أجمع عدد من المعارضين الإيرانيين وشخصيات سياسية مهتمة بالشأن الدولي، على أن مقتل المتزعم السابق لميليشيا “فيلق القدس”، المدعو “قاسم سليماني”، كان له الأثر الكبير في زعزعة البيت الداخلي للنظام الإيرانية، وانعكس بشكل كبير على الميليشيات الإيرانية وعلى مخططاتها ومشاريعها التوسعية.جاء ذلك لمناسبة الذكرى السنوية الأولى لمقتل سليماني بغارة جوية أمريكية في العراق، في 3 كانون الثاني/يناير 2020، أعقب ذلك إعلان وزارة الدفاع الأمريكية الـ”بنتاغون”، أن الرئيس دونالد ترامب، هو من أصدر تعليمات بتنفيذ عملية اغتيال “سليماني”.
وذكرت الوزارة الأمريكية في بيان، أن “سليماني وفيلق القدس، مسؤولان عن مقتل مئات الجنود الأمريكيين، وأنه كان يخطط بشكل فعال لتنفيذ هجمات ضد الدبلوماسيين والجنود الأمريكيين بالعراق، ودول المنطقة”.وبعد مرور عام على مصرع أبرز قيادي للميليشيات الإيرانية، وأبرز شخصية كان النظام الإيراني يعتمد عليها وبشكل كبير جدا، يطفو على السطح السؤال الأبرز “ما الذي تغير بعد مقتل سليماني في منطقة الشرق الأوسط؟ وكيف كان انعكاس ذلك على إيران وميليشياتها في سوريا ولبنان وغيرها من المناطق المتغلغلة فيها؟”.*
الإيرانيون يسخرون من نغمة “الانتقام الشديد”وقال المعارض الإيراني “علي رضا أسد زادة” لـ SY24، إنه “بعد مرور عام كامل من مقتل قاسم سليماني والوعود بـ (الانتقام الشديد)، لم يتمكن النظام الإيراني من الانتقام، وكان الرد الوحيد إطلاق صواريخ على إحدى مقرات الولايات المتحدة في العراق، ما أدى إلى كارثة تحطيم الطائرة المدنية الأوكرانية ومقتل 176 مدني إيراني”.وأضاف “نسي عناصر الباسيج والميليشيات (الانتقام الشديد) تقريبا، غير أن مقتل العالم النووي محسن فخري زاده في عقر داره قرب طهران زاد الطين عليه، وعاد موضوع انتقام سليماني إلى الضوء مرة أخرى”.
وتابع “اليوم يعيش عناصر الحرس الثوري والباسيج والميليشيات المرتزقة في العراق ولبنان وسوريا، حالة رعب ويـأس من شعارات قادة الحرس الثوري الفارغة”.وأشار إلى أنه “على مستوى الشارع الإيراني، فالإيرانيون يعيدون نشر تصريحات قادة الحرس الثوري وخامنئي حول (الانتقام الشديد) في شبكات التواصل الاجتماعي، من منطلق فكاهي ويضحكون على عدم قدرة خامنئي في اتخاذ إجراء يتناسب تصريحاته العنترية بعد مرور عام كامل من مقتل سليماني”.وقال أيضا إنه “من ناحية الإرهاب وتحشيد الميليشيات والمرتزقة كان قاسم سليماني ذو خبرة خاصة، ولم يتمكن إسماعيل قاآني زعيم فيلق القدس الجديد، من ملئ فراغه في منطقة الشرق الأوسط بعد”.
*مقتل “سليماني” بداية العد التنازلي لانتهاء مشروع إيران
من جانبه قال مدير المركز الأحوازي للإعلام و الدراسات الاستراتيجية “حسين راضي” لمنصة SY24، إنه “منذ مقتل سليماني تغيرت كثيرا ن الأمور في الساحة الإيرانية والعراقية وحتى في سوريا”.
وأضاف أن “إيران تضررت بمقتل سليماني جدا ومشروعها التوسعي بشكل كبير، كون سليماني كان يعتبر عرّاب مشروع إيران التوسعي وعرّاب سياسة إيران الإرهابية، ويعتبر رأس هذا المشروع، وعندما يقطع رأس المشروع فإنه يصاب بالصميم”.وتابع أنه “لاحظنا تراجع دور إيران في المنطقة وعدم قدرتها على الرد لا بشكل مباشر ولا غير مباشر رغم التهديدات الكبيرة، وبعد مرور عام على مقتل سليماني فهي لا تستطيع الرد لأنها تعي جيدا بأنه سيكون هناك عواقب كارثية عليها وعلى ميليشياتها”.
