تلفزيون سوريا – خاص
بقيت محافظة دير الزور خلال الأيام الماضية في عين المشهد، بعد موجة الاحتجاجات والتوترات العشائرية التي أطلقتها قبيلة العكيدات ضد “قوات سوريا الديمقراطية” على خلفية اغتيال أحد أبرز شيوخ العشيرة في محافظة دير الزور، مطشر الهفل، وسبق اغتيال الهفل، مقتل علي الويس، شيخ عشيرة البورحمة جراء إطلاق النار عليه من مجهولين، حيث عمّت الاحتجاجات مدن وبلدات وقرى المحافظة، مطالبة “قسد” والتحالف الدولي بالكشف عن منفذي الاغتيالات، فضلاً عن تحميلهما مسؤولية الفلتان الأمنية في المنطقة.وعقدت صباح اليوم، الثلاثاء، قبيلة العكيدات اجتماعاً موسعاً لوجهاء وشيوخ القبيلة في بلدة ذيبان بريف دير الزور الشرقي، للتباحث حول الاغتيالات وحالة الفلتان الأمني.وبعد أن ألقى مجموعة من شيوخ القبيلة بيانات حول الوضع في دير الزور والموقف منه، صدر بيان عام عن الاجتماع موجّه إلى قيادة التحالف الدولي، يحمله فيه المسؤولية الكاملة عن حالة الفلتان الأمني والاغتيالات، بالإضافة للمطالبة بأن تكون إدارة المنطقة لأبنائها العرب حصراً.وطالب البيان بضبط الوضع الأمني بالكامل، ووضع خطة أمنية لتثبيت الأمن والاستقرار، والتحقيق في عمليات الاغتيال التي طالت العديد من الوجهاء وكشف المجرمين وتقديمهم للعدالة.
بيان اجتماع وجهاء ومشايخ قبيلة العكيدات في بلدة ذيبان اليوم وأكد البيان على ضرورة تفعيل دور المكوّن العربي من أصحاب الكفاءات والأمنيين في استلام إدارة المناطق الخاصة بهم، كما شدد على إطلاق سراح المعتقلين في سجون “قوات سوريا الديمقراطية”، وإطلاق سراح الموقوفين في مخيمات اللجوء من النساء والأطفال.ومنح المجتمعون التحالف الدولية مدة زمنية لا تتجاوز شهراً واحداً بدءاً من اليوم، أملاً في الاستجابة لبنود البيان وإعادة الحقوق إلى أهلها وتسليم المجرمين للعدالة، والمساهمة الفاعلة في استقرار البنية المجتمعية للمنطقة.”قوات القبائل” و”جيش العكيدات”في غضون ذلك، دعا شيخ قبيلة “البكارة” في سوريا، نواف البشير، إلى تشكيل قوات وهيئة سياسية للقبائل شرقي نهر الفرات، بالتعاون والتنسيق مع حكومة نظام الأسد وجيشه، بهدف “إدارة شؤون المنطقة”.وقال البشير في تصريح لصحيفة “الوطن” الموالية، يوم أمس الإثنين، أن على النظام “ضرورة تقديم الدعم المباشر لقوات القبائل بالعتاد والسلاح للبدء بحرب تحرير شعبية لمنطقة شرقي الفرات من “قوات سوريا الديمقراطية” والاحتلال الأميركي”.وكان اجتماع عقد يوم الأحد الماضي، لوجهاء وقادة عشائر في شمال شرق سوريا، أعلن عن تأسيس ما أطلق عليه “جيش العكيدات”، بهدف “إطلاق المقاومة الشعبية ضد القوات الأميركية وأعوانها في منطقة شرق الفرات”.وأصدر المؤتمرون بياناً دعوا فيه إلى “تشكيل مجلس سياسي للقبيلة، مهمته إدارة شؤونها بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة في الحكومة السورية، إضافة إلى تشكيل جيش العكيدات”.وأوضح البيان أن هذا الجيش “سيشكل من كل عشائر القبيلة في سوريا، كجناح عسكري مقاوم، والمباشرة فوراً بالعمل لتحرير شامل للأراضي السورية، والقضاء على الإرهاب بكافة أشكاله”.صراع لتصدّر المشهد العشائريويرى الشيخ أمير المشرف الدندل، أحد وجهاء قبيلة العكيدات في البوكمال، في حديث خاص لموقع “تلفزيون سوريا”، أن هذه الدعوات “توضح يأس النظام من المواجهة شرق الفرات، وسعيه للزج بالورقة العشائرية في هذا الوقت يعني المزيد من الدماء”، موضحاً أن “النظام يدرك تماماً أنه غير قادر على إدارة المنطقة بسبب الفساد الذي ينخر جسد مؤسساته المدنية والعسكرية”، مؤكداً أن النظام “لا يستطيع تجاوز نهر الفرات نحو الشرق، فهذا خط أحمر بالنسبة للتحالف الدولي”.