بدأ رؤساء تركيا وروسيا وفرنسا والمستشارة الألمانية، أعمال “القمة الرباعية” في إسطنبول، اليوم السبت بهدف تعزيز الهدنة في إدلب والدفع بالعملية السياسية إلى الأمام، في ظل مناخات من التوتر الملحوظ ما بين واشنطن وموسكو، مصحوبة بتشنجات مقترنة بالالتزام الأميركي الجديد والواضح بالعودة بقوة إلى التأثير على مسار الأحداث، فيما تريد موسكو من هذه القمة الحصول على أموال الغرب بذريعة إعادة الإعمار وعودة اللاجئين، ليضع الجميع أجنداتهم على طاولة النقاش كل من زاويته، بما يمثل من تحالفات سياسية تنعكس نتائجه في البيان الختامي المرتقب للقمة وما تنطوي عليه من قضايا شائكة ومعقدة كافية للتنافر مهما حاول “المؤتمرون” إظهار التوافق والليونة والدبلوماسية، ورغم أن القمة تشكل منصة غير مسبوقة في الشأن السوري؛ فإنّ الاستراتيجية المتطورة لواشنطن في العودة من جديد لإدارة الملف السوري، ستشكل نقطة تحول خطيرة في المسار السياسي، وهذا ما عبر عنه الرئيس الفرنسي ماكرون إثر الاتصال الهاتفي الذي أجراه مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب ليل الخميس- الجمعة، حيث تطرقا إلى القمة الرباعية في إسطنبول.
وقال بيان الرئاسة الفرنسية؛ إن الرئيسين تناولا الوضع في سورية قبل القمة الرباعية، وقدم ماكرون تحديات هذا اللقاء الرباعي الذي يهدف إلى تحويل وقف النار في إدلب إلى هدوء دائم، تتخلله محادثات معمقة على المسار السياسي لحل الأزمة في سورية.
وأضاف البيان، إن ترامب أيّد هذا الموقف، مشيراً إلى أن لدى الولايات المتحدة وفرنسا أهدافاً مشتركة، أمنية وإنسانية وسياسية في سورية، وطلب ترامب من ماكرون نقل هذا الموقف المشترك إلى قمة إسطنبول، كما اتفقا على تشاور مقبل أميركي- روسي حول مستقبل معاهدة القوى النووية المتوسطة المدى.
وفي موسكو، قال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف؛ إن “الزعماء سيقررون إن كانوا سيخرجون ببيان صحافي مشترك”، لافتا إلى أن “هناك تبايناً في الأسلوب” في تعاطي كل دولة مع ملف التسوية السورية، وزاد: “طبعاً قد تكون هناك تباينات في ما يخص الأدوات والتكتيك.
حول هذه القضايا كلها سيجري يوم غد (اليوم)، تنسيق المواقف”، لكن أولوية روسيا تتمثل في توظيف الاستقرار الحاصل نتيجة اتفاق إدلب، من أجل إطلاق إعادة الإعمار وعودة اللاجئين مع عدم الاستعجال في تشكيل اللجنة الدستورية التي عطّلها نظام الأسد بإيحاء من موسكو، والاكتفاء بالتركيز على الانتهاء من محاربة الإرهاب لتوفير الأرضية لحل أزمة اللاجئين.
من جانبه، قال الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن: “نأمل من القمة باتخاذ الخطوات وإعلان خريطة طريق نحو التسوية السياسية في سورية بشكل واضح، إلى جانب تشكيل لجنة الدستور”، مؤكداً أنه من أولويات تركيا في هذه القمة إيجاد حل سياسي وليس عسكرياً في سوريا.
وفي مؤشر على تنافر تركي مع الجانب الأميركي حول منبج، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: “عازمون على توجيه تركيزنا وطاقتنا نحو شرق الفرات بدلاً من اللهو في منبج”، ووجه أمس ما قال إنه “تحذير أخير” لمن يعرضون حدود تركيا للخطر، وأكد أن أنقرة عازمة على التركيز على المقاتلين الأكراد السوريين شرق نهر الفرات.
وأضاف: “تركيا ستصب تركيزها على شرق نهر الفرات في سورية وليس منطقة منبج، بسبب وجود “وحدات حماية الشعب الكردية”.
ومن الضروري تحليل المشهد المخيّم على “قمة اسطنبول” بالتركيز على الأجندات المتباينة بين “تحالف واشنطن وأحلاف موسكو”، بعد أن اتضح دخول سوريا ضمن مجالات التعارض بين الاستراتيجيتين الأميركية والروسية في الشرق الأوسط، وباتت كلّ من الولايات المتحدة وروسيا حليفا يشدّ أزر أردوغان لأسباب توافقية ظرفية تخص كل طرف باتجاه واحد، كما أصبحت سوريا الدائرة الاستراتيجية الأهم في السياسة الأميركية بعد انصرافها عن مسار الأحداث، فيما تختبىء موسكو خلف جدار إعادة الإعمار وعودة اللاجئين، وتاليا المطالبة بإخراج كل القوات “اللاشرعية” المتواجدة في سوريا، والمقصود بذلك القوات الأميركية.
المصدر: بلدي نيوز