وأوضح أن “مقتل سليماني أدى إلى ضعف في الميليشيات في العراق وسوريا، لأن سليماني كان المخطط والمنفذ والداعم الرئيسي لها، يضاف إلى ذلك أنها وبسبب الاستهداف المستمر ضدها فإن إيران تعاني الآن من مشاكل اقتصادية وسياسية ومن مشاكل العزلة التي فرضتها دول المنطقة والعالم عليها بسبب سياساتها الإرهابية، وبالتالي تراجع دورها بسبب سياستها تلك”.
وأشار إلى أن إيران تترقب استلام الإدارة الأمريكية الجديدة وكيف ستكون السياسة الأمريكية تجاه طهران، وهذا الأمر مستبعد لطالما إيران متمسكة بنهجها التوسعي والإرهابي ومشروعها النووي، وحتى لو تراجعت الضغوط لكنها ستبقى وستبقى تعاني إيران ولا يمكن أن تخرج إيران من الضعف والعزلة”.وقال “راضي” إن “مقتل سليماني أثرا بالغا على وضعها الداخلي وعلى سياساتها الإقليمية التوسعية الإرهابية في المنطقة، وما زالت إيران تعاني من جراء ذلك، ولم يعد بإمكانها إحضار شخص يعوض لها هذه الخسارة الكبيرة، كما أنها فقدت تأثيرها الكبير على المليشيات التي تعيش حالة من الفوضى والفلتان الأمني رغم أنها تدين بالولاء لإيران، بسبب تراجع الدعم وعدم وجود شخصية نافذة متل سليماني على تلك الميليشيات يضبط تحركاتها ومخططاتها”.
وأعرب “راضي” عن اعتقاده أن “المتغيرات والمستجدات التي حصلت في المنطقة ستجعل إيران تدفع ثمنا باهظا، وإيران بسياستها التصعيدية لن تجني سوى المزيد من الخسائر والعزلة والاغتيالات في صفوفها داخل إيران وخارج إيران”.ولفت إلى أن “الكثير من قيادات الميليشيات العراقية هربت من العراق إلى إيران خوفا من تصفيتهم على يد الأمريكان، لذلك إيران خسرت ولن تستطيع تعويض كل تلك الخسائر خاصة أن هناك ثورة في سوريا والعراق واليمن في لبنان ضد التواجد الإيراني، وبالتالي سقط القناع من وجه إيران الحقيقي وأصبحت مكشوفة وأصبح هناك شرخ واسع بين الشعوب العربية الثائرة من جهة وبين إيران ومشاريعها التوسعية وأيضا الميليشيات التابعة لها من جهة أخرى”.وقال “أعتقد أن الصراع سينتهي بانتصار الشعوب وأيضا انتهاء المشروع الإيراني وتواجدها في المنطقة، وقد بدأ العد التنازلي لهذا الأمر بمقتل سليماني، كما أننا بدأنا نشهد تراجع دور ونفوذ إيران في المنطقة”.
*بمقتل “سليماني” فقد خامنئي إحدى ساقيه وقال “مهدي عقبائي” عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية لمنصة SY24، “في الحقيقة أن قاسم سليماني ، بخلاف منصبه الرسمي كقائد لفيلق القدس الإرهابي، وما وراء دوره العسكري وقیادته لجهاز النظام الإرهابي في العراق وسوريا واليمن ولبنان وفي جميع أنحاء المنطقة، كان دوره ریادی فی القضایا السیاسیة أيضًا، خاصة في موقع النظام في المنطقة، إذ كان له دور استراتيجي وكان الشخص الثاني في النظام بعد خامنئی، ولا يمكن لأحد أن يحل محله”.وأضاف أنه “في اليوم التالي لهلاك قاسم سليماني، قام خامنئي على عجل بتعيين قاآني خلفًا له للتظاهر بأن مكانه لن يكون شاغرًا، لكن تجربة العام الماضي أثبتت بأن نظام ولاية الفقیة تلقی ضربة استراتيجية لا يمكن إصلاحها بعد سليماني”.
وأكمل حديثه قائلا إنه “في ذكرى هلاك سليماني الذي کان المتورط في دماء مئات الآلاف من الأبرياء في جميع أنحاء المنطقة، تحاول أجهزة الدعاية التابعة للنظام بجد لتقديمه كشخصية شعبية في إيران والمنطقة، لكن تمزیق وحرق لافتاته وصوره في المدن الإیرانیة من قبل شباب الإنتفاضة، وكذلك وجود نفس الحراك في المنطقة من العراق وسوريا وحتى غزة ولبنان حرق وتمزیق صوره حتی فی غزة، يظهر حقيقة هذه الدعاية، وأنه ليس لهذا السفاح من شعوب المنطقة سوى كراهية عامة”.
