• الخميس , 21 نوفمبر 2024

بيدرسون يؤكد خلال إحاطة لمجلس الأمن أنه مع استمرار العنف وعدم الاستقرار، يواجه السوريون ارتفاعاً كبيراً في الاحتياجات الإنسانية.

أكد المبعوث الخاص لامم المتحدة الى سوريا غير بيدرسون أنه ومع استمرار العنف وعدم الاستقرار، يواجه السوريون ارتفاعاً كبيراً في الاحتياجات الإنسانية.جاء ذلك خلال إحاطة إلى مجلس الأمن يوم الأمس الجمعة المصادف 20/9/2024 وجاء فيه :

1- لقد حذرت مراراً وتكراراً من مخاطر امتداد الصراع الإقليمي وتصعيده مما قد يجر سوريا إلى صراعٍ أعمق، وبالفعل فقد شهد هذا الأسبوع تصعيداً كبيراً للتوترات الإقليمية. أشاطر الأمين العام قلقه العميق إزاء التقارير التي أفادت بانفجار عدد كبير من أجهزة الاتصالات في مختلف أنحاء لبنان وفي سوريا في السابع عشر والثامن عشر من سبتمبر/أيلول، مما أسفر عن سقوط ضحايا بينهم أطفال، وما تلا ذلك من غارات جوية إسرائيلية على لبنان وإطلاق حزب الله للصواريخ على إسرائيل. وأعتقد أنكم ستعقدون اجتماعاً حول هذا الأمر اليوم. وقد وردت تقارير عن استهداف سيارة هذا الصباح في مطار دمشق الدولي. ودعوني أكرر دعوة الأمين العام القوية إلى ممارسة أعلى درجات ضبط النفس في تلك الفترة شديدة الخطورة على المنطقة بأكملها. واسمحوا لي أن أضيف أن هذا التصعيد الأخير جاء في أعقاب هجوم على موقع عسكري في سوريا ــ لم تقر إسرائيل القيام به ولكن نُسب إليها على نطاق واسع ــ وقد أسفر هذا الهجوم عن سقوط أكبر عدد من الضحايا منذ عدة أشهر. وهناك خطر واضح وحقيقي بإمكانية اندلاع حرب إقليمية يجد الشعب السوري نفسه في مرمى نيرانها.

2- وبالتوازي، فإن معدلات العنف المرتبطة بالصراع السوري نفسه لا تزال مرتفعة للغاية. فقد شهد الشهر الماضي مرة أخرى وابلاً مأساوياً من الضربات الجوية بالمسيرات، وبالمدفعية، والصواريخ، ونيران القناصة، والمناوشات عبر خطوط التماس. وقد شهدنا أيضاً هجمات منسوبة إلى مسيرات موالية للحكومة على أسواق في غرب حلب، مما أسفر عن سقوط ضحايا من المدنيين، بما في ذلك الأطفال؛ وهجمات عبر خطوط التماس شنتها هيئة تحرير الشام الإرهابية المدرجة على قوائم مجلس الامن مما أسفر عن مقتل أكبر عدد من قوات الحكومة السورية هذا العام. وفي الوقت نفسه، لا تزال مناطق الشمال الشرقي والجنوب الغربي تشهد مستوياتٍ خطيرة من التوترات والعنف. ويزداد التهديد الذي تُشكله جماعة داعش الإرهابية المدرجة على قائمة الإرهاب في سوريا، حيث تصاعدت هجماتها من حيث الكم والخطورة، بما في ذلك أول عملية قطع رؤوس مُعلنة منذ عدة سنوات.

3- إن الضرورة القصوى في الوقت الراهن هي لخفض التصعيد، فوراً، في مختلف أنحاء المنطقة بما في ذلك وقف إطلاق النار في غزة. وفي داخل سوريا، نحتاج أيضاً إلى خفض التصعيد والتهدئة على المستوى الوطني وصولاً إلى وقف لإطلاق نار على المستوى الوطني، وفقاً لما دعا إليه قرار مجلس الأمن 2254، بالإضافة إلى نهجٍ تعاوني متسق مع القانون الدولي لمكافحة الجماعات الإرهابية المدرجة على قوائم مجلس الأمن. وفي كل الأحوال، يتعين على جميع الأطراف الامتثال الكامل للقانون الدولي الإنساني والالتزام بحماية المدنيين.السيد الرئيس،

