• الإثنين , 25 نوفمبر 2024

الأسد خط أحمر أمريكي!

غسان المفلح

ثمة دعوات لإقرار إدارة بايدن سياسة تجاه سوريا تركز على «التعاون» (الانخراط) مع نظام الأسد على نحو يؤدي إلى بناء علاقات دبلوماسية بين الجانبين ويضمن المشاركة الأميركية في إعادة الإعمار الاقتصادي لسوريا تحت رعاية النظام. هذا ما يطالعنا به الدبلوماسي الامريكي العريق والباحث في شؤون الشرق الاوسط كريستوف هوف، في مقالة له نشرت في صحيفة الشرق الاوسط. تحمل عنوان” التعاون مع الأسد!”

يرفض فيها تلك الدعوات الصادرة من داخل الادارة الامريكية الجديدة. ثم يرد قائلا” في الواقع، ستفاقم إدارة بايدن حالة غياب الاستقرار في سوريا إذا ما تعاونت مع نظام فاشل وأبقت عليه رغم افتقاده الشرعية. إن المعاونة على إطالة أمد بقاء النظام يعني بدوره إطالة أمد وضع سوريا كدولة ممزقة يرتع بها إرهابيون، من «القاعدة» أو «حزب الله»، في الوقت الذي يرحل عنها السوريون الذين يحلمون بالكرامة وفرص الحياة الحقيقية.

في ظل حكم الأسد، لا يمكن لسوريا لأن تطمح إلا لأن تصبح نسخة شرق أوسطية من كوريا الشمالية.ثم خلال هذا الشهر الاول من حكم بايدن، تابعنا الكثير من الأحاديث والكتابات عن سياسة بايدن وادارته تجاه سورية.

الاهم من ذلك محاولة بعض هذه الأحاديث والكتابات ربط الملف السوري بالملف الايراني وعودة بايدن إلى الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس السابق دونالد ترامب. منهم من يحاول ان يضع مقدمة انسانية كاذبة بخصوص وضع الشعب السوري وكورونا. كي يقول لنا انه يجب الانخراط مع الاسد في صيغة ما تتيح مساعدة الشعب السوري.

رغم ان السيد كريستوف هوف يوضح ان سبب ما يعيشه الشعب السوري ليس العقوبات وقانون قيصر بل فساد الاسدية ووحشيتها المفرطة. دبلوماسيون امريكيون سابقون عملوا في الشرق الاوسط وفي الملف السوري والايراني، كتاب وصحفيون غالبيتهم يتناولون الملف السوري، بوصفه ملفا امنيا بالدرجة الاولى.

كي يبرروا السياسة الامريكية المعتمدة منذ تأسيس الاسدية. حيث الرابط الوحيد بين كل تلك السياسات والادارات المتعاقبة في واشنطن هو أن” الاسد خط احمر امريكي” لا رابط اخر يربط تلك السياسيات ببعضها سوريا سوى “الطابو” الاخضر!! بان سورية مزرعة اسدية. تختلف كثير من المسائل في طرق معالجتها من ادارة امريكية لإدارة، من دبلوماسي لآخر.

من رئيس لآخر. لكن الثابت منذ خمسين عاما وحتى الآن ان الخط الاحمر الامريكي الوحيد في سورية هو الاسد.الان سواء قامت ادارة بايدن بالانخراط مع الاسد وفقا لأية صيغة تراها او تريد تسويقها. لا يقدم ولا يؤخر على الخط الاستراتيجي لأمريكا تجاه سورية. حتى لو صعدت تجاه الاسد أكثر مما صعد ترامب، لن يغير من هذه المعادلة الابادية.

لم يأت بايدن ولا وزير خارجيته حتى اللحظة على ذكر سورية كجواب على سؤال” ما العمل تجاه هذا الملف؟”. امريكا انهت الاسدية السابقة نهائيا إلى غير رجعة، ليس بانها اسقطتها بل في انها ادخلتها وادخلت البلد في تشاركات سيادية مع الاحتلالات كلها. لم يعد الاسد ديكتاتورا داخليا ينهي ويؤمر دون شريك في الوضع الداخلي السوري. بل باتت إيران تشاركه في بعض المناطق وبعض الملفات، كذلك الحال روسيا. اضافة إلى ان امريكا احتلت ثلث سورية بمساعدة حلفاء الاسد السابقين، لا سلطة فعلية للأسد فيها، وسمحت لأنقرة باحتلال بعضا من سورية ايضا لا سلطة للأسد فيها. لكن الاسد لاتزال امريكا تراه مفيدا حتى اللحظة في قصر الشعب بقاسيون. لاتزال حياته المرتبطة بوجوده في هذا القصر خطا احمرا امريكيا. اضافة الى ان هذا الوضع الجديد، يمكن ان تديمه امريكا على الابد.

مقالات ذات صلة

USA