• الثلاثاء , 26 نوفمبر 2024

في ذكرى خسارة طريق M5: القاذفات الروسية تعود لسماء شمال سوريا

يرجح‭ ‬حضور‭ ‬القاذفات‭ ‬الروسية‭ ‬وصوتها‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يغيب‭ ‬عن‭ ‬سماء‭ ‬شمال‭ ‬غرب‭ ‬سوريا،‭ ‬اقتراب‭ ‬موعد‭ ‬الهجوم،‭ ‬خصوصا‭ ‬وأن‭ ‬موانعه‭ ‬الدولية‭ ‬تراجعت‭ ‬مع‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الجديدة‭. ‬

عاد التوتر مجددا إلى محافظة إدلب، شمال غرب سوريا، الأسبوع الماضي. ورغم محدودية القصف الجوي الروسي، إلا أن القاذفات الاستراتيجية للسلاح الجوي الروسي لم تغب عن سماء إدلب، لا هي ولا طائرات الاستطلاع.

وتركز قصف الطيران الروسي على منطقة الحرش أو «غابات الباسل» غرب مدينة إدلب، يومي الثلاثاء والأربعاء، وهي غابة ممتدة في المنطقة الجبلية بين طريق إدلب-أرمناز جنوبا وصولا إلى شمال طريق معرة تمصرين-حفسرجة، بطول يتجاوز عشرة كم. وتواصل دوران الطيران الروسي لرصد منطقة الحرش الوعرة والمغطاة بالأشجار الحراجية.

وبثت مواقع روسية شريطا مصورا يظهر استهداف الطيران الروسي لبناء ضخم دون تحدد المبنى المستهدف ورفضت فصائل المعارضة السورية تحديد الموقع المستهدف أو تابعيته.في حين، نقلت وكالة «سبوتنيك» الرسمية الروسية عن مصدر ميداني، لم تسمه، أن طائرات الاستطلاع الروسية رصدت عدة آليات وعربات تابعة للمجموعات المسلحة شمال غرب إدلب، ضمن قطاع ما يعرف باسم الشيخ بحر غرب مدينة إدلب، مضيفة أن «هذه المنطقة تحوي على غرفة عمليات تابعة للمجموعات المسلحة بالإضافة إلى عدة مقرات أخرى، الأمر الذي استدعى تدخلا عبر سلسلة من الغارات الجوية المركزة باتجاه هذه الأهداف».

ويوضح المصدر أن «الغارات الجوية أسفرت عن تدمير غرفة العمليات الرئيسية للمجموعات المسلحة، بالإضافة إلى 3 مقرات أخرى، فيما سجل تدمير آليات ومعدات لوجستية داخل هذه المقرات من دون معلومات دقيقة عن أعداد القتلى والمصابين بصفوف المجموعات المسلحة».

وفي نهاية كانون الثاني (يناير) الفائت، اتهم نائب رئيس المركز الروسي لمصالحة الأطراف المتحاربة في سوريا «مركز حميميم» العميد فياتشيسلاف سيتنيك، من وصفهم بمقاتلي جماعة «جبهة النصرة» بتنفيذ 18 هجوما في منطقة خفض التصعيد بإدلب.

وتوزعت الهجمات على أرياف حلب وحماة واللاذقية، بحسب اتهام المسؤول الروسي.

وفي ظل المقاطعة الروسية لتسيير الدوريات العسكرية المشتركة مع تركيا على طريق ترانزيت حلب- دمشق /M4 واصلت الشرطة العسكرية الروسية تسيير دورياتها المنفردة في منطقة منبج، شرق محافظة حلب.

وكان جيش النظام رفع جاهزيته الكاملة آخر السنة، على كامل محاور محافظة إدلب الجنوبية والشرقية. ما أنذر ببدء هجوم جديد سرعان ما تبددت أسبابه نتيجة انشغالات النظام وحلفائه في معاركهم مع تنظيم «الدولة الإسلامية» في البادية السورية.ويربط الإعلام الروسي الغارات الجوية في منطقة «غابات الباسل» بتواجد تنظيم «حراس الدين» الموالي للقاعدة، معتبرا أن المنطقة هي «أحد المواقع الاستراتيجية التابعة لتنظيم حراس الدين».

رغم أن التنظيم لم يعد يملك مقرات في المنطقة وخرج منها باتجاه الشمال بعد هجوم هيئة «تحرير الشام» التي يقودها أبو محمد الجولاني على مقرات التنظيم المذكور بسبب عزمه تأسيس تحالف «فاثبتوا» الذي ضم عددا من التنظيمات الجهادية، انشق بعضها عن «تحرير الشام» منتصف حزيران (يونيو) من العام الماضي.وتشدد التصريحات الروسية، مؤخرا، على ذكر تنظيم «حراس الدين» في كل الأخبار المتعلقة بإدلب، والتنويه إلى أنه يتكون من «مقاتلين متشددين» أعلنوا إنشاء تنظيمهم الخاص عام 2016 محافظين على ولائهم لزعيم القاعدة في أفغانستان أيمن الظواهري، وان مجلس شورى التنظيم «يغلب عليه المقاتلون الأردنيون ممن قاتلوا في أفغانستان والعراق والبوسنة والقوقاز».