4- ومع استمرار العنف وعدم الاستقرار، يواجه السوريون ارتفاعاً كبيراً في الاحتياجات الإنسانية؛ وانهياراً اقتصادياً يؤثر بشكلٍ كبير على جميع السوريين وعلى سبل عيشهم؛ وتدميراً وتضرراً كبيراً في البنية التحتية؛ وتدهوراً في المرافق التعليمية والطبية او توقفها بشكل كامل عن العمل؛ بالإضافة إلى أسوأ أزمة نزوح في هذا القرن؛ وأزمة المعتقلين والمفقودين التي لم تشهد أي تقدم على الإطلاق.

5- سيطلعكم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية على آخر المستجدات بشأن الأزمة الإنسانية. ولكن للتذكير: لن يتمكن ملايين الأطفال من الذهاب إلى المدارس هذا العام في سوريا. هذا وتُشير تقارير برنامج الأغذية العالمي إلى أن الحد الأدنى للأجور في سوريا لا يغطي سوى 11% من الحد الأدنى للإنفاق، و17% فقط من الاحتياجات الغذائية. ومن الضروري إتاحة وصول المساعدات دون عوائق وبكافة الوسائل، سواء عبر الحدود أو عبر الخطوط. ولابد من صرف التعهدات المالية التي تم التعهد بها في بروكسل على وجه السرعة، بما في تلك المخصصة لجهود التعافي المبكر في كل مناطق سوريا. واسمحوا لي مرة أخرى أن أؤكد على الحاجة إلى التخفيف من أي آثار سلبية للعقوبات وتجنبها. فالمشاركة البناءة من جانب الدول الفارضة للعقوبات لمواجهة مسألة الإفراط في الامتثال أمر ضروري.السيد الرئيس،

6- لا تزال حالات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري وسوء المعاملة والتعذيب أثناء الاحتجاز قائمة في جميع مناطق سوريا – بما في ذلك حالات الموت قيد الاحتجاز. كما تتسبب الأزمة الاقتصادية في خلق حوافز لإساءة استخدام السلطة – بما في ذلك الاعتقالات لانتزاع الرشاوى للإفراج عن المعتقلين. وقد التقيت بعائلات المعتقلين والمفقودين الشهر الماضي بمناسبة اليوم الدولي للمفقودين. وهم يتابعون عن كثب ويتواصلون مع المؤسسة المستقلة للمفقودين التي تم إنشاؤها حديثًا. ودعوني أشير هنا إلى أهمية التعاون مع هذه المؤسسة كوسيلة مباشرة للمساهمة في تخفيف معاناة العائلات.السيد الرئيس،

7- ولا يزال الوضع بالنسبة للاجئين والنازحين في مختلف أنحاء سوريا والمنطقة مثيراً للقلق. فلابد من حماية السوريين أينما كانوا، بما في ذلك في البلدان المضيفة. ولا بد من وقف الخطابات والأفعال المعادية للاجئين. كما يحتاج اللاجئون الذين يعودون طوعاً إلى كل الدعم اللازم للقيام بذلك. ولكن لا تزال أعداد الذين يختارون العودة الطوعية قليلة، وهناك أخرين يقومون بمغادرة سوريا.

8- ووفقاً لاستطلاعات رأي المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين – وعلى الرغم من الإعلان عن بعض الإجراءات من قبل الحكومة السورية بشأن بعض القضايا التي نواصل متابعتها عن كثب – فإن المخاوف المتعلقة بالأمن والسلامة داخل سوريا تظل العقبة الرئيسية أمام العودة، في حين يُشكل نقص سبل العيش عاملاً متزايد الأهمية يؤثر على قرارات اللاجئين بشأن العودة. ولكسر هذه الحلقة، يتطلب الأمر بذل جهود نوعية لم نشهدها حتى الآن لمعالجة هذه العقبات. فهناك المخاوف المتعلقة بالحماية فيما يتصل بالسلامة والأمن، والخدمة العسكرية الإلزامية، فضلاً عن حقوق السكن والأراض والملكية، والتي نحُث الحكومة على اتخاذ إجراءاتٍ بشأنها ــ والمخاوف المتعلقة بتوفير سبل العيش ــ بما في ذلك توفير الخدمات الأساسية الرئيسية، بما في ذلك الرعاية الصحية والمياه والكهرباء والسكن ــ والتي نحُث الجهات المانحة على أن تكون أكثر تعاوناً بشأنها.السيد الرئيس،

