• الجمعة , 29 نوفمبر 2024

صلاح بدر الدين :في مراجعة الحالةالسورية الراهنة

من حق المواطن السوري أينما كان بعد ثمانية أعوام من تآمر القريب والبعيد والموالي والمعارض والعدو والصديق والعرب والعجم على ثورته وقضيته ووجوده ووطنه تفتيتا وتشويها وتهجيرا وقتلا وتدميرا وتقسيما أن يحمل في صدره هاجس الشك وعدم الأمان من كل مايدور في بلاده وأن ينظر من حوله بعين الريبة ومن حجم تراكم مالاقى من خذلان فان كل شيء أمامه لايوحي بالثقة ومن حقه تفسير كل ظاهرة تتعلق بالقضية السورية حتى لو كانت تحت شعارات وعناوين براقة بمثابة تآمر على المصير . 
عندما نشبت الانتفاضة السورية ربيع العام ٢٠١١ وتحولت الى ثورة وطنية سلمية دفاعية في عموم البلاد بعد تمازج الحالة العسكرية المنشقة من النظام والمنضمة الى صف الشعب مع الحراك المدني الوطني والديموقراطي وفي القلب منه تنسيقيات الشباب لها أهدافها الواضحة في اسقاط الاستبداد والتغيير الديموقراطي وعودة الشعب السوري ليحكم نفسه بنفسه عبر انتخابات ديموقراطية شفافة وليعالج قضاياه المتعلقة بالحاضر والمستقبل في ظل دستور عصري متوافق عليه من جميع المكونات الوطنية القومية والدينية والمذهبية كان واضحا لكل ذي بصيرة أن مثل هذه الثورة بمواصفاتها وأهدافها لن تكون مقبولة لا من النظام العربي الرسمي ولا الإقليمي ولا الدولي .
لذلك كان على الثوار السوريين معرفة هذه الحقيقة والاستعداد لمواجهتها من خلال تعزيز وحدة الصفوف والتمسك بالأهداف وعدم التنازل عنها وتعميق الديموقراطية في مؤسساتها والانفتاح على مختلف الطاقات وعدم السماح لجماعات الإسلام السياسي ورأس حربتها المسمومة – الاخوان المسلمون – والتعامل مع المحيط العربي والإقليمي بحذر شديد وباستقلالية كاملة وبذل الجهود لاستخلاص مشتركات بين مصالح السوريين في الخلاص من الاستبداد والإرهاب ومخططات محور طهران – دمشق وبين مصالح القوى الخارجية المحيطة والأبعد .
ماحصل بعكس المرتجى على الأقل في تجربة الثورة السورية حيث سيطرت أجنحة الإسلام السياسي على مقاليد الثورة والمعارضة ونجحت في استخدام رموز ليبرالية وشيوعية من انتهازيين باحثين عن المال والجاه لتنفيذ مشروعها في أسلمة وأخونة الثورة ولم تجد صعوبة في استقدام أحد أبرز الشخصيات الكردية الباهتة سذاجة وضعفا أمام المال لاظهار أن الكرد في جيوبها ثم تمادت في اجتثاث الوطنيين المستقلين الشرفاء من ضباط وأفراد الجيش الحر وفرضت عليهم وعلى عوائلهم الحصار الاقتصادي ومنعتهم من تسلم المسؤوليات الا بشرط الانضمام الى تنظيم الاخوان المسلمين كما أغلقت كل السبل أمام نشطآء الحراك الشبابي الثوري وكل المناضلين الذين واجهوا الاستبداد لعقود .
تركيا التي استقبلت ملايين اللاجئين السوريين وأفسحت المجال أمام مؤسسات المعارضة وتحركات أفرادها ولأنها تحت ظل حكومة إسلامية فان الاخوان السوريين نالوا الحظوة من جانبها بل التفضيل في العلاقة والدعم المفتوح وبالرغم من اشعار الحكومة التركية مرارا من جانب وطنيين سوريين حريصين بمغبة الدلال الزائد للاخوان وانعكاسها سلبا على الثورة وكل القضية وبدوري أبلغت السيد وكيل وزارة خارجية تركيا – فريدون سنرلي أوغلو – خلال لقائين منفصلين به بأربيل وبمقر الخارجية التركية بأنقرة عام ٢٠١٢ عن امتعاض السوريين بخصوص اعتبار تركيا الاخوان كمرجعية وحيدة للثورة السورية .
