يحتفي العالم بحضور ذكرى عيد العمال العالمي، في الأول من شهر أيار، باعتبار مضمون هذه المناسبة بات يحمل قيمة رمزية تنطوي على معاني التحرر من العبودية وحيازة الحقوق والكرامة والانعتاق من سطوة رؤوس الأموال ومالكيها على حياة الناس، إذْ تتزامن هذه الذكرى مع استمرار المقتلة السورية في عامها التاسع، وذلك في سياق مواجهة، لعلها الأكثر عنفاً ودموية في تاريخ ثورات العصر الحديث.ولعله أصبح من نافل القول، أن فداحة المأساة السورية لم يكن مبعثها ماهيّة انتفاضة السوريين ورفضهم الاستمرار بالسكوت على نظام العبودية، وبالتالي ثورتهم من أجل التغيير، بل مبعثها هو سعي النظام منذ البداية وإصراره على فرض الحلول الأمنية التي تتيح له البقاء والاستمرارية، ولم يتوانَ لتحقيق ذلك، من الاستقواء بأكثر القوى الإقليمية والدولية بشاعةً وقذارةً، فضلاً عن جعله الأرض السورية مرتعاً لفلول وقطعان المرتزقة وشذّاذ الآفاق من جميع أنحاء العالم، من قوى الإرهاب والتطرف الدينية والطائفية، ومما لا شك فيه، أن الطبقة العاملة السورية، كانت وما تزال، هي من أكثر الشرائح التي طالها ظلم نظام الأسد، فعانت الكثير من سلوكياته وممارساته الإجرامية، من خلال هيمنة حاشية وأزلامه وبطانته المقرّبة على مفاصل الاقتصاد، كما تحكّمت بمفاصل العمل، سواء في مؤسسات الدولة وإداراتها، أو في القطاعات الخاصة، مما أدى إلى بروز تشكيلات مافياوية تضع يدها على القسم الأعظم من المال العام، كما غدت هذه التشكيلات هي المالك الأول للشركات والمنظمات التنموية وجميع القنوات التي تدرّ المال، وباتت جميع فئات الشعب الأخرى، وفي مقدمتها شريحة العمال، أقرب ما تكون إلى شريحة خدمية، ليس للبلاد ، بل للفئة المتحكمة بالمال العام، والتي استطاعت اغتصاب أموال السوريين عن طريق اللصوصية التي تحميها شريكتها السلطة.وبعد مرور تسع سنوات من عمر الثورة، تزداد معاناة العمال السوريين عمقاً وفداحةً، ولعل المثل الأنصع لهذه المعاناة إنما يتجسّد أكثر في المناطق والمدن التي ما زال النظام يحكم سطوته عليها، وذلك نظراً لازدياد نسبة الفساد، وارتفاع الأسعار التي طالت معظم المواد الأساسية للعيش، ولعل أهم من ذلك كلّه، هو انخفاض أجور العاملين قياساً إلى انخفاض قيمة الليرة السورية أمام الدولار، إذ لم يعد يتجاوز مرتب معظم العاملين قيمة ( 50 دولار)، أي ما يمكن أن يسد حاجة أي عائلة لمدة لا تتجاوز أسبوع واحد في أفضل الحالات.ولا يفوتنا في هذا السياق، الوقوف عند معاناة أهلنا وإخوتنا من الشريحة العاملة، ممّن يقيمون في مناطق سيطرة القوى الظلامية التي أرهقت كاهل المواطنين بالضرائب المفروضة، والتي لا يمكن أن تكون إلّا نوعاً من أنواع اللصوصية والاحتيال، فضلاً عن كون هذه القوى الظلامية لا تسعى سوى إلى حيازة السلطة والمال، ولو على حساب قوت المواطن وأساسيات عيشه وأمنه، وليس محاولات جبهة النصرة الرامية إلى فتح معابر تجارية بين المناطق التي تسيطر عليها ومناطق سيطرة النظام، سوى دليل دامغ على تسيّد شهوة المال على جميع القيم الوطنية والإنسانية.إننا – في التجمع الديمقراطي السوري – إذ نشاطر عمال العالم أجمع إحتفائيتهم بهذا اليوم العظيم، فإننا في الوقت ذاته نؤكّد للعالم بأنه لا معنى لأي إحتفائية بعيد العمال، طالما لكم إخوة في الإنسانية، في سورية المحتلة، تمارس عليهم قوى التسلط والاستبداد شتى أنواع القهر، وتسلبهم حقوقهم، بل وتبيح دماءهم وأرواحهم، كما نؤكد لجميع عمال العالم، بأن القيمة الجوهرية لعيد العمال، إنما تكمن في تحررهم جميعا من جميع أشكال الظلم والعبودية والجور.إننا إذ نتوجه إلى أهلنا وإخوتنا وجميع الشريحة العاملة في وطننا سورية، وإلى جميع عمال العالم، بالتهنئة بهذا اليوم المبارك، فإننا نناشد العالم وجميع الخيّرين في الإنسانية بأن يتذكروا على الدوام بأن في سورية شعباً يُذبح منذ تسع سنوات، وعمالاً مضطهدين منذ عقود عديدة، وأن المساهمة برفع معاناة السوريين، والوقوف إلى جانبهم لتحقيق أهدافهم المشروعة بالتغيير وبناء دولة القانون والديمقراطية والعدالة، هي من القضايا ذات الأولوية على المستوى الإنساني والأخلاقي، ذلك أن قيم الحق والعدالة والحرية ، هي كلٌّ متكامل لا يمكن تجزئته.قوى التجمع الديمقراطي السوري:1 – إتحاد الديمقراطيين السوريين2 – التيار الشعبي الديمقراطي3 – المجلس التركماني السوري4 – حزب النداء الوطني الديمقراطي5 – حزب الشعب الديمقراطي السوري6 – رابطة المستقلين الكرد السوريين 1 – 5 – 2020