9- ما نحتاج إليه في سوريا هو إحراز تقدم حقيقي نحو بيئةٍ آمنة وهادئة ومحايدة، البيئة اللازمة أيضاً لعودة اللاجئين بأمنٍ وكرامة وطواعية. ولا توجد إطلاقاً طرق مختصرة لتحقيق هذه الغاية. فالحقيقة هي أنه في غياب عملية حقيقية للتوصل إلى حل سياسي، فإن كافة المؤشرات في سوريا سوف تستمر في الهبوط.

10- دعونا نتذكر- السيد الرئيس – أن سوريا لا تزال تعاني من صراع داخلي عميق وانقساماتٍ شديدة على الأرض. فملايين السوريين لا يعيشون في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة، ولكن هناك ملايين أخرين لا زالوا يعيشون في مناطق خارج سيطرة الحكومة أو خارج البلاد. وسوريا مقسمة إلى أربع مناطق أو أكثر تفصلها خطوط تماس نشطة؛ ويوجد عدد كبير من الجهات المسلحة السورية؛ وجماعات إرهابية مدرجة على قوائم مجلس الأمن؛ وستة جيوش أجنبية منخرطة في صراعٍ نشط، بعضها بدعوة من الحكومة؛ وأزمة إقليمية قد تحط أوزارها على سوريا في أي لحظة.

11- لنكن صادقين: هذه الانقسامات ليست عسكرية وإقليمية فحسب، بل مجتمعية أيضاً. فالثقة بين مختلف مكونات المجتمع أصبحت عملة نادرة. نحن، في الأمم المتحدة، من ضمن أطراف قليلة يُمكنها التعامل المباشر مع السوريين من كافة جوانب هذا الصراع – ليس فقط من الجهات السياسية الفاعلة، ولكن من المجتمع المدني أيضاً، بما في ذلك النساء، اللاتي يحضرن إلى جنيف من جميع أنحاء سوريا ومن خارجها. وهذا يشمل عمل غرفة دعم المجتمع المدني والمجلس الاستشاري النسائي – الذي التقيت بعضواته في جنيف في وقت سابق من هذا الأسبوع. هناك العديد من الأمور التي توحد هؤلاء السوريين، وأبرزها رغبتهم في رؤية نهاية لهذا الصراع والحفاظ على وحدة سوريا. ولكن في الوقت نفسه، يجب أن نكون صريحين – فمحركات الصراع لا زالت مستمرة، والمظالم حقيقية وممتدة، ولا تزال هناك رؤى شديدة التباعد لسوريا ما بعد الصراع.

12- في ضوء هذه الحقائق – استمرار المظالم والانقسامات على الأرض – فمن غير الواقعي أن نظن أنه يمكن تحقيق الاستقرار بدون عملية سياسية، بين الأطراف السورية المتحاربة نفسها، بتيسير من الأمم المتحدة. وبطبيعة الحال، تتطلب مثل هذه العملية الدعم القوي والمتماسك من كل الأطراف الدولية. وإلا فإن المحركات الأساسية لهذا الصراع ستستمر، وستظل البلاد مقسمة جغرافياً، وتُعاني من العنف وتُساهم في نشر عدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة.السيد الرئيس،

13- على الرغم من تلك الحقائق الصادمة، إلا أنني عازم على إيجاد السبل التي تمكننا من التحرك بشكل بناء، ولذلك أتطلع إلى لقاء وزير الخارجية والمغتربين السوري ورئيس هيئة التفاوض السورية الأسبوع المقبل هنا في نيويورك. وسألتقي أيضاً بعدد من الوزراء العرب، ووزراء دول عملية أستانا، ومسؤولين رفعي المستوى من الدول الأخرى، بما في ذلك الدول المانحة. وستكون رسالتي للجميع واحدة: نحن بحاجة إلى دفع العملية السياسية بتيسير من الأمم المتحدة على ثلاث مستويات محددة:

