“السورية.نت”،
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية مقالاً تحليلاً لكاتب العمود جوش روجين تطرق فيه إلى سلوك إدارة بايدن اتجاه سورية في الوقت الحالي، وكيف أنها باتت تغض النظر عن الكثير من “الأحداث المفصلية”، على رأسها محاولات إعادة تعويم الأسد والتحرشات المكثفة التي تنفذها ميليشيات إيران.
يقول كاتب المقال بحسب ما ترجمت “السورية.نت”، اليوم الجمعة: “يبدو أن إدارة بايدن قد نسيت أمر سورية هذه الأيام”، إذ أن التحركات الوحيدة التي اتخذتها خلال الأيام الماضية كانت ضمن ردود الفعل على الزلزال المدمّر أو الهجمات الأخيرة التي نفذتها الميليشيات الإيرانية.
كما “تخلت الإدارة عن القيادة الدبلوماسية لموسكو، في وقت تغض الطرف عن ترحيب دول الخليج بنظام الأسد مرة أخرى في الحظيرة الدبلوماسية”.
ويشير كاتب العمود روجين إلى أن أحد مسؤولي بايدن أخبره في السر أنهم “لا يرون أي خيارات جيدة للسياسة الأمريكية”.
ومع ذلك يضيف المقال أن “هناك العديد من الأشياء التي يمكن ويجب على حكومة الولايات المتحدة القيام بها لمنع الكارثة في سورية من أن تزداد سوءاً”.
وكان العشرات من المسؤولين الأمريكيين السابقين والخبراء وقادة المنظمات السورية قد أرسلوا، هذا الأسبوع إلى الرئيس بايدن ووزير الخارجية أنطوني بلينكين قائمة طويلة بالأشياء التي يجب على الإدارة القيام بها الآن.
وجاء في الرسالة: “لم يتم حل أي من القضايا التي تسببت في الصراع السوري، وأبرزها فظائع نظام الأسد وعدم قدرته أو رفضه للإصلاح”.
وأشارت إلى أن “العديد من أعراض الصراع تزداد سوءاً، من المعاناة الإنسانية، والاتجار بالمخدرات على نطاق صناعي، وتدفقات اللاجئين، والإرهاب، والصراع الجيوسياسي، والأعمال العدائية العرقية والطائفية”.
مخطئة بشدة”
ويرى مقال الكاتب الأمريكي أن “واشنطن مخطئة بشدة إذا اعتقدت أن السماح للاعبين الإقليميين بإعادة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع بشار الأسد سيؤدي إلى مزيد من الاستقرار”.
وتدّعي الإدارة أن سياستها في معارضة تطبيع الأسد “لم تتغير”، لكن السوريين لا يشترون هذا الكلام، بينما يقولون إن التصريحات الأخيرة لمسؤولي بايدن ترقى إلى مستوى الموافقة الضمنية لشركاء الولايات المتحدة المفترضين الذين يتعاملون مع الديكتاتور السوري.
وعلى سبيل المثال، قالت باربرا ليف، كبيرة مسؤولي الشرق الأوسط في وزارة الخارجية في 9 من مارس/ آذار الحالي: “رسالتنا الأساسية كانت أنه إذا كنت ستتعامل مع النظام، فاحصل على شيء من أجل ذلك”.
في 19 مارس، استقبل حاكم الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد آل نهيان الأسد في أبو ظبي بتحية تضمنت طلقات مدفعية، ومثّلت رمزية مزعجة بشكل خاص في الذكرى الثانية عشرة للانتفاضة السورية، وفق المقالأ.ولم يكن هناك ما يشير إلى أن الإمارات ربحت أي مزايا للشعب السوري مقابل الزيارة.، فيما امتنعت وزارة الخارجية الأمريكية عن انتقاد هذه الخطوة.
وقال معاذ مصطفى، المدير التنفيذي لمجموعة الطوارئ السورية، وهي مجموعة مساعدات أميركية سورية إن “إدارة بايدن خذلت الشعب السوري”.وأضاف أن “خطر تهاون إدارة بايدن ودعمها الكامن للتطبيع مع الأسد هو أنها ستدعو دكتاتوريين آخرين لاتباع نفس السياسات”.
وتجاهلت وزارة الخارجية إلى حد كبير أقوى أداة متاحة لها لعزل الأسد – أي قانون قيصر، الذي سمح بفرض عقوبات على أي شخص يساعد النظام السوري.وكان استخدامهم الأول والوحيد لهذه العقوبات هذا الأسبوع ضد مهربي المخدرات، في مخالفة للوعد الذي قال بلينكن خلال حملة عام 2020 إن إدارة بايدن ستنفذ القانون بالكامل.وكتب زعماء لجنتي العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ ولجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب إلى بلينكن، الأسبوع الماضي، للتعبير عن أسفهم “للوتيرة البطيئة المخيبة للآمال للعقوبات”، بموجب قانون قيصر.
وأعرب السناتور روبرت مينينديز (ديمقراطي من نيوجيرسي)، رئيس لجنة العلاقات الخارجية، عن أسفه لافتقار إدارة بايدن لاستراتيجية شاملة لسورية، وحثّها على أخذ قائمة الخبراء على محمل الجد.كما أوصوها بزيادة حجم المساعدات والوصول إلى المناطق المحررة، وتكثيف الدبلوماسية، وإعادة العلاقات مع تركيا، ومعالجة أزمة معتقلي “داعش”، ومواصلة الضغط على الأسد لوقف الفظائع المستمرة مع متابعة المساءلة.
“إهمال سلبي”
و”من المغري لأي إدارة أمريكية أن ترفع يدها عندما يتعلق الأمر بسورية”، لكن الاستراتيجية الحالية للإهمال السلبي ليست مستقرة ولا مستدامة، وفق ما يقول كاتب العمود الأمريكي جوش روجين.
ويوضح في مقاله: “إذا استمرت الاتجاهات الحالية، فسيتم إحياء تنظيم الدولة الإسلامية، وستمتد التوترات بين القوات المدعومة من تركيا والقوات المدعومة من الأكراد في شمال سورية إلى المزيد من إراقة الدماء”،كما ستوسع إيران وروسيا نفوذهما، وسيعاني ملايين السوريين النازحين داخلياً ولن يعود ملايين اللاجئين إلى ديارهم أبداً.
في غضون ذلك “سيستمر الشركاء الخليجيون في التقرب من الصين، بينما سيستمر الأسد في الذبح، وسيتعلم القتلة الجماعيون في المستقبل أنه لا توجد مساءلة في انتظارهم”.
ويختم روجين مقالته بالقول: “من الصعب أن نتخيل أن سورية يمكن أن تزداد سوءاً – لكن يمكن أن يحدث ذلك وسيحدث إذا استمر تضاؤل اهتمام الولايات المتحدة وانخراطها”، مضيفاً أن “افتقار إدارة بايدن إلى الإستراتيجية لا يعفيها من المسؤولية عن العواقب القادمة لتقاعسها عن العمل”.