سورية تمر بتغيرات عميقة نتيجة انتفاضة أعداد كبيرة من أحرار سورية في وجهه نظام مستبد فاسد عنصري. هذه التغيرات ستنتهي بالخلاص من حكم النخب الفاسدة، ولكن لحظة حدوث التغيير تتوقف على التأسيس لثقافة احترام الإنسان بوصفه إنسان، واحترام المواطن بوصفه مواطن.. دون أي اعتبار لانتمائه القومي والديني والطائفي والمناطقي.للأسف بعض الناشطين السوريين لم يدركوا حتى الآن هذا العنصر الأساسي للتغير، احترام المواطن، لذلك تراهم يسيئون فهم مايجري اليوم في امريكا، ويعتقدون أن ما يجري هو اصطفافات وصراع عرقي. ما يجري في أمريكا هو وقوف ملايين الأفراد، بيضا وسودا، وعلى اختلاف الاثنيات والأديان التي ينتمون إليها، للدفاع عن حقوق السود واستنكارا تهاون عناصر الشرطة المتكرر بحياة الأمريكيين السود. ورغم وجود رئيس ذي ميول عنصرية هدد باستخدام الجيش لقمع المتظاهرين، إلا أنه تلقى صدا واضحا من القيادات السياسية وقيادات الجيش التي أكدت أن ولاءها للدستور وقيم المساواة التي كرسها وتمسكها بحرية التعبير والتظاهر.عندما تلتف الشعوب حول القيم الإنسانية العليا، وتحترم قيم العدل والمساواة والحرية، فإن من تراوده أحلام الاستبداد من القادة السياسيين والرؤساء لن يجد المناخ الاجتماعي والسياسي لتحقيق أحلامه.المجتمع السوري، المجتمعات العربية عموما، يجب أن تحرم المستبدين من قادتها من البيئة الحاضنة للاستبداد والالتفاف حول قيم الإنسان التي أكدتها الشرائع السماوية والأعراف الإنسانية، لا مصالح مكونات المجتمع الخاصة والهويات المتعددة. عندما تتحول القيم الإنسانية العليا إلى عناصر أساسية للهوية الوطنية فلن يبقى مكان للمستبدين في المجتمعات العربية.