لم تكن تركيا بمعزل عن تبني سياسات باقي الدول والحكومات المجاورة والعربية وايران في الانطلاق من المصالح القومية وبرؤا دينية وطائفية خلال التعامل مع سوريي المعارضة والثورة فالخليجييون ومعظم النظام العربي الرسمي لم يكونوا مع مجئ نظام وطني ديموقراطي لا في سوريا ولا في كل بلدان ثورات الربيع وينسحب ذلك على أوروبا وأمريكا وايران كانت ومازالت تسعى الى ترسيخ نظام طائفي يخدم مصالحها وتوسيع نفوذها وهكذا تركيا ترغب في نظام يقوده الاخوان المسلمون ولايشكل تهديدا لأمنها القومي حسب مفهومها .
عمق العلاقة بين قيادة – ب ك ك – ومركز قنديل تحديدا وبين نظامي طهران والأسد منذ عقود في المناحي العسكرية – الأمنية والاقتصادية واللوجستية مهد السبيل لتفاهمات ثلاثية ( سورية – إيرانية – ببكية ) مبكرة حول سوريا تقضي بانتقال مسلحي الأخير الى سوريا عبر كردستان العراق والانتشار في كامل المناطق الكردية والمختلطة من ديريك وحتى عفرين مهمتها مزدوجة : ١ – مواجهة الثورة السورية وعزل الكرد عنها واثارة الفتن العنصرية بين الكرد والعرب والتركمان والمسيحيين لزعزعة الوحدة الوطنية في مناطق الثورة أو المجاورة لها ٢ – منح الأولوية للصراع مع تركيا واستحضار المواجهات بين ب ك ك وتركيا الى الساحة السورية وتحويل القضية الكردية في سوريا قربانا لتلك المواجهات للتغطية على الصراع الرئيسي بين السوريين ونظام الاستبداد كقضية مركزية واغفال الثورة وأهدافها .
وفي حقيقة الأمر فان انضمام أو ضم ( المجلس الوطني الكردي ) الى صفوف – الائتلاف – لم يبدل من واقع حال الساحة الكردية السورية شيئا من جهة عزل غالبية الكرد عن الثورة والمعارضة والإبقاء على إرادة المواجهة مع تركيا كصراع رئيسي على حساب قضية كرد سوريا واستمرارية التفكك في الصف الوطني الكردي وافراغ المناطق وتنشيط الهجرة نحو الخارج واستمرار مواقف من بقي من المعارضة اشكاليا تجاه الكرد وقضيتهم وللأمانة أقول أن كلا من سلطة الأمر الواقع والمجلس يتحملان المسؤولية التاريخية عن التشرذم الحاصل وانعدام وحدة مصدر القرار وعن الردة الفكرية والسياسية الحاصلة الآن في الوسط الكردي وأولا وآخرا عن الأسباب المانعة في عقد المؤتمر الوطني الكردي السوري الجامع واستعادة الشرعية والقرار المستقل .
لاشك أن الخارج هو من بآيديه سلطة إدارة الأزمة السورية وهو من خطط لجنيف وفيننا وسوتشي وأستانا وهو من أشرف على الاتفاقيات الداخلية وتنظيم مناطق خفض التصعيد وتسيير الباصات الخضر وهو من استحضر مسلحي – ب ك ك – ( وليس اجماع وطني كردي سوري ) وهو من جلب سائر أنواع الميليشيات المذهبية من حزب الله الى الأخرى العراقية والإيرانية والأفغانية والقفقاسية وهو من قرر تدمير البلاد والحرب الأهلية بين العباد آو أغمض العين عنهما حتى تصل الأمور الى حد الترحم على نظام الأسد ليس حبا به بل كرها لما هوسائد من حوله وهناك من يجاهر أن جميع القوى الخارجية والداخلية المعنية الآن بالملف السوري كانت تسعى مواربة الى عودة النظام بكل قبحه وجرائمه فالأهم لها سقوط الثورة وهو ماتحقق راهنا .
وكلمة أخيرة للكرد السوريين من وطنيين صادقين مؤمنين بالتغيير أو مهرولين تجاه دمشق من مسؤولي الأحزاب في ( المجلسين ) : كنا ندعو الى إعادة بناء حركتنا عبر المؤتمر الكردي السوري الجامع زمن الثورة ليس من أجل تعزيز مشاركة شعبنا في الثورة وتثبيت حقوقه الأساسية في تقرير مصيره السياسي والإداري حسب ارادته الحرة عبر استفتائه في سوريا الجديدة المحررة فحسب بل وأيضا من أجل أن يكون شعبنا جاهزا لكل الاحتمالات والسيناريوهات وفي أي وقت عبر حركته الموحدة الشرعية ليساهم ليس في الثورة وحدها بل في النضال السلمي السياسي ومواجهة كل التحديات بمافي ذلك الصراع السياسي مع أعتى الدكتاتوريات وفي كل الأحوال فان الحاجة الى مؤتمر كردي جامع تتضاعف الآن أكثر من أي وقت مضى .

المصدر :الحوار الكردي المتمدن

مقالات ذات صلة

USA