• الإثنين , 25 نوفمبر 2024

قصر الشعب والقرادحة.. وما تبقى للأسديين بعد تدمير المناطق السنية!

غسان المفلح

منذ اتخاذ أوباما قراراً دولياً بهزم الثورة السورية، وتحشيد كل من هب ودب ضدها في منتصف 2011 ونحن نرى تداعيات كثيرة تحصل للسوري، لكل سوري ما عدا عائلة الأسد ورهط حولها وهو عبارة عن خليط طبقي وطائفي وديني كلهم شكلوا عسكرا لحماية الأسدية، سواء كان أكثرية أو أقلية.

الصحيح أن أغلب الضحايا والمدن المدمرة هي للأكثرية السنية، لكن الصحيح أيضا وضع من تبقى من الشعب السوري تحت مقصلة الأسدية، كحال من تبقى في سوريا الآن. لم تدمر قرية واحدة تعيش فيها أقلية دينية أو طائفية.

حتى مدن الأقلية الكردية لحقها نصيب من الدمار الأوبامي- الأمريكي نتيجة السورنة التي كانت في صلب قراره.عندما لم تنفع السورنة مع أوباما في هزيمة الثورة في مرحلتها الأولى استدعى الروس بشكل أو بآخر.

كما استدعى إيران وحزب الله وداعش من العراق، وقيادات النصرة من مناطق أخرى، كما أطلق الأسد سراح قيادات جهادية قبل ذلك لتشكل عسكرة جهادية أول ضحاياها كانت ظاهرة الجيش الحر، وتتالى بعدها كثر من المتبرعين والممولين لفصائل جهادية أخرى.دخلت سوريا منذ السماح لإيران وحزب الله في مرحلة السورنة، أي منذ الأشهر الستة الأخيرة من عام 2011، كتبت في حينها عن السورنة وهي بلقنة سورية أو صوملتها أو لبننتها أو عرقنتها، من أجل هدم الثورة على رؤوس أصحابها والتي هي المدن الثائرة والتي تظاهرت.

أعيد وأكرر هذا ليس لموقع تباهي بقدر ما نود قوله إن في المعارضة السورية كان هنالك تيارات، وكان هنالك من يرى ما يقوم به الأمريكي أوباما، لكن القوة أقصتنا ماذا نفعل غير صوتنا؟. لبنان بوصفه دولة متحركة على لغم حربي، وزاد في الطنبور نغماً إلحاقها بإيران لتفاوض الغربيين باسم لبنان عبر المخبر حسن نصر الله. رغم كل الجرائم التي قامت بها إيران في لبنان والاغتيالات عن طريق نصر الله وبالتعاون مع النظام السوري. تركها الغرب الأمريكي لقمة سائغة لإيران.

كما تم تسليم العراق لها بعد سقوط صدام حسين. العراق لا يزال يمشي على ألغام أرضية يمكن أن تنفجر أهليا في أية لحظة. كما انفجرت البلقان أكثر من آخرها كان عام1991 التي استمرت حتى اتفاق دايتون 1995.

لولا وجود البلقان في أوروبا لما شهدنا اتفاق دايتون الذي أنهى الأمريكي بموجبه هذه الحرب. محصلة السورنة الأمريكية لسوريا الآن: احتلال أسدي احتلال إيراني روسي أمريكي مع تحالف دولي ونفوذ تركي.

هذه اللوحة هي قرار السورنة الأمريكي. من جهة أخرى القضية ليست تآمرا أو غير تآمر، القضية أن الأمريكي أوباما أو غيره هو السيد في القرار الذي يخص الشرق الأوسط. مرة أخرى لا يعني كونه سيدا أنه قادر على فرض كل شيء، بل لكونه سيدا يستطيع أن يشارك دولا أخرى من موقعه كسيد في هذه المنطقة النفطية الإسرائيلية الجيوسياسية.