14- أولاً، اللجنة الدستورية. كانت اللجنة نتاجاً لمفاوضات شاقة بين السوريين أنفسهم، وتتمتع بدعم كافة الأطراف الدولية الرئيسية، وكان من الممكن – وما زال ممكناً – أن تكون مدخلاً وأن تفتح الباب أمام عملية سياسية حقيقية. ولكن للأسف، لقد أضعنا أكثر من عامين حول قضية ثانوية – وهي مقر انعقاد اللجنة – كما تعلمون جنيف هي المقر الذي تم الاتفاق عليه رسمياً عند إطلاق أعمال اللجنة وما زالت جاهزة لاستضافة الاجتماعات. إلا أننا في الوقت نفسه نواصل السعي للحصول على موافقة الطرفين السوريين والدولة المضيفة على مقر بديل يحظى بالتوافق. لقد اقترحت أيضاً على الأطراف لفترة طويلة أن تستمر في العمل استعداداً للاجتماعات المستقبلية من خلال تطوير مسودات النصوص الدستورية ومناقشتها مع الأمم المتحدة – لكن لم يلق هذا الاقتراح قبولاً حتى الآن. نحن بحاجة إلى كسر هذا الجمود

.15- ثانياً، قد يكون المدخل الآخر الذي يُمهد الطريق لعملية سياسية هو اتخاذ تدابير حقيقية لبناء الثقة وفتح الباب أمام التحرك بشأن القضايا الواردة في قرار مجلس الأمن 2254 خطوة مقابل خطوة. ولا يوجد نقص في الأفكار في هذا الصدد. وأعتقد أن المصلحة المشتركة لجميع الأطراف المعنية تحتم عليها أن تُشارك وتغتنم هذه الفرصة لتحقيق بعض التقدم.

16- وثالثا، السيد الرئيس، إن نقاط الدخول وتمهيد الأرضية ليس كافياً – بل يتعين علينا أن نعمل معاً على نهج جديد وشامل. وأعتقد أنه من الضروري للغاية، ومن الصعب للغاية ايضاً، ولكن من الممكن بالتأكيد تطوير مسار واضح يمكن أن يتيح للشعب السوري استعادة بلده وتحقيق تطلعاته للعيش في سلامٍ وكرامة بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن 2254. وأعتقد أن هذا المسار يمكن تطويره بطريقة موثوقة ومتوازنة وواقعية، تحترم المصالح الأساسية ومخاوف جميع الأطراف المعنية، وتتضمن تسوية حقيقية من جميع الأطراف. وأنا مقتنع أيضاً أنه من الممكن لجميع الأطراف الرئيسية رؤية كيف يمكن لخطواتهم وجهودهم أن ترتبط بنهج شامل.

17- إنني أدرك أن الأطراف المعنية بحل الصراع غير قادرة في الوقت الحالي على الاجتماع في صيغة واحدة. ولهذا السبب على وجه التحديد أدعو جميع الأطراف الرئيسية إلى العمل مع الأمم المتحدة.

18- فالحقيقة المستقرة، السيد الرئيس، التي لا يجادل فيها أي طرف هي أنه لا يُمكن لطرفٍ واحد أو مجموعة الأطراف أن تحسم نتيجة هذا الصراع المأسوي ــ لا الحكومة ولا المعارضة ولا أي طرف سوري آخر؛ ولا أي دولة في المنطقة أو خارجها؛ ولا أستانا ولا الدول العربية ولا الغربية أيضاًــ فمن الواضح أن المقاربات الدبلوماسية المتجزئة القائمة تكافح من أجل تحقيق تقدم حتى فيما يتعلق بالإجراءات البسيطة، ويرجع هذا جزئياً إلى أن هناك أطراف رئيسية وفاعلة وحاسمة تكون مستبعدة من هذا المسار أو ذاك.السيد الرئيس،

19- دعوني أقول إنه لا يوجد حل عسكري للصراع، ولا يوجد حل دبلوماسي جزئي أيضاً. لذلك أناشد كل الأطراف المعنية أن تنخرط مع الأمم المتحدة. شكراً السيد الرئيس.

مقالات ذات صلة

USA