أنطاكيا – «القدس العربي» :
أحدثت دعوة رئيس الائتلاف السوري نصر الحريري تركيا، إلى تدخل عسكري دولي لإخراج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) من مدينتي منبج وتل رفعت وبقية المناطق السورية، على خلفية قصف استهدف مستشفى «الشفاء» في عفرين، انقساماً بين مكونات الائتلاف.
وبعد التصريحات التي أدلى بها الحريري لوكالة «الأناضول» التركية، أعلن «المجلس الوطني الكردي» في سوريا، وهو أحد مكونات الائتلاف، عن رفضه دعوة الحريري، معتبراً أن الدعوة للتدخل العسكري هي استباحة لسيادة الدولة السورية. وأضاف المجلس في بيان تسلمت «القدس العربي» نسخة منه، أن دعوة رئيس الائتلاف، للرئاسة التركية بالتدخل العسكري في مناطق أخرى من سوريا، هي استباحة سيادة الدولة السورية وتجاوز لمبادئ الثورة السورية وقيمها، وتسيء إلى العلاقات بين مكونات الائتلاف نفسه.
واعتبر البيان أن هذه الدعوة تتعارض مع أهداف الائتلاف الذي يعمل من أجل تحقيق الحرية للشعب السوري والحفاظ على استقراره وكرامته في دولة حرة ديمقراطية ذات سيادة، وأنهى المجلس بيانه بالتأكيد على أن تصريحات الحريري تعبر عن رأيه الشخصي ولا تعبر عن الائتلاف بالكامل.
وفي تعليقه على ذلك، قال عضو الهيئة الرئاسية في «المجلس الوطني الكردي» فيصل يوسف، «لم يأخذ الحريري برأينا وطلب التدخل العسكري، وللمجلس تفاهمات مع الائتلاف منذ بداية عام 2018 وبناء عليها يحق له التحفظ على أي موقف لا يشترك في صياغته او يتعارض مع رؤيته السياسية والاعلان عن ذلك».
وأضاف لـ«القدس العربي» أن مثل هذه الدعوة يجب ـن تناقش بشكل مستفيض مع كل مكونات الائتلاف وأن تحظى الموافقة بالإجماع، قبل الإعلان عنها.
وتابع يوسف، أن «المجلس الكردي» من جانبه يشدد على ضرورة احترام السيادة السورية، وعدم تكرار ما حدث في مناطق أخرى من نزوح وهجرة مئات الآلاف من سكان تلك المناطق الكردية في غالبها، إلى جانب الانتهاكات الخطيرة، وذلك في إشارة منه إلى «التجاوزات» التي سُجلت في عفرين، بعد سيطرة فصائل المعارضة عليها، بدعم تركي.
وقال يوسف، في هذا السياق، نطالب الدول المعنية للضغط في اتجاه ايجاد حل سياسي للوضع القائم في البلاد وفق القرارات الدولية ذات الشأن بالملف السوري، ونؤكد أن موقفنا يهدف للحد من معاناة السوريين جميعاً، وإبعاد التدخلات الخارجية.
لكن نائب رئيس «رابطة الكرد السوريين المستقلين» رديف مصطفى، يرى أن الهدف من اعتراض «المجلس الكردي» هو محاباة وإرضاء حزب «العمال الكردستاني» الكردي، وأذرعه السياسية والعسكرية في سوريا (قسد، الوحدات الكردية).
وفي حديثه لـ«القدس العربي» قال مصطفى إن موضوع السيادة السورية أصبح نكتة سمجة في ظل الاحتلالات والتدخلات، ويبدو أن البعض لا يتذكر السيادة إلا حين يتعلق الموضوع بـ»الجيش الوطني» وحليفته تركيا.
واعتبر أن الأولى بالمجلس مطالبة «الوحدات الكردية» بتسليم تل رفعت وقراها إلى أهلها ليعود أهلها الذين يعيشون ظروف إنسانية كارثية، وتسليم منبج لأحرارها بدلا من حكمها بالقوة، وعلق بقوله :»مؤسف أن لا يكون هناك انسجام سياسي بين مكونات الائتلاف في قضايا أساسية تتعلق بتحرير المناطق السورية من الميليشيات».
وعن مآل الانقسام، وما إن كان قد يؤدي إلى انسحاب «الوطني الكردي» من الائتلاف، قال مصطفى، إن الخطوات اللاحقة مرتبطة بشكل أساسي بنتائج الحوار الدائر بين «قسد» و»المجلس الوطني الكردي» مؤكداً أنه في حال الاتفاق النهائي قد تتغير العلاقات والتحالفات، ولكن حالياً سيبقى الوضع على ما هو عليه.
وأردف مصطفى «ليست هي المرة الأولى التي يصدر فيها مواقف متناقضة بين الائتلاف وبين مكونه المجلس الوطني الكردي، ومن يطلب عدم التدخل العسكري، الأولى به المطالبة بإنهاء سيطرة «قسد» على هذه المناطق وتسليمها لأهلها».
وكان الائتلاف وتركيا قد اتهما «قسد» بالمسؤولية عن مجزرة عفرين التي شهدتها المدينة الأسبوع الماضي، والتي أسفرت عن مقتل قرابة ما لا يقل عن 15 مدنياً، بينهم أطفال ونساء وأفراد من الكوادر الطبية في مستشفى الشفاء، فضلاً عن إصابة أكثر من 25 شخصاً، لكن «قسد» نفت مسؤوليتها مؤكدة على أنه ليس لقواتها أيّ تواجد في تلك المناطق التي خرجت منها القذائف المدفعية.