جسر _متابعات كتب الأستاذ هيثم المالح على صفحته في فيسبوك، نصاً طويلاً يستنكر فيه ما ذكره الدكتور برهان غليون عن تجربة المالح في سنوات الثورة السورية الأولى، في كتابه الأخير “عطب الذات”، واصفاً إياه بعدم الانصاف، الأمر الذي ردّ عليه غليون على صفحته على فيس بوك أيضاً، موضحاً السياق الذي ورد فيه نصه بخصوص المالح، ورفع التحية للمالح، وتاريخه الطويل في النضال ضد الديكتاتورية.كتب الاستاذ هيثم المالح يوم أمس، ٦ أيار /مايو ، على صفحته في فيسبوك، يستنكر ما ذكره الدكتور برهان غليون عن تجربة المالح في سنوات الثورة السورية الأولى، في كتابه الأخير “عطب الذات”، واصفاً إياه بعدم الانصاف، الأمر الذي ردّ عليه غليون على صفحته في فيس بوك أيضاً، موضحاً السياق الذي ورد فيه نصه بخصوص المالح، ورفع التحية للمالح، وتاريخه الطويل في النضال ضد الديكتاتورية. وهنا نص المالح:كتب السيد خالد قنوت تعليقا على كتاب د. برهان غليون ، ووجدت أن من المناسب أن أبين بعض الحقائق التي أوردها غليون مملوءة بالمغالطاتكي يبرئ نفسه من الأخطاء ويغفل الحقائق:مع الأسف لم يكن غليون منصفا أبدا حين تحدث عني في كتابه عطب الذات ، فبرغم أنني كنت أحمل معي حين خروجي من سورية، خبرة عمرها أكثر من ستين عاما في الشأن العام سياسة وحقوقا، وحين شكل المجلس الوطني لم أكن ضمن تشكيلته ، وانضممت اليه ( مع الأسف ) في تونس بناء على دعوة تلقيتها من برهان غليون.ولم يحصل ان ترددت كما كتب ، ولبيت الدعوة حين كنت في القاهرة ودفعت قيمة بطاقة السفر من جيبي ، وحين هاج وماج الحاضرون في الهيإة العامة ( ٢٥٠) عضوا وتقدموا نحو المنصة حين كان غليون يتحدث ، ودخل الامن التونسي الى قاعة الاجتماع ، وبكى غليون خوفا ، فما كان مني الا ان انزل من على المنصة ، في حين حاول من عليها منعي من النزول خوفا ، نزلت وتوجهت مباشرة نحو احمد رمضان وعبيده نحاس ، اذ اعتبرتهما محرضين وبدات بتوجيه التوبيخ للجميع حتى عادوا الى مقاعدهم وتابعنا الاجتماع ، واعتقد لولا هذه الخطوة كان اشتغل الاشتباك بين الجميع ، وهذا لم يذكره في الكتاب ، ثم يقول انني كنت ازاحمه في الرئاسة او كان يشعر هكذا ، ثم تحدث في موتمر الانقاذ عن حكومة ( كان ينوي المالح ) اعلانها ، مع انه لم يسألني لم يلتق بي ، كما اننا لم نشر الى حكومه في البيان السياسي الذي كان من المفروض عرضه على المشاركين في المؤتمر واخفاه عماد الدين رشيد ، فكيف عرف غليون بذلكهل ضرب بالنجم ، ومن المعيب على رجا اكاديمي ان يتحدث عن امر ليس لديه دليل ، ثم يقول في كتابه،عن اجتماع تونس ، وكلفت هيثم المالح( الذي شعر ربما لاول مرة انه في مكانه الصحيح بختمها ) فاي انحطاط هذا الذي تحدث به ، في حين تحدث في اول الصفحة ، ام اكثرية اعضاء المكتب التنفيذي وقفوا متفرجين .وهكذا اراد غليون ان يلقي التبعة على غيره بالفشل ، وهو الذي قاد العمل منفردا ولا يأبه لاحد ولا يتشارجور مع احد ، وفي تونس حين اجتماع انصار الشعب السوري كتب كلمته لوحده وكنت الى جانبه في الاجتماع في الصف الثاني او الثالث ، وعدل الكلمة وهو جالس ولا اعلم ما كتب ، وفي نهاية الاجتماع لم اره الا واصطحب احد الحاضرين من الاكراد وذهب معه دون ان يسالني شيء .