وأشار الشيخ الدندل أنه “بحسب المعلومات التي وصلتني، فإن أغلب من وضعت أسماؤهم في البيان لم يحضروا ولم يوافقوا على إضافة أسمائهم بين الموقعين على البيان” مؤكداً أن “النظام حاول استغلال حادثة مقتل الشيخ مطشر الهفل لتأجيج الحالة العشائرية شرق دير الزور للضغط على القوى المتحالفة شرق الفرات”.واعتبر الشيخ الدندل أن “العشائر غير قادرة على إدارة مناطقها بمعزل عن المؤسسات، بسبب النشاط الملحوظ لخلايا داعش في المنطقة، والنظام يدرك حالة التنافس بين شيوخ العكيدات، وهو يحاول استمالة البعض بمنحهم الشرعية على حساب أسماء أخرى من المشيخة نفسها، وهذا ما جعل البعض يتسابق إلى تلبية هذه الدعوات، بهدف انتزاع الشرعية ضمن الصراع لتصدّر المشهد العشائري لا أكثر”.من جهته، اعتبر الناطق باسم المجلس الأعلى للعشائر والقبائل السورية مضر حماد الأسعد، في حديث خاص لموقع “تلفزيون سوريا”، أن هذه الدعوات “مرفوضة رفضاً قاطعاً من قبل عشائر العكيدات، فالمجتمعون لا يمثلون سوى النظام والميليشيات الإيرانية، ومن أعلن عن جيش العكيدات يريدون العودة إلى حضن النظام وميليشياته”.وأضاف الأسعد أن “من حضر الاجتماع هم قلة قليلة من أبناء المنطقة، ولا يشكّلون سوى نسبة قليلة جداً من أبناء المنطقة، وهم بالأساس لا يقطنون فيها، بل يقطنون في مناطق سيطرة النظام”، وتوقع الأسعد أن ما صدر في بيان الاجتماع هو “إجبار من النظام عبر الترغيب والترهيب”.وتعليقاً على دعوة الشيخ نواف البشير، قال الأسعد “لا أتوقع أن مبادرة الشيخ نواف مقبولة في محافظة دير الزور، فأبناء المحافظة لا يريدون العودة إلى فترة سيطرة النظام، فالنظام حالياً لم يبقَ له أثر، ومن يمثله حالياً هو الميليشيات الإيرانية والميليشيات العراقية المتحالفة معها”، مؤكداً أن “أبناء دير الزور يرفضون رفضاً قاطعاً وجود هذه الميليشيات الإرهابية في المنطقة لأنهم يسعون إلى عملية التغيير الديمغرافي”.وأشار الأسعد إلى أن “الميليشيات الإيرانية ترغم أهالي المنطقة على بيع ممتلكاتهم وعقاراتهم السكنية والزراعية، بغية السيطرة الجغرافية والاجتماعية، وهذا ما لن يسمح به أهالي دير الزور”، موضحاً أن “لهذا السبب دعوة نواف البشير مرفوضة وغير مقبولة نهائياً، سوى عند عدد قليل من الموالين له ويعملون معه”.وأكد الأسعد على بيان اجتماع اليوم في بلدة ذبيان، بقوله “منطقة الجزيرة عموماً وشرق الفرات خاصة، تحوي كفاءات إدارية وعسكرية وأمنية واقتصادية شاركت بالثورة السورية، وهؤلاء يستطيعون إدارة المنطقة بشكل جيد بعيداً عن النظام وعن الميليشيات الإيرانية وميليشيا قسد الإرهابية”.وأوضح الأسعد أن “إيران وبقايا النظام يحاولون الركوب على ظهر الثورة وظهر العشائر من أجل مواجهة التحالف ومن يعارض وجود إيران في المنطقة”، مشيراً إلى أن “أبناء العشائر والقبائل في شرق الفرات يدركون هذه اللعبة الخبيثة جيداً، لذلك هم يرفضون هيمنة النظام والميليشيات الإيرانية على المنطقة رفضاً قاطعاً”.وتوقع الأسعد أن يكون رد التحالف الدولي على بيان اجتماع ذيبان “رداً إيجابياً”، مضيفاً “إذا لم يكن هناك رد إيجابي من قبل التحالف الدولي على الاجتماع، فأتوقع أن المنطقة ستسير إلى منعطف خطير جداً، وسينعكس ذلك سلباً على وجود التحالف في المنطقة”.وأشار الأسعد إلى أن معظم العشائر العربية في الجزيرة السورية مثل عشائر البكارة والجبور والبوخابور والبوسرايا والبوليل والمشاهدة وطي وعدوان وحرب والشرابين والنعيم، ترفض رفضاً قاطعاً أي وجود لـ “قوات سوريا الديمقراطية” في منطقة الجزيرة والفرات، متهماً إياها بأنها “ارتكبت مجازر مروعة بحق العرب والأكراد على حد سواء، في تل براك ورأس العين وعامودا وجبل عبد العزيز وتل حميس والشدادي والحسكة”.