تراهن الفعاليات المدنية والعسكرية في درعا على الصمود بوجه الحملة الشرسة التي يشنها المحتل الروسي وميليشيا أسد الطائفية على المحافظة، والتي تبلورت في رفض الإذعان لمطالب الاستسلام التي عرضتها قوات الاحتلال الروسي على الفصائل، وإعلان النفير العام بالرغم من المجازر المرتكبة بحق المدنيين، ومحاولة عملاء ميليشيا أسد ممن يسمون “الضفادع” أرجحة الكفة لصالح هذه الميليشيات.
ويرى باحثون ومحللون عسكريون أن لدرعا خصوصية تختلف عن غيرها من المناطق التي دخلتها ميليشيا أسد الطائفية، تمكنها من الصمود في وجه هذه الحملة، عدا عن خروج ميليشيا أسد الموهنة أساساً من معارك الأخيرة التي تكبدت فيها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.
ويؤكد المحلل العسكري (فايز الأسمر) أن درعا والجنوب السوري عموماً أمام السيناريو الذي تبنته ميليشيا أسد الطائفية في معظم المناطق التي دخل إليها، سواء في الأشهر القليلة أو ما سبقها في بقية المدن والمناطق بريف دمشق وحلب وحمص، من خلال سياسة تقطيع الأوصال، حيث ستحاول فصل أرياف درعا إلى قطاعات والاستفراد بكل منطقة على حدة.
وأوضح (الأسمر) لأورينت نت، أن ميليشيا أسد الطائفية لم تُقدم على هجوم درعا؛ إلا بعد توفر عدة معطيات، أهمها أنها أمّنت خطوطها الخلفية بعد استكمال السيطرة على المناطق التي تشكل لها تهديدا رئيسيا لا سيما المناطق القريبة من العاصمة دمشق، حيث إن فراغها من تلك الجبهات أعطاها زخما قتاليا لتناور اليوم على جبهات درعا، وثانياً التوافقات الدولية لا سيما الإقليمية، بحيث أُعطي “الضوء الأخضر” لمهاجمة درعا وريفها، ولو هذا الأمر لما استطاع النظام أن يقدم على هذه الخطوة.
تقدير الموقف
وحول إمكانيات الصمود من الناحية العسكرية ووضع الجبهات في الجنوب السوري، قال المحلل العسكري، إن كل معركة تبنى على معطيات، وكل قائد عسكري يجيب أن يعتمد في تعزيز جبهاته على ما يعرف عسكرياً بـ “تقدير الموقف” من خلال معرفة قدراته العسكرية مقابل ما يملكه العدو وخصائصه، وما يلزم على الأرض من تقديم ما يلزم للمواجهة والتحصين.
وبحسب المحلل العسكري، فإن الجبهات وإن افتقرت للتحصينات الهندسية وخطوط صد وإعاقة من بلدة إلى بلدة، فإن الجبهات يمكنها الصمود بإلغاء التسميات بين الفصائل وإعادة هيكلة الهرم القيادي من خلال انتخاب قيادة عسكرية واعية واختصاصية من أجل قيادة المعركة على الأرض، إضافة لتعزيز القطاعات الهامة والتي تشهد ضغوطا وحشودا من قبل ميليشيا الأسد، منوهاً إلى أن الفصائل لا تمتلك قوة احتياط لسد الثغرات التي تحاول هذه الميليشيات الاستفادة منها وهو ما يجب أن تسرع الفصائل باتجاهه.
ونوه (الأسمر) إلى أن ميليشيات النظام ستلجأ إلى حرب استنزاف، خصوصاً إذا واجهت مقاومة شرسة، وهو ما يجب أن تنتبه إليه الفصائل في الاقتصاد بالذخيرة، وبث الروح المعنوية بين المقاتلين، لا سيما أن الفصائل امتصت الصدمة الأولى.
مقومات صمود
بدوره، أكد الباحث والكاتب السوري والمحلل السياسي (عمر كوش) أن درعا تتعرض لأشرس هجوم من قبل ميليشيات النظام والميليشيات الإيرانية بدعم روسي، لأنه يبدو أن هناك “ضوءا أخضر أمريكي” للتخلي عن درعا، وبالتالي سيحاول الروس والنظام والإيرانيون صب جام غضبهم على درعا، وهذا ما تؤكده المجازر التي ترتكب في المنطقة.
وأوضح الباحث السوري في حديثه لأورينت نت، أنه وعلى الرغم مما يجري الآن، إلا أن درعا تمتلك مقومات للصمود مالم تمتلكه مثيلاتها ممن دخلها نظام الأسد، خصوصاً أن فصائلها تضم قرابة 70 ألف مقاتل، وبإمكانها إن نسقت أن تدحر ميليشيات النظام خارج حدود درعا وليس التصدي له فقط.
وبحسب (كوش) فإن درعا يمكنها الصمود من خلال ثلاث نقاط رئيسية، أولها، تتمثل في اللحمة الوطنية بين الفصائل بعضها البعض، من خلال تشكيل غرفة عمليات واحدة وبقيادة واحدة، بمعنى أنه على الكل أن يمتثل لأوامر واحدة وينتظم على جبهات متعددة يمكن أن تشتت الميليشيات المهاجمة، لأنها لا تمتلك القدرات البشرية الكافية، لا سيما أنها خرجت من معارك طاحنة في الغوطة وجنوب دمشق، وتكبدت خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.
وفيما يتعلق بالنقطة الثانية، وهي أهمها من وجهة نظر (كوش) فإنها تكمن في اللحمة بين الأهالي والفصائل، أي أن تكون الحاضنة الاجتماعية للثورة “مُقدرة” ويتم استشارتها من قبل القيادة العسكرية في كل ما يجري على الأرض، فيما يجسد اللحمة الشعبية.
وأخيراً كما يقول المحلل السياسي، عدم الرضوخ لما يمليه الروس والإيرانيون، لأن الروس يريدون مصالحات على غرار المصالحات السابقة، بمعنى “شروط استسلام” وخاصة أن الروس لا يحفظون تعهداتهم، ورأينا ماذا حدث عندما خرج المقاتلون من الغوطة كيف سمح الروس لميليشيات أسد بالدخول وارتكبت مجازر وانتهاكات بحق كل من بقي هناك، منوهاً إلى أنه ومن الأمور المهمة هو عدم الالتفاف إلى ما تقوله الدول، لأنها “هي من ورطتنا وهي التي تثبط المعارك والتقدم، وبالتالي يجب أن تكون هناك لحمة بين الناس والعسكر” على حد قوله.
المصدر: أورينت نيوز