هذه نقاط بسيطة من سلوك غليون الذي لم يكن يهتم بالعمل الجماعي وحين ذهب مع بعض المكتب التنفيذي لمقابلة كوفي عنان في انقره تركت وحدي في الفندق ، وعندما صحوت سالت عنهم فقيل لي انهم ذهبوا لمقابلة كوفي عنان ، وعندها انسحبت من المجلس الوطني وقلت لا استطيع ان اكون شاهد زور .ولدي الكثير منا اقوله ولكني تحدثت الان فقط لايضاح المغالطات التي وردت في الكتاب ، وهذا جزء يسير من المغالطات التي يحتويها هذا الكتاب “.وهنا ردّ الدكتور برهان غليون كما جاء على صفحته: “إلى هيثم المالحالاستاذ وشيخ المناضلين، تحية واعتذارتعرفت على هيثم المالح بعد خروجه من السجن في بداية ربيع دمشق وفي سياقه، وكان من المحامين البارزين والمناضلين الذين حملوا على عاتقهم قضية الدفاع عن حقوق المضطهدين أمام محاكم النظام الغاشم وقضائه الذليل. واصبحنا منذ ذلك الوقت زملاء وأصحاب قضية واحدة. فما كنت امر بدمشق إلا التقيه في مكتبه الذي كان قبلة للنشطاء والمدافعين عن حقوق الانسان، من السوريين وغيرهم. ولم أكن اشك لحظة، عندما قبلت ان أرأس المجلس الوطني أن هيثم المالح، مع القلة الذين جمعتني بهم تجربة ربيع دمشق منذ عام 2001 سيكونون القادة الحقيقيين للمعارضة، وان دوري لن يكون سوى الوسيط الذي يؤلف بينهم. لكن المجلس الذي تشكل، كما نعرف جميعا، في ظروف صعبة وبعد مؤتمرات وإخفاقات، وأشهر طويلة من الانتظار، أراد ان يضمن نجاحه بالرهان على تحالف منظمات سياسية وتنسيقيات شبابية فقط، ولم يدع للمشاركة في تاسيسه شخصيات وطنية سياسية او ثقافية، تجنبا للحساسيات والتجاذبات، وربما كان هذا أحد الأخطاء التي رافقت تشكيله. وربما العكس.لكن بالنسبة لي، كما كتبت في “عطب الذات”، كان تعاون هؤلاء مع المجلس تحصيل حاصل، بسبب العلاقة الشخصية والثقة المتبادلة التي كانت تجمعني بهم، وبسبب حساسية اللحظة التي لا تسمح بالتردد او وضع اهمية كبيرة للاعتبارات الشخصية. ولذلك ما إن اعلن تشكيل المجلس حتى اتصلت بهم جميعا، واحدا واحدا، ودعوتهم لاخذ مواقعهم في المكتب التنفيذي، وقد تردد بعضهم واعتذر آخرون، وكان هيثم المالح من الذين لبوا الدعوة، قبل ان يتبعه وليد البني وكمال اللبواني، بعد خروجهم من السجن.كنت اعتقد ان الجميع يعرف انني لم أكن معنيا بالمناصب السياسية، ولم اتعامل مع رئاسة المجلس كمركز سلطة فعلية بما تعنيه من تراتبية في القرار. بالعكس كنت أراهن على بناء علاقات الأخوة وتقديمها على أي علاقة أخرى، أولا لتجنب الحساسيات الشخصية، وثانيا لأنني أردت أن أقصر وظيفتي في القيادة، ووظيفة المجلس الوطني نفسه في الثورة، على جمع الطاقات والتقريب بينها ونزع فتيل التنافس والانقسامات عنها، وثالثا، لأنه لم يكن هناك في الواقع العملي ما يستحق ممارسة اي سلطة، او التفرد بها، ولم يكن حيزها يتجاوز بالكاد اختيار الاسماء المشاركة في الوفود الدبلوماسية. وهو الأمر الذي تخليت عنه بعد ان عجزت عن التوفيق بين الرغبات، وأوكلت إلى أعضاء المكتب التنفيذي أنفسهم مهمة تشكيل الوفد المشارك في اي محادثات سياسية. وللسبب ذاته ما كنت اكف عن ترداد أنني لا أطمح في أي منصب سياسي في المستقبل أمام الجميع. وعندما تبين لي انه لم يعد هناك مجال لمتابعة هذه المهمة انسحبت بإرادتي الى موقعي الأصلي كمثقف يضع قلمه وخبرته في خدمة نضالات شعبه ومناضليه فحسب.