موسكو – طه عبد الواحد
موقع تلفزيون سوريا:11/7/2021
لا شيء جديد لدى روسيا تقدمه أو تطرحه لتسوية القضية السورية، ولا تغيرات شكلية أو جوهرية على رؤيتها للقضية وتسويتها على حد سواء.
تصريحات المسؤولين الروس في أعقاب لقاء “أستانة-16″، كشفت أن موسكو ما تزال تصر على “بقاء الأسد”، أو على الأقل تحاول الدفع نحو حل يضمن بقاءه، وتطرح رؤية للتسوية السياسية للأزمة السورية “على مقاس الأسد”، لا تلبي حتى الحد الأدنى من تطلعات السوريين، فضلا عن أنها رؤية منفصلة عن واقع المأساة السورية، وتشكل خروجا عن مسار التسوية السياسية الذي حددت أسسه القرارات الدولية، بما في ذلك القرار 2254، الذي وافقت عليه هي أيضاً، ويتحدث بوضوح عن “عملية انتقال سياسي.
وكان ألكسندر لافرينتيف، المبعوث الرئاسي الروسي إلى سوريا، أدلى بتصريحات لوكالة “تاس”، بعد يوم واحد على انتهاء “أستانا” في “العرض 16″، كان حريصاً فيها على التأكيد أن “مسار أستانا يبقى الأكثر فعالية بين مسارات التسوية السورية”، وأنها “محرك رئيسي” للتسوية بشكل عام، وزعم أن “أهم شيء في اللقاء أننا تمكنا مع جميع الأطراف المهتمة من الحديث بالتفصيل عن جميع جوانب التسوية السورية، وتحديد سبل تجاوز العقبات التي تعترض مسار تحقيق الأهداف”.
وإذ لم يفصح بوضوح “الأهداف”، إلا أن تصريحاته التالية أزالت الغموض. إذ أشار إلى أنه “أهم شيء أننا حاولنا أن نرسل للمجتمع الدولي والولايات المتحدة والدول الأوروبية، إشارة بأنه آن الأوان للانتقال إلى تقديم مساعدات فعلية للشعب السوري”. وأوضح أن الأمر هنا لا يقتصر على المساعدات الإنسانية، داعيا إلى “الانتقال لتنفيذ برامج أكثر جدية في إعادة تأهيل البنى التحتية”، بمعنى أنه يدعو إلى إعادة الإعمار.
وفي حين يتمسك الغرب بموقفه الرافض لتمويل إعادة الإعمار قبل التسوية السياسية برعاية الأمم المتحدة، تصر روسيا على الفصل بين الأمرين أو الملفين. وزادت على ذلك حين برزت بوضوح مساعيها لفرض إعادة الإعمار مع “بقاء الأسد” ضمن “إصلاحات سياسية”.
وعبر لافرينتيف بوضوح في تصريحاته عن هذا الموقف، حين اختزل العملية السياسية بـ “إصلاحات” ربطها لسبب ما بـ “فوز الأسد”، وقال إن ” واحدة من القضايا التي لا بد من منحها الاهتمام هي تنفيذ تحولات (إصلاح وإعادة هيكلة) سياسية، إصلاحات سياسية، خاصة أن بشار الأسد فاز في الانتخابات الرئاسية وحصل على ولاية جديدة”.
ضمن هذه المستجدات التي عرضها يرى لافرينتيف أنه “الآن تنفتح فرصة جيدة للمضي في هذه العملية (التسوية السياسية) قدماً”.ولأنه من الصعب المضي في محاولات “إعادة تأهيل” شخص “متهم”، تجنب لافرينتيف مجددا توجيه أي اتهام، أو تحميل أي مسؤولية للنظام السوري. وفي حديثه عن أسباب تعثر عمل اللجنة الدستورية برعاية الأمم المتحدة، قال إن “العقبة الرئيسية أمام إطلاق حوار جيد تكمن في أن المعارضة لا تزال ترى في السلطات السورية، الحكومة المركزية في دمشق عدواً”، وقال إن “هذه النظرة غير مقبولة على الإطلاق”.
وإذ لم يتمكن من تجاهل نظرة النظام بالمقابل إلى المعارضة بأنها “إرهابية”، حين قال إن “جميع محاولات التوصل إلى حلول وسط لن تأتي بنتيجة طالما استمرت المعارضة تنظر للحكومة على أنها عدو، والحكومة للمعارضة على أنها إرهابية”، عاد لافرينتيف وألقى بكامل المسؤولية على المعارضة، كما أنه كشف مجددا وبكل وضوح أن التسوية التي تسعى إليها روسيا لا تشمل “الانتقال السياسي”، وقال: “حتى الآن جميع أحاديثنا مع المعارضة السورية أظهرت أنهم يقفون على موقف متشدد بضرورة تغيير النظام”. ولم يطالب لافرينتيف النظام بالكف عن التعامل مع المعارضة على أنهم “إرهابيون وعملاء” وما إلى ذلك.