• الأحد , 24 نوفمبر 2024

السفير فان دام يقرأ في المشهد السوري: حوار فاشل أفضل من حرب فاشلة وهولندا ستدّعي على نظام الاسد بجرائم ضد الانسانية

استضاف مركز حرمون للدراسات المعاصرة السفير الهولندي الدكتور نيقولاوس فان دام (1945)، الذي عمل في عامي 2015 2016 كمبعوث خاص لبلاده إلى سورية، بعد سنوات طويلة من العمل الدبلوماسي في لبنان والأردن والأراضي المحتلة وليبيا والعراق ومصر وتركيا وألمانيا وإندونيسيا الخبير في الشأن السوري وشؤون الشرق الأوسط، من الذين يضعون معضلة سوريا ضمن سياقها التاريخيّ والمعاصر، حيث نشر في عام 1979 كتابه “الصراع على السلطة في سورية: الطائفية والإقليمية والعشائرية في السياسة” باللغة الإنكليزية، والذي نُشر فيما بعد باللغة العربية في القاهرة (1995، 1996) وصدر منه عدة طبعات، كما صدر باللغة التركية في اسطنبول( 2000)ومن أبرز مؤلفاته ايضا كتاب: (Destroying a Nation: The Civil War in Syria) “تدمير وطن- الحرب الأهلية في سوريا”، الذي صدر باللغة الإنكليزية عام 2017،

ونشره باللغة العربية في بيروت في عام 2018ودار نقاش عميق مع فان دام حول قضايا المنطقة، فعن قرار حكومة بلاده مقاضاة نظام بشار الأسد أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، بعد أكثر من تسعة أعوام من إراقة الدماء في سورية، قال: “أعلنت هولندا قرارها بتحميل سورية المسؤولية بموجب القانون الدولي عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والتعذيب بشكل خاص. والدليل دامغ على أن نظام الأسد ارتكب -على نحوٍ متكرر- جرائم مروعة. لا بد أن تكون هناك عواقب لذلك.

ونظرًا لأن روسيا ستمنع أي محاولة لتقديم النظام السوري إلى العدالة من خلال مجلس الأمن الدولي، فقد جرى البحث عن طريقة مختلفة لمحاسبتهطوال أعوام، تبلغ المنظمات الدولية مرارًا وتكرارًا عن انتهاكات خطرة لحقوق الإنسان. فقد تعرضت أعداد كبيرة من السوريين للتعذيب والقتل والاختفاء القسري والهجمات بالغازات السامة، أو فقدوا كل شيء وهم يهربون حفاظًا على حياتهماستندت هولندا إلى القانون الدولي لتحميل سورية المسؤولية عن انتهاكات حقوق الإنسان، وتحديدًا تحميلها مسؤولية التعذيب بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب. وتزامن توقيت هذه المبادرة مع انعقاد جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومن ثم حظيت باهتمام ممتازأعتقد أن هذه مبادرة جيدة، وأفضل من عدم فعل أي شيء.

ربما كان من الممكن أن تُطرح مثل هذه المبادرة منذ أعوام، لأن الدليل على الجرائم المعنية موجود بالفعل منذ أعوام عدة. شخصيًا؛ لا أعتقد أنها ستسبب أي تغيرات حقيقية في المشهد السياسي على الأرض. فالنظام السوري سرعان ما رفض بشدة المبادرة الهولندية، بحجة أن لاهاي هي آخر عاصمة يجب أن تتهم سورية، ولأنه يتهم الحكومة الهولندية بدعم التنظيمات الإرهابية السورية. عمومًا، قد تؤدي هذه المبادرة إلى تحرك ما نحو تقديم النظام السوري للمحاسبة على فظائعه.