وقال إن أثر مقتل “سليماني” على الميليشيات الإيرانية في سوريا وغيرها من المدن، “نجد الإجابة في كسر هيمنة الإرهاب والسياسات التوسعیة للملالي، أي في تحطيم عمقها الاستراتيجي، إذ كان قاسم سليماني رمزًا للإرهاب وتصدير ما یسمی بالثورة، وبني علیه الاستبداد الديني لسنوات رأس ماله”.وقال “إذن بعد هلاکه، تلقت السیاسة الإرهابية للنظام ضربة لا يمكن تعویضها، ولم یستطع النظام ملئ مکانه حتى يومنا هذا، على الرغم من أن قاآني يذكر ظاهریا على أنه الوريث والخليفة لسليماني، إلا أنه من الواضح جدًا أنه مستحیل أن یملئ أحد مکانه، وهکذا فقد خامنئي إحدى ساقيه بفقدانه”.
*إقصاء “سليماني” عن شبكة الميليشيات الواسعةوبالانتقال إلى الجانب السياسي والصراع الذي أشعله مقتل “سليماني” بالغارة الجوية الأمريكية في العراق، بين واشنطن وطهران، وسط المخاوف التي يحاول أن يخفيها النظام الإيراني من ضربة أمريكية قادمة، في حين تحاول إيران وعبر ماكيناتها السياسية والإعلامية توجيه رسائل التهديد غير المباشر لأمريكا بأنها سوف تنتقم لمقتل “سليماني”، بينما زادت واشنطن من تحذيراتها شديدة اللهجة وأنه سيكون هناك “رد فوري وكبير” في حال أقدمت إيران على استهداف الجنود الأمريكان خاصة في العراق.من جانبها قالت المحللة والباحثة السياسية في العلاقات الأميركية والشرق الأوسط “روان الرجولة” لمنصة SY24، إنه “بالتأكيد زادت حدة التوتر بين إيران والولايات المتحدة الأميركية بعد مقتل قاسم سليماني، ومن ارتدادات هذه العملية أنه تم إقصاء (العقل المدبر- بحسب نصر الله) عن إدارة شبكة الميليشيات الواسعة المدعومة من إيران والتي تزعزع استقرار المنطقة في 4 عواصم عربية ومنها دمشق”.
وأضافت أن “إيران أصبحت أضعف ومكشوفة أكثر وليس فقط بسبب مقتل سليماني، ولكن العام الماضي جاء بلائحة طويلة من العقوبات التي استهدفت ايران وأيضا بعض رموزه و شبكاته في لبنان وأميركا اللاتينية، وهو الأمر الذي أثر بشكل واضح على العمليات القتالية على الأرض و تمويلها”.وتابعت قائلة “كما أن الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع للحرس الثوري الإيراني و حزب الله في سورية، أضرت جدا في السلسلة اللوجستية لحزب الله والميليشيات المدعومة من إيران في سورية، إلا أن خطورة إيران ليست فقط على المستوى العملياتي وإنما في قدرتها على تطبيق سياسة النفس الطويل والتغلغل في المجتمعات العربية من خلال تكرار نموذج حزب الله اللبناني في باقي العواصم العربية للتحكم بها”.
وفي 31 كانون الأول/ديسمبر 2020، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية مجددا، عن نشر قاذفات القنابل من طراز “B-52H” التابعة لسلاح الجو الأمريكي، وذلك للمرة الثالثة في قواعدها المنتشرة في منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي رأى فيه مراقبون أنها رسالة جديدة موجهة بشكل مباشر لإيران وأذرعها في المنطقة.وأشارت في بيانها إلى أن هذه المهمة هي ثالث عملية نشر لقاذفات القنابل من هذا الطراز في منطقة عمليات القيادة المركزية الأمريكية، خلال نحو شهرين.
وتزامن نشر قاذفات القنابل الأمريكية في الشرق الأوسط، مع التصريحات الإيرانية الأخيرة التي أدلى بها قائد ميليشيا “فيلق القدس” المدعو “إسماعيل قاآني”، والتي هدد فيها المسؤولين الأمريكيين خلال جلسة مغلقة للبرلمان الإيراني في ذكرى مقتل متزعم قائد ميليشيا “فيلق القدس” الساق “قاسم سليماني”.
ونقلت مصادر إيرانية معارضة، أن المدعو “قاآني” هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومسؤولين أمريكيين آخرين بمن فيهم وزيرا الخارجية والدفاع إضافة لرئيس المخابرات الأمريكية CIA، بالقتل.