مع مرور عقد من الزمن على انطلاق الثورة السورية التي بدأت في مارس 2011م، لا يزال نظام الأسد يرتكب العديد من المجازر بحق الشعب السوري.
ويتم فيه كشف إصرار نظام الأسد على استهداف المدنيين العزل في أماكن إقامتهم منذ بداية الثورة .
ولعل من أبرز المجازر التي ارتكبها هذا النظام بحق الشعب السوري مجزرة خان شيخون رغم مرور أعوام عديدة على المجزرة الكيميائية التي ارتكبتها ميليشيات النظام في خان شيخون مازالت خان شيخون تعاني من ويلات القصف الكيميائي الذي تعرضت له قبل أربعة أعوام.
حيث يصادف اليوم الأحد 4 من نيسان، الذكرى الرابعة لمجزرة الكيماوي في خان شيخون ففي يوم الثلاثاء المصادف 4نيسان 2017 و قرابة الساعة 6:49 نفَّذت طائرة حربية من طراز SU-22 تابعة لنظام الأسد، تحمل رمز قدس 1، يقودها الطيار “محمد حاصوري” من مدينة تلكلخ (وهو قائد سرب سوخوي ٢٢ مطار الشعيرات الملقب قدس١ ورئيس أركان اللواء 50)، هجوماً على الحي الشمالي من مدينة خان شيخون بأربعة صواريخ أحدها كان محملاً بغاز سام، ما أدى إلى استشهاد 91 مدنياً خنقاً، بينهم 32 طفلاً، و23 سيدة، وإصابة ما لا يقل عن 520 آخرين بحسب آخر تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان.
حُفرت ذكرى المجزرة في أذهان الأهالي الذين أحيوها في الاعوام على أرضهم، لكنهم لم يتمكنوا اليوم من ذلك، إذ سيطرت قوات النظام على المدينة منذ آب 2019، بعد قصف متواصل على الأحياء السكنية، أجبر الأهالي على النزوح إلى مناطق متفرقة في مناطق سيطرة فصائل المعارضة بحلب وإدلب.
ولم يكتف النظام وروسيا بقصف المدينة بالغازات السامة، فقد طالتها بعدها عشرات الغارات الجوية وموجات القصف المدفعي، واستهدفت روسيا عبر طيرانها المدينة بعدة غارات جوية، عقب وقفة احتجاجية لإحياء الذكرى الثانية لمجزرة الكيماوي نظمها مواطنون وناشطون من أهل المدينة، العام الماضي.
ومن الجدير بالذكر أن النظام لم يلق اي محاسبة على قصف المدينة بالسلاح المحرم دوليًا، فالحليف الروسي استخدم حق النقض (الفيتو) مرتين، لإفشال عمل لجنة التحقيق الدولية، التي توصلت في أحد تقاريرها إلى مسؤولية النظام السوري عن استخدام الكيماوي في خان شيخون.ويشار أن هذه المجزرة المروعة خلفت أصداء دولية كبيرة وعلى مختلف المستويات، دفع الولايات المتحدة الأمريكية لتوجيه ضربة صاروخية لمطار الشعيرات، قالت إنه رداً على مجزرة الكيماوي في خان شيخون، حيث قامت المدمرتان الأمريكيتان “بورتر” و “روس” بقصف قاعدة الشعيرات التي انطلقت منها طائرات الأسد لقصف خان شيخون بـ59 صاروخ كروز من طراز توماهوك، في السابع من نيسان أي بعد المجزرة بأيام، تلاها تحذير من وزير الدفاع الأمريكي “جيمس ماتيس”، لنظام الأسد.
ومن ناحية أخرى وحول مشاركة روسيا في هذه المجزرة أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، تقريراً مفصلاً بعنوان “القوات الروسية أيَّدت غالباً قوات النظام السوري في هجوم خان شيخون الكيميائي” وثَّقت فيه تفاصيل الهجوم الكيميائي على مدينة خان شيخون والهجمات الروسية التي تلت الهجوم، مؤكداً ليس فقط إلى معرفة القوات الروسية بالهجمات الكيميائية التي شنَّها نظام الأسد، بل إلى تورطها بشكلٍ مخزٍ.
وأشار التقرير إلى وجود نيَّة جُرميّة مُبيَّتة لدى قوات الأسد لتنفيذ الهجوم الكيميائي وإيقاع أكبر ضرر ممكن من خلال اختيار توقيت القصف فجراً والغارات التي استهدفت عدة مراكز طبية قبل الهجوم وبعده إضافة إلى الغارات التي استهدفت الطرق المؤدية للمدينة؛ ما جعل هذا التكتيك يُشبه إلى حد بعيد ما قام به نظام الأسد في هجوم الغوطتين في 21/ آب/ 2013..
ويذكر أن استهداف نظام الأسد للمدنيين في خان شيخون يكن هو الأول في انتهاك القرارات الدولية المتعلقة باستخدام الأسلحة الكيماوية، حيث وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان 33 هجمة بعد قرار مجلس الأمن رقم 2118 الصادر في 27 أيلول 2013، و169 هجمة قبل القرار رقم 2118، منهم 100 هجمة بعد القرار رقم 2209 الصادر في 6/ آذار/ 2015، و44 هجمة بعد القرار رقم 2235 الصادر في 7/ آب/ 2015، وقرارات الأمم المتحدة اللاحقة.
وبحسب الشبكة فإنَّ معظم هجمات نظام الأسد بالأسلحة الكيميائية قد تمَّت عبر استخدام غاز يُرجح أنه الكلور، وذلك عبر إلقاء مروحيات براميل مُحملة بغاز الكلور، كما استخُدِمت في بعض الأحيان قذائف أرضية وقنابل يدوية مُحمَّلة بغازات سامة، مشيراً إلى أنَّ هجومين على الأقل بعد هجوم الغوطتين استخدم نظام الأسد فيهما غازاً يبدو أنه مُغاير لغاز الكلور، يعتقد أنه نوع من غازات الأعصاب هما هجوم ريف حماة الشرقي في 12/ كانون الأول/ 2016 وهجوم خان شيخون في 4/ نيسان/ 2017.
ويشار أن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أنشأ في 22 مارس 2011، لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالهجمات التي تشنها ميليشيات النظان وقد أكدوا في تقريرهم المؤرخ 12 فبراير 2014 استخدام غاز السارين في قضية خان العسل (19 مارس 2013) وسراقب (29 أبريل 2013) والغوطة (21 أغسطس 2013).
ووجدت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أيضا أن السارين الذي استخدم في هجوم خان العسل يحمل نفس العلامات المميزة الفريدة من نوع السارين الذي استخدم في هجوم الغوطة .