لكن إذا كنت تريد حقًا تقديم أحدٍ للعدالة، فعليك القبض عليه، بدلًا من محاكمته غيابيًاوعما يجري في سورية في المرحلة الراهنة، وعن رؤيته ومواقفه تجاه آخر المستجدات في المشهد السياسي السوري والإقليمي والدولي، قال فان دام: “بعد أكثر من تسعة أعوام من إراقة الدماء، لا يمكنني الاستمرار في تكرار نصائحي البسيطة السابقة، حيث كانت رسالتي عبارة عن ضرورة إجراء حوار بين المعارضة والنظام في رأيي، كان من الأفضل أن يكون هناك حوار فاشل على أن تكون هناك حرب فاشلة، فقد قُتل نصف مليون، وأكثر من 10 ملايين لاجئ وبلد في حالة خراب. لكن كثيرين رفضوا أي حوار مع النظام، بحجة أن هذا عديم الجدوى بأي حال من الأحوالبعد فوات الأوان تقريبًا، أعتقد أن الحد الأقصى الذي يمكن تحقيقه من خلال المفاوضات في ذلك الوقت كان “حكومة وحدة وطنية”، يمكن أن تشارك فيها شخصيات معارضة في النهاية، ولكن لم يكن لديها ما تقوله في الواقع، كان بإمكان النظام في دمشق أن يضم وزراء عدة من معارضة “معتدلين” إلى حكومته، بينما يستبعد في الوقت نفسه أي خطر باستبعاده أو عزله، ما داموا قد أبقوا الوزارات الاستراتيجية والجيش والأجهزة الأمنية تحت سيطرتهم. لكن النظام لم يفعل”واضاف “على الرغم من أن المعارضة صرحت بأنها مستعدة للمشاركة في هيئة حكم انتقالية مع أعضاء من الحكومة أو النظام السوريين الذين لم تُلطخ أيديهم بالدماء، لكنها رفضت أي”حكومة وحدة وطنية” لأنها أرادت فقط زوال النظام. ومع ذلك، فقد قوبل إدراج الرئيس الأسد بالرفض الكامل، على الرغم من وجود آراء مختلفة بين المعارضة حول ما إذا كان الأسد سيكون مقبولًا أم لا خلال المرحلة الانتقالية المؤدية إلى نظام جديد من دونه. لكن هذه المرحلة الانتقالية لم تأتِ قطفسرت المعارضة بيان جنيف (2012) على أنه يتضمن مبدأ وجوب مغادرة الرئيس الأسد. وكذلك فسره الأميركيون، لكن بيان جنيف لم يتضمن أي بند من هذا القبيل، وإلا لما حظي بموافقة الروس”وتابع “ينبغي على النظام، إن كان يريد فعليًا حلًا، أن ينفذ قرار مجلس الأمن رقم 2254 لعام (2015) من دون تأخير، وأن يسمح على الفور للوكالات الإنسانية بالوصول السريع والآمن ومن دون معوقات إلى أنحاء سورية كلها وإلى المحتاجين، والإفراج عن السجناء كلهم المحتجزين تعسفيًا، والكف الفوري عن أي هجمات ضد المدنيين والأهداف المدنية، ومن ضمنها الهجمات ضد المرافق الطبية والعاملين الطبيين، وعن أي استخدام عشوائي للأسلحة، ومن ضمنها القصف المدفعي والجوي”واعتبر انه “ما كان لتنفيذ قرار مجلس الأمن (2254) أن يُضعف فعلًا الموقف العسكري للنظام، لأن الإجراءات المشمولة بالقرار بالكاد لها أي قيمة عسكرية استراتيجية؛ ربما باستثناء أن جماعات المعارضة العسكرية قد تستفيد أيضًا من الغذاء والإمدادات الطبية. إن قصف المدنيين والمرافق الطبية، على سبيل المثال، ليس له قيمة عسكرية استراتيجية. لذلك، كان ينبغي أن يكون من السهل نسبيًا على النظام (والروس) البدء في تنفيذهفي نظري، على المعارضة أن تواصل جهدها للتفاوض مع النظام على أساس واقعي، ومن ضمنها في اللجنة الدستورية، على الرغم من أنني لا أتوقع أن يقدم النظام تنازلات حقيقية للأطراف التي تريد إطاحته، وعلى الرغم من أنها فقدت كثيرًا من قوتها السياسية والعسكرية. لكن هذا لا يعني أنه لا ينبغي خوضها بجدية، لأنه لم يتبق سوى عدد قليل جدًا من الخيارات للمفاوضات. هنا ينطبق المثل على من لا يغامر، لا يربح شيئًا .

وتحدث المعجزات فقط عندما يستمر المرء بالإيمان بها”وقال: “في آذار 2018، اقترحت في محاضرة أنه سيكون من الأفضل الاعتراف بأن الحرب ضد النظام قد خُسرت. ولكن بعد مرور ما يقارب ثلاث سنوات، ما تزال الحرب مستمرة، وسورية، نتيجة لأعوام عدة من الحرب بالوكالة مع مختلف البلدان المشاركة فيها، تتجه نحو الهاوية مع مزيد من الضحايا والدمار. والحل السياسي لا يقترب أكثربعد أن أصبحت الحرب حربًا بالوكالة، لم يعد إيجاد الحل فعلًا في يد المعارضة والنظام بالكامل. لقد كانت القوى الخارجية المتنافسة هي التي حصلت على دور مهيمن في المشاركة في تقرير ما يمكن أن يكون طريقة لحل الصراعإن إطالة الحرب تعني مزيدًا من الضحايا ومزيدًا من اللاجئين ومزيدًا من الدمار.

إنه لأمر مفهوم أن المعارضة تريد الاستمرار في قتالها ضد النظام، ولكن يجب على المرء أيضًا أن يأخذ بالحسبان النتائج الملموسة من حيث التكاليف البشرية والمادية، وطرح السؤال: هل الأمر يستحق ذلك؟ أليس من الأفضل في مرحلة معينة انتظار فرصة أفضل في المستقبل؟ في ظل المتغيرات الحالية، من المرجح جدًا أن تهب ثورة جديدة في المستقبل”

مقالات ذات صلة

USA