عندما انضم هيثم إلى المجلس كان ذلك حدث مهم بالنسبة لي وللمجلس أيضا. وقد كان له دور بارز في في مواجهة الكثير من الألاعيب الصبيانية كما ذكر بالفعل. ومهما كان الاختلاف الذي نشأ بيننا في المواقف السياسية، او في تقدير الأوضاع وتحديد المهام والخيارات، فله الفضل في تذكيري، من خلال رد فعله وعتبه المشروع والمحق، بحقيقة اننا يمكن ان نخطيء حتى عندما نقول “الحقيقة”. فالحقيقة بالضرورة متعددة الوجوه لا يمكن ملامستها من جانب واحد، والاشارة إلى وجه منها دون وجه آخر يسيء إليها. وهذه هي مشكلة الباحث الاجتماعي الذي يضطره موضوع البحث، أن لا يرى من الظاهرة سوى ما يفيد في تحقيق فرضياته. فيجد نفسه مضطرا لا محالة إلى التركيز على جانب أو على سلوك محدد في لحظة معينة أو سياق خاص، ويهمل الجوانب الأخرى.فلا تختصر تجربة هيثم المالح النضالية، الفذة بكل المعاني، بتجربته القصيرة، لأشهر بل لأسابيع معدودة، في المجلس الوطني. فقد كان هيثم المالح خلال تاريخه السياسي، منذ ان أقيل من منصبه في القضاء واودع السجن، وبعد خروجه بشكل خاص، رجل المقاومة والصمود الأكثر بسالة في وجه وحش الطغيان، وكان في كبريائه وتحديه للسلطة التي نظر إليها دائما كسلطة الأمر الواقع، ولم يقبل لحظة التعامل معها كسلطة شرعية، تجسيدا لكبرياء شعب كامل وصموده وتحديه الاسطوري لسلطة غاشمة مدججة بالسلاح ومدعومة من القوى الاجنبية. وعلى هيثم المالح ينطبق، أكثر من جميع رفاقه الذين لا يقلون شجاعة ولا صبرا وايمانا وصمودا عنه، مثال العين التي تقاوم المخرز.لقد كان هيثم المالح قبل الثورة ثورة بحد ذاته، على جلاديه ومضطهديه. وكان لمداخلاته الجرئية وروح التحدي التي كانت تميز انتقاداته التي لا ترحم، للنظام وأعوانه، الأثر الأكبر في تعزيز معنويات نشطاء الثورة ومساعدتهم على مواجهة الرصاص والموت. وإنني مدين له بالاعتذار لعدم مبادرتي بالتذكير، إلى جانب المسائل الصغيرة التي اعترضت تعاوننا، بالخدمات الجليلة التي قدمها للقضية السورية قبل الثورة وبعدها. ومن حقه أن يحظى بالاعتراف والتقدير الذي يستحقه عن جدارة، مني ومنا جميعا، على ريادته وصبره وهمته العالية وشموخه وعلو صوته في وجه الظلم والاضطهاد باسم السوريين ومن أجلهم.وهذه هي الفرصة ايضا للإعلان عن امتناني وواجب الاعتذار، لرفاق دربه الكثر الذين لم يتسن لي التذكير بتضحياتهم فردا فردا، في كتابي المتواضع، وهم الذين لم يتخلوا عن شعبهم في احلك الظروف والمنعطفات، وخاضوا خلال عقود طويلة معركة مريرة قل نظيرها لاثبات حقوق السوريين، مثل منتهى الأطرش ورياض الترك وعصام العطار وجمال الاتاسي وميشيل كيلو وعارف دليلة ورزان زيتونة وخليل معتوق ومي سكاف وصادق جلال العظم وعبد العزيز الخير وحبيب عيسى ورجاء الناصر وعمر أميرالاي والعشرات مثلهم من السياسيين والمثقفين والمحامين والسينمائيين والفنانين الذين يتعذر ذكرهم بالاسم. لجميع هؤلاء، ولأخوتنا الذين لا يزالون يقبعون في المعتقلات السرية، ولكافة الأبطال الذين قدموا دماءهم من أجل سورية حرة وديمقراطية، ولشعبنا الذي لم يعرف حدودا لنكران الذات، نقدم التحية ونعبر عن اعترافنا بالقيمة العظيمة للتضحيات الجسيمة التي قدموها، وننحني أمام معاناتهم التي لم تعرف حدودا في سبيل تأكيد كرامة الانسان، كرامتنا، ورفض التسليم لحكم القوة والاستسلام لإرادة الطغاة.برهان غليون”.