ميدانيا، أكدت مصادر عسكرية في الجبهة الوطنية مقتل سبعة عناصر على الأقل من فصيل أنصار الحزب الإسلامي التركستاني «أنصار التركستان» في منطقة خربة الناقوس في سهل الغاب التابع لمحافظة حماة، اثر استهداف آلية رباعية الدفع (بيك آب) تقل المقاتلين بصاروخ موجه مضاد للدروع م/د. و»أنصار التركستان» هو فصيل صغير يتلقى دعمه من الحزب «الإسلامي التركستاني» ويضم عددا من المقاتلين الذين غادروا فصائل وتنظيمات «الجيش الحر» و «جند الملاحم» وحركة «أحرار الشام» الإسلامية وهيئة «تحرير الشام» وتنظيم «جند الأقصى».

ويقدر عددهم بنحو 80 عنصراً، كلهم من السوريين، ولا يوجد بينهم أي مقاتل عربي أو أجنبي، يرابطون في سهل الغاب إلى جانب الحزب «الإسلامي التركستاني» الذي عهد إليهم بأربع نقاط رباط قرب مواقعه في خربة الناقوس. في المناطق الواقعة جنوبي طريق حلب-اللاذقية الدولي/ M4 قصفت مدفعية النظام قرى جبل الزاوية منذ بدء التصعيد في 2 شباط (فبراير) الجاري.

وردت فصائل «الجبهة الوطنية للتحرير» بقصف مواقع قوات النظام على طريق حلب-دمشق / M5 والمدن والبلدات القريبة منه.ويتزامن التصعيد الحاصل في إدلب مع الذكرى السنوية الثانية لانهيار منطقة «خفض التصعيد» الرابعة، ففي ربيع 2019 هاجمت قوات النظام والميليشيات المساندة له ريف حماة الشمالي وبعد أقل من عام بدأ هجومها على ريف معرة النعمان الشرقي في تشرين الثاني (نوفمبر)2020.

وفي مطلع شباط (فبراير) أحكم النظام سيطرته على مدينة معرة النعمان وبدأ معركة الهجوم على مدينة سراقب الواقعة على نقطة تلاقي طريقي M4 وM5. وخلال معركة استعادة السيطرة على مدينة سراقب الاستراتيجية التي دعمتها تركيا، التفت قوات النظام والميليشيات الإيرانية على محور المعارك في المدينة وسيطرت على الطريق بين سراقب وحلب وبدأت بالهجوم على ريف حلب الغربي والشمالي.

وتساقطت المناطق دون مقاومة تذكر في ريف حلب الشمالي، وهو جيب منطقة عندان بسبب سحب هيئة «تحرير الشام» لسلاحها الثقيل من المنطقة وإخراج قادة «تحرير الشام» لأسرهم وعلى رأسهم قائد قطاع حلب في هيئة «تحرير الشام» أبو إبراهيم عندان الذي قام بنقل عائلته قبل بدء الهجوم بشهر، ما يعزز رغبة «تحرير الشام» عدم المقاومة وألا تزج بجنودها في معركة محسومة للغاية لصالح النظام وحلفائه.

في السياق، تمكن أحمد الحصري أحد ثوار مدينة معرة النعمان من إيقاف تقدم قوات النظام والميليشيات المساندة لها داخل أحياء معرة النعمان. ورفض الحصري مغادرة مدينته واتخذ قرار مواجهة المهاجمين وحيداً. ونشرت صفحات مقربة من «قوات النمر» الهجوم على البناء الذي تحصن به الحصري، حيث قصفته دبابات النظام قبل اقتحامه من قبل عشرات الجنود.

على صعيد آخر، مر عام على مقتل أول جنديين تركيين في هجوم النظام وحلفائه على إدلب، حيث قصفت الطائرات الروسية نقطة تمركز للمدرعات التركية أمام منتزه «الرابية الخضراء» قرب بلدة النيرب على طريق M4 في الخامس من شباط (فبراير). وخلال الشهر نفسه تعرض الجيش التركي إلى قصف أحد نقاطه في تفتناز وفي 26 منه، تعرض معسكر القوات التركية قرب بيلون في جبل الزاوية إلى قصف مدفعي عنيف براجمات الصواريخ من محيط بلدة كفرنبل. وأدى الهجوم إلى مقتل 78 جنديا تركيا، في أكبر خسارة للقوات التركية منذ تدخلها في سوريا عام 2016 مع عملية «درع الفرات» التي شنتها أنقرة ضد تنظيم «الدولة « في ريف حلب الشمالي.

ومع مقتل جنودها، بدأت أنقرة عملية انتقام واسعة ضد قوات النظام وطار شرر الهجوم ليصل إلى الميليشيات الإيرانية وحزب الله في منطقة مزارع الطلحية. وأدخلت الطائرات المسيرة الهجومية في المعركة ضد النظام والتي تسببت بخسائر فادحة وأعطت تفوقا كبيرا وحاسما ضد النظام، لكنه لم يشكل فارقا على الأرض، ولم يستطع أن يغير في خريطة السيطرة على الأرض بسبب التواجد الروسي وقصف طائراته لمواقع فصائل المعارضة.

مع مرور عام على هزيمة المعارضة في إدلب، وتوقيع اتفاق موسكو، ما زال الاتفاق موضع شك واختبار في أن يجنب إدلب مصيرا مشابها لما حصل قبل عام. فالاتفاق الذي حدد بسقف زمني قصير يقترب من عامه الأول.

ويرجح حضور القاذفات الروسية وصوتها الذي لا يغيب عن سماء شمال غرب سوريا، اقتراب موعد الهجوم، خصوصا وأن موانعه الدولية تراجعت مع الإدارة الأمريكية الجديدة.

مقالات ذات صلة

USA