الثورة هزمت أمريكيا ودوليا وتم احتلالها صحيح، لكن أين موقع الأسدية في اللوحة؟ لكي تُحتل الثورة حدث التالي: الأسد قبل الثورة 2011 كان ديكتاتورا أوحد على مستوى الداخل السوري لا يشاركه أحد سلطته الأحادية. الآن: لديه شريكان سياديان يتدخلان بتفاصيل داخلية كثيرة ويشاركانه القرار السيادي الأمني والسياسي إيران وروسيا.

أمريكا تحتل ثلث سورية وسلطة الأسد فيها شبه معدومة. المناطق التي تحتلها تركيا والمناطق التي تسيطر عليها مع المعارضة أيضا لا وجود للأسد فيها.

هذه اللوحة هي ثمن هزيمة الثورة وقتل شعبنا، وما أجرته أمريكا على لوحة الأسدية في سورية دون أن تمس شخصية الأسد في قصر الشعب.. وهذا هو المهم بالنسبة للأسديين!! قصر الشعب والقرداحة.. والباقي تم بيعه من هؤلاء برضا كامل. في البلقنة التاريخية مثالا كرواتيا كانت محسوبة على ألمانيا مع الأقاليم الإسلامية نسبيا، وصربيا على روسيا.

هذا قبل تأسيس يوغسلافيا. رغم هذا التأسيس الذي هو نتاج الحرب العالمية الثانية. بقيت النار تحت الرماد نتيجة لقيام حكم شيوعي ديكتاتوري بالمعنى النسبي قياسا طبعا بما كان موجودا في بقية بلدان المعسكر الشرقي.

البلقنة سببت ثلاث حروب مدمرة. منها استقلالي ومنها خارجي. العراق بعد إسقاط صدام ولبنان من عراق إلى عرقنة ومن لبنان إلى لبننة. وسوريا من سوريا إلى سورنة. لهذا من سورن سوريا هو من يستطيع إعادتها. وهذا الأمر بالنسبة لي بعيد عن التشاؤم والتفاؤل. كل ما يطرح في حقل المعارضة والسجالات والمهاترات البينية، والمبادرات لإيجاد حل كلها خارج وزارة خارجية الأمريكي لا قيمة لها. حتى اللحظة الأمريكي لا شيء يجبره على تغيير وضعية السورنة هذه سوى أمرين:

• الأول ثورة من الداخل وهذا أمر لا يستطيع أحد أن يتنبأ به.

• الأمر الثاني: تغير في الاستراتيجية الأمريكية.

أما بقية الأطراف فهي سواء كانت ذات مصالح محدودة كتركيا أو مصالح واسعة كروسيا وإيران، فهي تندرج في إطار أقصاه شراكة مع الأمريكي في أي حل قائم.

هذا الحل القائم أمريكيا حتى اللحظة هو ما يعيشه السوري في الشتات في المعتقلات في المخيمات في بلدان اللجوء في منطقة الأسد وإيران وروسيا،في مناطق تركيا.

ربما تحاول أمريكا التخفيف من نتائجه الإنسانية وهذا أقصى ما ستفعله إدارة بايدن.

السورنة هذه هي الحل الأمريكي لسوريا ربما إلى عقود. مهما كان هذا الزعم من قبلي لا يضيء شمعة. لكنه هاجسا أعيش قهره كسوري في كل لحظة.

والأمل يبقى على شعبنا في الداخل وعلى أن يحول شبابنا السوريين في بلدان اللجوء إلى طرفا داخليا يعلو صوته بطرق حضارية من أجل إيصال صوتنا كسوريين.

من جهة المعارضة السورية لا نية أمريكية لدعم أي تشكيل جديد. كل الأطراف المحتلة مباشر أم غير مباشر لا تستطيع البت النهائي في الحل السياسي دون أمريكا، أمريكا للسوري هي الشر الذي لابد منه. كيف لا أعرف.

مقالات ذات صلة

USA