بعد أن أطاحت أزمة البنزين بخطيب المسجد اﻷموي الكبير في دمشق، “ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺄﻣﻮﻥ ﺭﺣﻤﺔ”، الذي عزلته وزراة الأوقاف التابعة لحكومة الأسد، أول أمس الثلاثاء، أتى الرد سريعاً من طرف المعزول، الذي أشعل سجاﻻً واضحاً مستهدفاً فيه أقرانه وزملائه في المشيخة.
السجال الناري الذي فتحه “رحمة” على من وصفهم بأصحاب اﻹرهاب والظلام الأسود، إلى غيرها من اﻷوصاف اللاذعة التي ختمها بمنشوره على صفحته الخاصة في (فيس بوك)، عبّرت بوضوحٍ تام عن مدى سخطه من القرار.
وافتتح “مأمون رحمة” في مقدمة المنشور الرصاص على القرار الذي وصفه بأنه؛ “مكيدة حقيرة”.
شهرة “مأمون رحمة” استمدها مع اعتلاء منبر الخطابة في المسجد اﻷموي التي اعتبرها نشطاء ثوريون مكافأة من النظام السوري على جهوده الاستخباراتية وولائه الشديد له، وذلك بتاريخ 8-7-2013 عندما ألقى أول خطبه في المسجد الذي يمثل رمزية كبيرة لسكان دمشق، لتنتهي بعد ستة أعوام، يقول فيها النشطاء أنها “محصلة طبيعية لاحتراق ورقة الرجل وانتهاء دوره الوظيفي”.
شهرة مأمون رحمة أخذت طابعاً كوميدياً ساخراً طيلة السنوات التي اعتلى فيها منبر اﻷموي، الحدّ الذي دفع بإحدى الصفحات المعارضة، والتي كانت تستمد منه أمواج الفكاهة، أن تعلن الحداد ثلاثة أيام بعد قرار اﻹقالة، فيما سخر متابعو “رحمة”، واعتبروا ذلك ضربة سبقت خطبة الجمعة يوم غدٍ، بعد خشية اﻷوقاف واﻹعلام الرسمي، من فتح (رحمة) لملف مشهد الفيلم الكرتوني (ساسوكي) الذي يخدش الحياء.
ويعتبر بعض أبناء دمشق أنّ السبب الحقيقي الذي دفع ﻹقالة “مأمون رحمة”، ليس موقفه اﻷخير من أزمة البنزين التي صورها بأنها رحلة ترفيهية، بل إن تمجيده للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أثار حفيظة صاحب نعمته، بشار اﻷسد، الذي اعتبر ذلك مساً بكرامة وسيادة الدولة، فوقعت الفأس في رأس الشيخ في إشارةٍ جديدة إلى تهكم الناس من عموم المشهد.
وكانت أعلنت وزارة اﻷوقاف التابعة لنظام اﻷسد؛ أن الخطابة في الجامع الأموي ستصبح اعتباراً من الجمعة القادمة “بالتناوب بين كبار علماء دمشق”.
وكبار العلماء الذين تحدثت عنهم اﻷوقاف، جميعهم عرف بمواقفه الموالية، ومن بينهم ابن الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، والشيخ عدنان اﻷفيوني، خطيب جامع الصحابة في قدسيا، ومفتي ريف دمشق، الذي كان أحد رؤوس تهجير أبناء تلك المدينة إلى إدلب قبل ثلاثة أعوام.
حرب العمائم التي افتتحها الشيخ “المعزول”، مأمون رحمة، ﻻ تختلف عن المدرسة الديكتاتورية السياسية التي رسختها اﻷنظمة العربية، فالجميع متمسكٌ بكرسيه، وعملية (إسقاطه)، تسمى في عرفهم (مؤامرة حقيرة).
قد ﻻ يقفل ملف “مأمون رحمة” بانتظار سجالٍ ساخن وردٍ على طريقة اﻻتجاه المعاكس من طرف المشايخ المتهمين بالمؤامرة عليه، إلى ذلك الحين يبدو أن الشارع السوري بشقيه الموالي والمعارض، ينتظر نهفة جديدة.
المصدر: بلدي نيوز