيعة العلاقة والوجود في المنطقة، لأنه يفترض أن يتم الحفاظ على التعهدات والاتفاقيات التي حصلت خلال الفترة الماضية من الوجود الأمريكي والتشارك في الدفاع ومواجهة الإرهاب وقوى التطرف، وضرورة استمرار ذلك».

كما طالب الجانب الأمريكي «بأن يحدد بشكل واضح شكل التعامل وحدوده، وهذا الأمر يخدم مسار الاستقرار في المنطقة والوصول إلى الحل السياسي… الذي نراه نحن مع الأمريكيين مختلفاً تماماً عن مسار تسليم النظام كافة المناطق دون أي تغيير، وهو ما تعمل عليه روسيا».وتحدث رئيس «مسد» عن الضغط الروسي على سوريا الديمقراطية، معتبرًا أن الهدف «هو تسليم كافة النقاط والأراضي السورية للنظام، وهي تعمل على ذلك، وفي الحقيقة الجانب التركي يساعده، وتنسيق أستانا وسوتشي مستمر في ذلك، وهو دليل على التعاون الخفي بين تركيا والنظام السوري رغم كل التصعيد الإعلامي الشكلي»

وقال: «بالنتيجة تركيا تخدم أهداف النظام في مناطق كثيرة بواسطة الجانب الروسي الذي يسهل هذه الوساطة».وبشأن التهديدات التركية لعين عيسى، قال ضرار «هي جدية، ولكنها تهديدات بهدف الخدمة وليس بهدف الاحتلال، أي أنها نوع من الضغط لتسليم عين عيسى للنظام كما يخطط الجانب الروسي، وكما تم النقاش من أجل ذلك، وهو نقاش مرفوض، لأن عين عيسى خارج الاتفاق التركي – الأمريكي الذي كان عام 2019 عندما تم تحديد مواقع بين تل أبيض ورأس العين لتركيا، وهي مواقع ممتدة في الداخل والعمق السوري إلى أكثر من 30 كم، وهي «أي عين عيسى» بعيدة عن خط (إم 4) بحدود 2 أو 3 كم، مما يعني أن الاعتداءات على المنطقة هي ضد الاتفاقات مع أمريكا، وبالتالي لا يسمح بالتجاوز».

وأكد «ضرار» على أن التهديدات مستمرة «بسبب سماح روسيا بمثل هذه التحركات» مشيراً إلى أن «هذا الأمر يحتاج إلى مواجهة وصمود أمام هذا الاعتداء، حتى نفرغ من المرحلة الانتقالية التي أعقبت الانتخابات الأمريكية». وتتمتع مدينة «عين عيسى» بموقع استراتيجي هام، من حيث موقعها على طريق M4 الدولي، الذي يربط محافظة الحسكة بالرقة، ويصل بين شمال شرق سوريا وشمال غربها وصولاً إلى الساحل، كما أنها عقدة وصل تربط مدناً ذات أهمية، وهي: تل أبيض وعين العرب ومنبج ومدينة الرقة وبلدة المبروكة في ريف الحسكة.موقف أمريكي هادئالباحث في المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام رشيد حوراني فسر الموقف الأمريكي الهادئ في ما يتعلق بما يحدث في بلدة عين عيسى بأنه يندرج تحت إطار الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية على «قسد» لتغيير موقفها، خاصة أن مصادر محلية أفادت بأن واشنطن أكدت لـ «قسد» أنها تفضل تركيا على النظام في إدارة شؤون عين عيسى، ورغم ذلك هددت «قسد» النظام بالقضاء على المربع الأمني التابع له في الحسكة والقامشلي، في حال لم يقف معها في مواجهة الهجوم التركي على عين عيسى، ظنا منها أن تضع أمريكا تحت الأمر الواقع.وأضاف الباحث لـ «القدس العربي»: «إلا أن أمريكا أرسلت رسالة أقوى لـ «قسد» من خلال الزيارة التفقدية التي قام بها قائد القوات المركزية الأمريكية كينث ماكينزي خلال زيارة له للشرق الأوسط، شملت سوريا والعراق، وذلك لعدة أهداف، منها تفقد قوات التحالف الدولي والقاعدة العسكرية الأمريكية العاملة في منطقة «الـ55» وكذلك شركائهم في «جيش مغاوير الثورة» مفادها قدرة أمريكا على إيجاد البديل لقسد، خاصة أن البديل لقسد لديه الاستعداد لمواجهة إيران؛ بالمحصلة ان الموقف الامريكي الهدف منه دفع قسد لمراجعات تنسجم مع الموقف السياسي العام ومع قوى الثورة السورية لضمان اعتمادها ضمن هذا الإطار من قبل أمريكا».

وبالنسبة لمآلات الوضع في عين عيسى، اعتبر «الحوراني» أنها ستبقى ورقة ضغط تلوح بها تركيا بوجه موسكو إلى أن تكف الأخيرة عن استفزاز أنقرة في منطقة إدلب وشمال غرب سوريا، وهنا تستفيد تركيا أيضاً من الموقف الأمريكي الداعم لها في إدلب والذي صرح به كل من المبعوث الأمريكي السابق لسوريا والجديد.

مقالات ذات صلة

USA